حِيرَةٌ و تَساؤُل: لمَ لا نتحرر؟

38 2 0
                                    


أشعر بحيرة عارمة تدب في كل فص من فصوص مخي، إنه لشعور مقيت ومتعب بحق.. يجعلني أتساءل بكد وإلحاح لدرجة أني أكاد أطرح هذا التساؤل الذي أنهك عاقلتي على كل غريب قد يمر بجانبي، أتخيل نفسي إن بقيت على هذه الوتيرة من التفكير مجنونةً تستوقف المارة سائلة إياهم بهستيرية: " أخبروني هل من الخطأ أن يتصرف الإنسان بإنسانيته التي جبل عليها لا كما يراد له أن يُصْطَنع و يُبَرْمَج فيكون مكينة قاصرة بتعليمات محددة؟" ويعلو صوتي لأردف: " أ يعد إثما أن نكون بشرا، نتعايش بسلام مع نقصنا ونتوقف عن ادعاء الكمال وتحري المثالية؟"

صدقا.. متى وجب علينا أن نصير هكذا نسخا متكررة لا تخلو من الإعادة التي لا تحمل نفعا ولا تنطوي إلا على أطنان من الضر؟ متى صرنا عبيدا للعادة وقد خلقنا الرب أحرارا، مقيدين بسلاسل التقاليد ونجر أثقال العرف التي ليس لنا بها حمل ولا طاقة؟ نلف أحبال المشنقة حول رقابنا ونعتلي منصة الإعدام بخضوع وخنوع ظنا منا أننا في الواجهة والصدارة، ندق أعناقنا رويدا رويدا وببطء شديد وفي صمت مدقع باستسلام تام، نذعن للذل والهوان هكذا وفقط ببساطة، نجلس أعلى خازوق ينخر أدبارنا وأجوافنا حتى تفيض أحشاؤنا من أفواهنا، ونستلقي على الألواح لنصلب..

فقط أخبروني من ذا الذي جعل بكاء الرجل انتقاصا من رجولته، وطيب أخلاقه وحِلمه ولينه مع النساء ضعفا لشخصيته، ومن ذا الذي فرض على الفتاة أن تنحني للذكور وتعيش في الظل ذليلة؟  وعد رفضها ومعارضتها لذلك و جرأتها تمردا وعهرا وفسوقا، وأوجب نحرها حتى تسيل آخر قطرة دم في عروقها.. هذا هو الواقع الذي لا يمكننا أن ننكره سواء إناثا كنا أم ذكورا.. أننا نعيش في مجتمع متعفن ومازلنا ساكتين متبلدين.. سامحين بأن نوصم بالعار كل مرة.. لا العقل ولا العاطفة ولا حتى الشرع سن ذلك أو أباحه فلما نفعل ذلك بأنفسنا؟

دعونا نكن أنفسنا.. لا كالعجين الذي يصب في القالب ويطهى فيأخذ شكله ولا يتغير بعد ذلك..

دعونا نكن نحن.. لا الصورة التي رسمها غيرنا..

نعش .. نضحك.. ننفعل أحيانا ونحزن.. وهكذا دواليك..

لمَ لا نتحرر وكفى؟

أفكار نرجسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن