"إِنَّهَآ هِيٓ"

727 8 0
                                    

فيِ صباحِ يوم مُشرق إستيقظت بطلتنا على صوتِ زقزقةِ العصآفير و أشعةُ الشمْس اخترقت زجاج النافِذة لتداعبٓ وجههآ فتُظهرٓ إثرٓ ذلك ملامحٓ إِنزعاجٍ على تلگ التيِ أفسدتْ نومهآ العميقْ

استٓقامتْ بعدهآ بجزئهآ العلويٍ لتتثائبٓ بنعاسٍ قبلَ أنْ تدلِف الحمامٓ و تغسِل وجههآ  و تقومٓ بروتينهآ المعتادْ إِلى أنْ قاطعهآ دخولُ والدتهآ التيِ باشرتْ تعاتبهآ بانزعاجْ

"ألا تعلمين كم الوقت الآن؟ لقد تأخرتِ أيتها الكسولة!"

زفرتْ منارْ هوائها لتجيبٓ والدتهآ بهدوء

"ليست لديَّ حِصصٌ اليومَ أُميِ ،وَ لا أَظنُّ أنهُ بإِمكانيِ حضورِ تِلْكٓ الذِكرى"

"كَيفٓ تقوُلينٓ هذاَ عزيزتيِ ، هلْ تظنينَ أَنهآ كانتْ ستسعدُ بِغيابِ صديقتِهآ الوٓحيدة فيِ ذِكرى وفاتِها؟"

"أرجوكِ أميِ توقفيِ عنْ ذِكرِ كلمة وفاةْ، أخبرتكِ أنها لازالتْ حيةً فيِ قلبيِ ، لا تجعليهآ ميتة!"

أفرجتْ عن تلكَ الكلماتِ بقلبٍ متألمٍ و عيونٍ دامعةٍ لتتقدمَ منها والدتهاَ آخذةً إياها في حضْنٍ عميقٍ لعلها تخففُ عنها ألمها ، ألمها الذي بدأَ من لحظة فقدانهآ لتلك الصديقة الوحيدة ، تلك الصديقة التي كانت لهآ أختا أكثر من كونِها صاحبة ، تلك التي غمرتها حنانا و مودة و لم تذق طعم الصداقة الحقيقية إلاّ من عندها! تلك التي كانت تشبهها شكلا و أخلاقا و مواقفا ، تلك التي لم تحتقرها لفقرها بالرغم من أنها كانت من طبقة مترفة من غناها ،
لم تهتم للمادةِ بل أحبتها صديقةً لهآ لروحها الصافيةْ!...

"أميِ ، لقدْ ظننتُ أن ألمِي قدْ يخفُّ بعدٓ مرورِ السنينْ لكِنّ ذلِك لم يحدثْ! لقدْ اعتدْتُ وجودهآ في حياتيِ ، أنآ حقاً أفتقدهآ"

تألمت الأم لكلام ابنتها لتزيد من عناقها لعلها تخففُّ عنها وجعهآ ..

بعدة مدة تمالكت منار نفسهآ و مسحت دموعها لتستقيم بعدها مخاطبة والدتهآ

"حسٓنآ أمِي سأذْهبُ و لنْ أُحِسَّ بالضُعفْ ، أَعِدُكْ"

.
.
.

في غرْفة أقل مايقال عنها ظلامْ ، يتربع ذاتُ الهالةِ السوداءِ على مكتبهِ و الملامحُ الباردةُ قدْ أكَلتْ وجههْ، كان ينظرُ في الفراغْ بدونِ أي تعابير تُذكرْ ، صانِعا بذلك لوحةً تخيفُ أيّ ناظرٍ لهاَ ...
لم يطُلِ الأمرُ كثيراً ليرفعَ ناظِريهِ ناحيةٓ تلكَ اللوحة التي كانت معلقة في الحائطِ المقابلِ لسريرهِ ، لم تكنْ إلا لوحةً تحمل ملامح تلك التي اشتاق لها حد الجحيم ، تلكٓ التي رحلتْ و تركتْه وحيداً ، تلك الوحيدةُ التي كانت تفهمهُ و تبثهُ حنانهآ ، حنانٌ لم يجده من والديهِ الذينٓ تركوا الدنيا و هو في عمر الزهورْ ، تلكَ هي أختهْ ، و اليومُ هو ذكرى وفاتهآ الذي كان ولا يزالُ يشعِره بقربها منهُ و كأنهآ تدور حوله ، فمنذ وفاتهآ لم يتركْ ذكراهآ تمر من دونِ أن يقيم لها يوماً يتبرع فيهِ لكلِ محتاج و يتيمٍ لكي يحس بسعادة ِ أخته و هو متيقن أنهآ تنام بسلام في قبرهآ ..

تَحْتٓ عَرِينِيِOù les histoires vivent. Découvrez maintenant