★4 الأميرة وأبنها★

756 13 0
                                    

الفصل الرابع ★★

في هذا الفصل كان البحر ما يزال باردا , فسبحوا في مسبح يموّنه مياه البحر الدافئة , ثم زاروا حديقة الحيوان وأحواض الأسماك حيث لعب داني مع الدرافيل والبطارق والدببة البحرية بسعادة وفرح.
وأخيرا ذهبوا الى الكورنيش ليتناولوا طعامهم ومن هناك شاهدوا حركة الميناء حيث تبدو المراكب وكأنها مصغرة بالمقارنة مع ناقلات البترول العملاقة الراسية في أحواض الأرصفة.
فتح لوجان صرّة الدجاج المشوية واللحومات الباردة والسلطة ولم ينس أن يحضر زجاجات العصير .
علّقت رينا:
" يا ألهي , أنها لوليمة".
" أكنت تفضلين الشاي التقليدي؟".
قال ساخرا وهو يمد لها كأس الشراب ويرمقها بفضول , فأدارت وجهها متضايقة.
سأل لوجان بخشونة:
" لماذا تأخذين موقف الدفاع ؟ مم تخافين؟".
تمتمت رينا:
" لا أعرف ما أحدثك به".
" بلى , تعرفين".
أجاب والأنفعال واضح في صوته ثم أضاف:
" عليك أن تتخلي عن هذا المظهر المقاتل , سأتوصل ذات يوم لأفحامك".
فوجئت رينا ورفعت رأسها فرأت في وجه لوجان تعبيرا غريبا غير مقرؤ , فأستدارت بسرعة لتتحدث الى داني.
وبعد أن تناولوا طعامهم ذهبوا الى الشاطىء , ومكثوا فترة جالسين في السيارة أمام البحر , يتأملون الأمواج التي تتكسر على الصخور وتنشر رذاذها , كما شاهدوا هواة التزلج وهم يمتطون عرف الأمواج , وعلى الرمل أسرة تلعب بالكرة , أضافة الى بعض المتنزهين.
هذه الحركة المستمرة بهرت رينا وجعلتها تتأمل الرجل الجالس الى جانبها : يداه على المقود , وساقاه ممتدتان تلامسان ساقيها , أستدارت الى الخلف مدهوشة من صمت داني فرأته يغط في نومه على المقعد , ألقى لوجان هو الآخر نظرة الى الخلف مداعبا بأصابعه وجنة رينا التي تراجعت بعفوية فطرية ثم قال:
" ما رأيك أن نتمشى قليلا؟".
" فكرة جيدة".
قالتها وهي تشعر بأنها لم تعد قادرة أن تحتمل أكثر من ذلك أقتراب لوجان منها في هذا المكان المغلق والخانق.
سحبت رينا يدها من يد لوجان الذي كان قد أمسكها بعد أن فتح لها باب السيارة بهدوء لكي لا يستيقظ داني , ثم أنحنت لتخلع صندلها , مشيا بصمت على صوت الأمواج التي تقذف أشكالا متنوعة من الأصداف البحرية أخذت رينا واحدة منها ووضعتها في جيبها.
قال لوجان معلقا:
" يا لها من رشاقة مذهلة , أما زال لديك مكان في جيوبك رغم ضيق سروالك....".
أحمرت رينا وأجابت:
" هل هذا نقد؟ ألا تعجبك ملابسي؟".
" على العكس , تعجبني كثيرا , أتريدين أن تعرفي السبب ؟".
أجابت فورا :
" لا".
أنفجر لوجان ضاحكا:
" جبانة , تخافين من أن تسمعي مديحا".
" لا تفسد جمال هذا اليوم , من الأفضل أن نعود من أجل داني".
تنهد لوجان بيأس وتبعها مقطب الوجه , ولدى أقترابهما أستيقظ داني وأبدى رغبته في أن يبني قصرا من الرمل وفورا أستجاب العم لوجان لتنفيذ طلباته , عندما فتح صندوق السيارة وأحضر له دلوا ومجرفة , وأنهمك الطفل في مشروعه سعيدا غير مكترث بالكبار.
قالت وهي تجلس على منشفة:
" لقد فكرت بكل شيء يا لوجان".
أشار بحركة عصبية وقال بحزم:
" سأسبح".
حاولت رينا أن تركز أنتباهها على طفلها , ولكنها لم تستطع أن تقاوم أختلاس النظرات الى ذلك القد الفارع البرونزي الذي يصارع الأمواج بقوته , وعندما خرج من الماء حاولت ألا تعيره أهتمامها فألقى بنفسه بينها وبين داني ونقاط الماء ما زالت تنساب على جسمه الأسمر.
هذا الجسم الرجولي القوي جعلها ترجع بذاكرتها الى تيري فتحركت بعصبية:
" هل هناك ما يزعجك؟".
هزت رأسها نفيا , وأتجهت لتجثو بجانب طفلها لتشجعه على ما قام به من عمل.
قال داني مفاخرا:
"سأبني الآن جسرا".
وفي هذا الأثناء توقفت سيدة عجوز مع زوجها أمامهم لتبدي أعجابها بعمل داني , فقالت :
" يا له من طفل رائع , أنه يشبهك , ولكنه لم يرث شيئا من والده".
وبحركة آلية نظرت رينا الى لوجان ولمحت بريقا خبيثا في عينيه وهو يراقب رد فعلها بمرح , وبعد قليل قام الثلاثة بنزهة على الشاطىء , وكان داني يمشي أمامهم فرحا بكل ما يجده من قواقع وأخشاب وظل لوجان يشرح له عن كل ما يثير أهتمامه وأعجابه .
" أنظر الى هذه الزهرة يا دان ( وأشار بأصبعه الى شقائق النعمان البحرية) أنها في الحقيقة حيوان يبتلع الأسماك".
وقرب لوجان أصبعه من الزهرة , فأطلق داني صرخة أعجاب وهو يشاهد التويج ينغلق على الفريسة.
" هل هذا يؤلم يا عم لوجان؟".
" لا ويمكنك أن تجرب".
أعاد داني المحاولة وهو يقهقه فرحا ثم أمسك سمكة وقربها من الزهرة , وعندما رآها تنكمش داخل القوقعة قال:
" يا له من حيوان مضحك".
" هناك بعض الناس يفعل تماما مثل هذا الحيوان ( أكّد لوجان ) يحتمي داخل درع واق من الصعب أخراجه منها".
صرخ داني ضاحكا:
"ولكن الناس ليس لهم قواقع".
" يصنعون لنفسهم قوقعة في بعض الأحيان".

✼نصف الحقيقة✼ - 🌱دافني كلير🌱- روايات عبير القديمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن