★9 - الخيط الأخير ينقطع ★

969 26 3
                                    

الفصل التاسع ☆☆

وخلال فترة من الزمن عمّ صمت شامل , وبدون أن ترفع رينا عينيها سمعت خطوات لوجان تقترب منها ببطء.
" كرري هذه الكلمات يا رينا".
" أحبك ( همست بها بنبرة أكيدة ) وأريدك منذ المرة الأولى التي رأيتك".
صمت لوجان مرة أخرى ثم قال بلهجة مترددة:
" أنه أعتراف مهم جدا , أتعرفين؟".
ثم ضمها اليه وأضاف:
" لا تقولي أكثر من ذلك , أرجوك ..... هذا يكفي ...... الآن".
تجاوبت بحرارة وهي تحيطه بذراعيها , وتكاثفت اللحظات بينهما وهمست رينا فجأة :
" أحبني يا لوجان....... أرجوك أحبني".
ونظرت اليه رينا يجثو بجانبها بحنان ويبدو أنه كان يبذل جهدا خارقا لكي يتحكم بأندفاع عواطفه.
" أتحبينني؟ ( همس في أذنها ) قوليها أيضا حتى وأن كان ذلك كذبا".
كررت رينا الكلام بصوت منخفض وبحنان كبير وهي في ذروة التفاني .
....... حتى غاصت في نوم عميق , لقد أحست بحاجته لسماع هذا الكلام الذي أستقر في قلبه بحنان أزلي.
وفي صباح اليوم التالي أستيقظت بأسترخاء وكان لوجان يتأملها.
" لوجان".
قالتها ببساطة وهي مليئة بالسعادة :
" نعم؟".
لهجة صوته الهادىء ونبرته الواثقة ملأتها بالرضى.
أجابت وكأن حضوره يكفي ليملأها بالراحة:
" لا شيء.......".
أخذ يديها وبدأن ينظر اليها بحب عندما سمعت رينا فجأة صوتا في الحمام .
" لقد أستيقظ داني".
قال وهو يضحك:
" يا للعفريت.... مع أن اليوم أحد".
حاول أن يشدها وهو يقلد حركاتها , فأطلقت صرخة دعابة وهي تحاول أن تتخلص منه.
دخل داني الغرفة وعندما رآهما يلعبان ويضحكان قفز على السرير وشارك في المعركة بأن أمسك بالمخدة وهجم على لوجان الذي مثّل دور المهزوم.
مرت الأيام مليئة بلضحك والسعادة , وفي هذا الجو السعيد أزدهر داني وتفتح بشكل جميل , ولكن رينا ما زالت تلاحظ ذلك التعبير الغامض الذي يحمل شيئا من الأستجواب على وجه لوجان.
سألته على أنفراد :
" ماذا بك؟".
" لا شيء... ماذا يمكنني أن أطلب أكثر من ذلك".
وذات يوم عطلة نظم نادي الألعاب يوما خاصا تكريما للآباء ليشاركوا أكثر في نشاطات أولادهم , ولكن داني لم يبد أية مبالاة بهذا المشروع.
" أبي لا يستطيع أن يشارك , لأنه توفي , أليس كذلك؟".
" ولكن العم لوجان سيحل محله وهو مثل والدك تماما".
" ولكن كان بودي أن أرى الأثنين معا , أبي والم لوجان ".
هذا الكلام جعل رينا ترتجف , ولكن لم تنقله الى لوجان , ولربما عليها أن تشجع داني لينادي لوجان ب(بابا) هل كان يشعر بحاجة حقيقية للأب؟ مع أنه لا يحمل ذكريات محددة عن تيري... وأنه يتذكره فقط؟
شارك لوجان بالعيد براحة مدهشة , رينا كانت متأكدة أنه يعتني الى درجة كبيرة بداني لأنه كان متعلقا به كثيرا ولكنها لم تصدق أنه يهتم أيضا بالصغار الذين لا يعرفهم , فقد تعلق داني ورفاقه بأذياله وأصروا أن يحكي لهم قصة وحرصت رينا أن تصغي اليه أيضا.
وكادت تنفجر ضاحكة وهي تسمعه يختم القصة ( عاشوا سعداء وخلفوا كثيرا من الأولاد).
بعدها لحق لوجان برينا وقرصها بدعابة من ذراعها وهمس لها:
" تسخرين مني , أليس كذلك؟ هيا أعترفي أن هذا يسليك كثيرا".
لكن داني قاطعهما:
" أود أن ألعب على الأرجوحة".
لقد أصبح أبنهما متسلطا.
" أنت تدفعني بقوة , أنك قوي جدا , ستظل دوما عمي لوجان؟".
" أجاب لوجان:
" نعم أذا كنت ترغب في ذلك".
" أنت ....... أبو ماما؟".
" لا أنا زوجها , وأنت حضرت الزواج , أنسيت؟".
" أم سيمون كذلك تزوجت مرة أخرى من رجل هو أب جديد لسيمون لأن الأول ذهب".
وبصعوبة سأل لوجان بأكثر ما يمكن من الطبيعية :
" حسنا ,وهل هو هنا اليوم؟".
" نعم أنه لطيف جدا".
" وهل يمكنني أن أصبح والدك أنا أيضا بما أنني تزوجت أمك؟".
أهتز داني في الأرجوحة , وأجاب ببساطة وكأنه يقدم خدمة للوجان :
" أتفقنا".
ثم نزل وركض يلحق رفيقه شون فرانش.
أوشكت رينا أن تبكي فأمرها لوجان بقسوة:
" لا تبكي , دان لا يتذكر والده , لقد كان صغيرا".
أضافت بعجلة لكي تختم الموضوع:
" أنت على حق, أعذرني.... تعال سأعرفك بزوج سالي فرانش".
وفي هذه الليلة خافت رينا من شدة الأنفعال الذي عبّر به لوجان عن حبه ..... وفجأة نهض وذهب ليقف أمام النافذة:
" لماذا بكيت هذا اليوم يا رينا؟".
" لا , لا أعرف".
" لنحاول أن نكون دائما صريحين واحدنا نحو الآخر ,لا يمكن أن نبني شيئا متينا على الكذب".
" ولكنني لا أكذب , كنت مسرورة جدا... هذا يصعب شرحه".
" حاولي".
" هل هذا مهم؟".
" بالنسبة اليّ نعم".
" حسنا , كنت أولا حزينة من أجل داني لأنه كان يحب تيري , وبالمقابل كنت سعيدة عندما قرر أن يأخذك كأب له
وبعد فترة صمت طويلة سأل بصوت غريب:
" هل هذه الحقيقة؟".
" لا أستطيع أن أشرح أكثر من ذلك".
" لقد فسرت ذلك بشكل مغاير تماما , ولكنني لم أكن غيورا من تيري عندما كان حيا".
" ليس لديك أي سبب لتكون غيورا الآن".
وفهمت فورا معنى تلميحاته , وبهدوء تام قالت:
" أحبك يا لوجان , أحبك في وضوح النهار وظلمة الليل , في الحنان والغضب , أحبك كل يوم في حياتي".
ثم نهضت وألتحقت به قرب النافذة:
" هل تتذكرين اليوم الذي لويت فيه قدمك ؟ ذلك اليوم فهمت عمق وصدق حبي لك , قبل ذلك , لم أكن متأكدا تماما......".
أخذ نفسا عميقا ثم أضاف:
" كنا نشعر بأنجذاب متبادل .... ولكننا كنا نخفي ذلك عن وعي وأدرك... ولكي ندافع عن أنفسنا أتخذنا موقفا عدائيا متبادلا . حتى أنني تساءلت في لحظة أذا لم تكوني قد وقعت عن قصد لترتمي بين ذراعي".
" أنت تجدني صاحبة حجج , أليس كذلك؟".
" مع أنني كنت أعرف ذلك , ولكنك لم تعطني بارقة تشجيع , ولكنني كنت أفكر كثيرا بحقدنا المتبادل , ندافع عن أنفسنا نحن الأثنين من تضليلنا العاجز ...... أهتمامك وخوفك في ذلك اليوم كان راحة لمشاعري".
" ولكنني رفضت أن أقبله أو أصدقه , أحببت تيري.... كيف يمكن أن أعترف لنفسي بأنني كنت منجذبة الى رجل آخر؟".
" أعرف , بالنتيجة لو كنت قابلتني قبل تيري لما تزوجته".
" نعم , ولكنني سعيدة بأنني لم أهدم سعادة تيري ولا صداقتك .... حتى الناية , ولكن لو عرف تيري...".
قاطعها:
" تيري يعرفه".
" لا , لا , لا يمكن.... ولا شيء يمكن أن.......".
" ليس هناك أي عار في ذلك ( قاطعها لوجان) يا رينا واجهي الحقيقة ولو لمرة واحدة , وألا فأن أحساسك بالذنب سيدمرك ويدمرنا بالتالي , ليس هناك أي شيء يمكن أن ينال منك , أحببت تيري وأخلصت له , ولست مذنبة أذا أحببت رجلا آخر , ولا أكثر من ذلك , وعلى كل حال , أن أخلاصك لتيري جعلك أغلى في نظري.........".
" لكن....... أذا كان تيري يشك؟".
" لقد كان هذا الموضوع يسليه".
وترك لرينا الوقت لتفهم معنى كلامه ثم تابه بهدوء:
" أعرف أن هناك بعض الجوانب لا تزال مجهولة تماما بالنسبة اليك , فالرجل لا يكشف لزوجته ما يكشفه لأعز أصدقائه.... تيري لم يكن خبيثا على الأطلاق ولكنه كان....... حسودا , لم يكن يعتبرني كبطل , كما تصوّرت أنت , لكنه أراد أن يتشبه بي , والله وحده يعرف السبب , لأنه هو أيضا كان شابا لامعا بما فيه الكفاية , غيرته تدفعه بأستمرار أن يؤكد تفوقه ,ولم أكن أعير ذلك أية أهمية لأن هذا كان من طبعه وكان يملك قيما كثيرة غيرها تجعلنا نتغاضى عن بعض النواقص....".
أصغت اليه رينا بأنتباه شديد دون أن تقاطعه , تابع:
" سأروي لك بعض الحوادث التي قد تساعدك على الفهم أكثر , في المدرسة لم يكن لدينا الكثير من اللعب ,وذات يوم تلقّى هدية عبارة عن سيارة أطفائية , أعجبتني كثيرا فعرضت عليه أن أبادله مع الكميون الذي لديّ , ولكنه رفض وكان ذلك من حقه , ولكنه لم يتركني ألعب بسيارته ولو لمرة واحدة بل كان يتباهى بها أمامي ولا يسمح لي بلمسها , وهذا أرضى كبرياءه وأعطاه نوعا من التفوق عليّ...".
سكت قليلا ورينا متعلقة بشفتيه تنتظر الباقي:
" وعندما تنبهت لمشاعري نحوك قررت أن أبتعد , وكنت أميل الى الهجرة الى أستراليا , ولكن تيري رفض ذلك , تيري أراد أن يحتفظ بنا نحن الأثنين الى جانبه , وهو من ناحية أخرى يثق بنا , ولكن النقطة الأساسية هي أنه تزوج من أمرأة كنت محبا لها , وهذا ما أسعده ,لأنه هو الذي تزوجها وحرمني منها".
" وبالتالي كان يشك بمشاعري أيضا؟".
" أنا شبه متأكد من ذلك , ولكنه كان مقتنعا من أنك لن تخونيه".
" مع أنه هو أيضا لم يكن مخلصا لي".
تحرك لوجان بعصبية وقال:
" كانت كذبة , عندما قلتها لك".
" لا بل كنت حقيقة , لقد أعتبرك كنوع من الدون جوان وحاول أن يقلدك أيضا؟".
" ربما .... على كل حال , عدم أخلاصه لم يكن ألا مجرد لقاءات عابرة ..... ولم يحب غيرك".
خيم صمت كئيب لفترة ثم قالت رينا:
" زواجنا كان سيسره على ما أعتقد....".
همست وكأنها تريد أن تطمئن نفسها , وبعد فترة صمت طويلة أجاب بخشونة:
" تيري كان يفضل أن يدمر سيارة الأطفاء على أن يعطيني أياها".
أغمضت رينا عينيها بألم , لكن صراحة لوجان ضرورية , أن حبهما الجديد يتطلب تدمير الأوهام القديمة الكاذبة.
" ولكنه طلب اليك أن تسهر علينا ؟".
" نعم , وعدته بذلك , ولكن هذا لا يعني شيئا , لأنه لم يكن يعتقد أنه سيموت , وحتى لو أدرك ذلك فأنه لن يفكر بالزواج بيننا , لأنه كان يعتقد أننا سنتابع لعب المسرحية كما كنا في حياته أخلاصا لذكراه ... ألم تتصرفي كذلك يا رينا؟".
" يا ألهي".
ظل لوجان صمتا , لم يكن يجهل شيئا من أفكار رينا ولكنه تركها تشكل أحلامها بحرّية , فكرت رينا طويلا وهي فريسة لهذا الألم اللأخلاقي الفظيع ألى أن قطع هذا الصمت:
" تزوجتك من أجلي أنا , لم أفكر لا بتيري ولا بداني".
" تيري كان سيجن من الغضبوالألم أليس كذلك؟".
" نعم".
أجابها بدون أنفعال, فتنهدت رينا وأسترخت.
" لم يعد لذلك أهمية الآن ".
لقد قطعت آخر خيط يربطها بالماضي , وتابعت تقول:
" أحببته , أنت تعرف ذلك ولكن هذا الحب أصبح يخص الماضي , لم أكن محبة لك في ذلك الوقت ولكنني شعرت بأننا سنتحابب يوما ما , حتى واو رفضت أن أعترف بذلك , ولقد آن الأوان يا لوجان".
" يا ألهي ( تنهد بحرقة ) أنتظرت طويلا جدا هذه اللحظة يا رينا".
تعانقا بأنفعال , وأقسمت له مجددا على حبها الكبير , ولم تكن بحاجة الى كلمات لكي تعبر بها .
تلاشت الأوهام والشكوك .
وأخيرا يمكن للوجان أن يصدقها.

تــمـــت(✿◠‿◠)

🎉 لقد انتهيت من قراءة ✼نصف الحقيقة✼ - 🌱دافني كلير🌱- روايات عبير القديمة 🎉
✼نصف الحقيقة✼ - 🌱دافني كلير🌱- روايات عبير القديمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن