تجلس و قد تملكها توتر شديد من القادم ، دق الباب مُعلناً وصول عمها و زوجته ... و ابنه
تلاقت عيونهما ما أن دخل المنزل ، ارتفاع بسرعة نبضات القلب ، فرحة ، خوف ، مشاعر تنتظر أن تخرج منذ مدة طويلة ....
وقفا امام بعضهما ليقول بـ إبتسامة لا تعلم هل تظهر أم لا :
- عاملة ايه ؟
- الحمدلله
لم تكمل ردها عليه حتى دفعتها زوجة عمها لتدخل إلى الشرفة معها
و بعدها ...
- ازيك ؟
- الحمدلله
- كنت عايزة اقولك على حاجة بس ، الحال ده مش هينفع يفضل اكتر من كدة يا حبيبتى ... القرار بـ إيدك انتِ بس دلوقتى
- مش فاهمة !
ابتسمت و قالت :
- هتفهمى
خرجت و تركتها فظلت هى مكانها ، نظرت إلى السماء و تنهدت و حاولت التنفس بصورة افضل لعل ضربات قلبها المتسارعة تنتظم
و لكن ما أن انتظمت قليلاً حتى تسارعت بقوة اكبر مرة اخرى عندما سمعت صوته من خلفها يقول :
- وحشتينى ...وحشتينى اوى يا عِشق
لا تعرف ماذا تفعل اتلتفت له و تواجهه ؟ ام تبقى كما هى حتى لا تواجه عيناه ؟
قررت ان تبقى كما هى حتى لا تفضح عينيها الدامعتين عن مشاعرها
قال بصوتٍ باكى :
- عارف انك بتعيطى
انفجرت باكية فلا حاجة من اخفاء بكائها الان فـ فى كل الحالات هو يعلم ...
- عِشق انا كنت عايز اتكلم معاكى بقالى اكتر من سنتين بس فى كل مرة كنت بخاف ، بخاف تقوليلى مش هينفع نرجع ، كان نفسى اجى و اقولك انا غبى و اعتذرلك و تقوليلى محصلش حاجة و نرجع زى ما كنا ...نرجع اعز صحاب لكن كنت بخاف تقوليلى انك هتسيبينى و انك قولتيلى انى مش هلاقيكى ...
قاطعته قائلة ببكاء ممزوج بالانفعال :
- عشان انت غبى ، تفتكر يا غبى بعد كل السنين دى هقطع علاقتنا ببعض؟ انا مش غبية زيك ! ، انا اغبى منك عشان مش هقولك ابعد بعد اللى انت عملته ، انا بقالى 3 سنين بحاول اكرهك فاهم يعنى ايه 3سنين بحاول اكره حد و ماقدرش ! انا ماكنتش عايزة حاجة غير انى انسى وجودك زى ما انت نسيتنى و اكمل حياتى زى ما انت كملتها ، بس حياتى ناقصة من غيرك ...
- اسف
- غبى
ضحكا هما الاثنان من بين بكائهما ، قال :
- ادخلى جوا
عقدت حاجبيها و مسحت دموعها قائلة باستغراب :
- ليه ؟
- عشان مانع نفسى انى احضنك بالعافية
- ماتقدرش اصلا
- انتِ بتستفزينى عشان احضنك صح ؟
- اخررررس
ضحك و ضحكت هى الاخرى فهما دائماً ما يتم الصلح بينهما ببضع كلمات بسيطة ...
عبست من جديد و قالت :
- و لورين ؟
نظر هو الى الارض و قال :
- قولتيلى هتاخد منها قلم هيفوقك .... و ادينى خدته
نظرت له مُشفقة على حاله فكيف وصل بهما الحال الى هذه اللحظة
- قدرت تنساها ؟
- انا مش فاهم ازاى بس انا نسيت حبى ليها ، بس مش هنساها لأنها كانت سبب فى ان حاجات كتير اوى اتغيرت
سألته و هى تريد ان تعلم بشدة الاجابة :
- ازاى نسيت حبك ليها !
نظر لها بألم فلقد تأكد مما كان يفكر به :
- بييجى وقت يا عِشق بتنسى فيه حبك للى قدامك مهما كانت درجة حبك ليه لما هو يبخل عليكى بحبه ، باهتمامه ، بـ ابسط الحاجات اللى ممكن تبقى محتاجاها ، بييجى وقت و بيكون الاوان فات ان كل حاجة تتصلح و مافيش ساعتها ولا مسامحة ولا غفران ولا فرصة تانية ، مشاعرك بتكون بقت باردة ناحية اللى بتحبيه كأنك عملتى اللى عليكى و زيادة لدرجة انك مش قادرة تعملى حاجة تانية
جلست حوالى خمسة دقائق صامتة و لكنها عادت تقول من جديد :
- ثانية واحدة يعنى احنا كدة بجد رجعنا زى ما كنا !
ضحك هو و قال :
- انتِ احسن منى بكتير يا عِشق عشان كدة قبلتى اعتذارى
صمت ثوانٍ قبل ان يتابع :
- بس مسامحانى ؟
صمتت فهى لا تستطيع أن تخبره بشى لا تعلمه
- يعنى لـ اما محتارة لـ اما مش مسامحانى
- محتارة ...
نظر الى الارض و هو يقول :
- عارف إن اللى انا عملته محدش يسامحنى عليه لأن انا مش مسامح نفسى اصلاً ، بس ارجوكى لو قدرتى فى يوم سامحينى يا عِشق
- اللى بيحب مش بيبقى شايف غير اللى بيحبه
نظر الى عينيها بحزن و هو يريد أن يعتذر لها على كل شئ و ليس ما فعله فقط ، كان يريد أن يعتذر لها لأنه لا يستطيع أن يحبها كما تحبه و كل ما استطاع قوله :
- اسف
نظرت له و حركت رأسها يميناً و يساراً كى لا يعتذر
سمعت نداء والدتها فذهبت لها و يكتمل اليوم بتجمع عائلى اشتاقوا له جميعاً ......
***********************************
تجلس بغرفتها و هى تلعن غبائها و تلوم قلبها فها هو يُعيد ما فعله من قبل ، لقد سامحه ... و كيف يسامحه و هو مَن حطمه ؟ و لكن كيف لا يسامحه و هو جزء منه !؟
اخذت تبكى على غبائها فهى لا تريد أن تستمر بحبه ، تريد أن تعيش بقلب لا تزداد نبضاته عند رؤيته ، عند سماع صوته ، عند ذِكر اسمه .... لقد عاد و لا تستطيع ان تمنع نفسها من أن تكون بجانبه
قاطع بكائها رنين هاتفها مُعلناً عن اسم "شهاب"
ردت بصوتٍ باكى ، كان صوتها مثل الاطفال عند البكاء فهى تشبههم فى طريقتهم و طيبتهم و برائتهم :
- الو
قال بلهفة :
- مال صوتك فى ايه انتِ كويسة ؟
- اه ... لا ... اوف معرفش
- اهدى طيب و قوليلى فى ايه
- انا غبية
- ليه ؟
- عشان غبية
قال بنفاذ صبر :
- لا إله إلا الله ، فى ايه يا بنتى انطقى
- قولتلك غبية
- اقفلى يا عِشق و امسحى رقمى من عندك
- ما انت هتبعد عنى عشان غبية
- يا غبية انا مستحيل ابعد عنك
اخذت تبكى من جديد فقال بحنان :
- اهدى يا حبيبتى و قولى مالك
حاولت ان تُهدئ من بكائها و قالت :
- سامحته و كلمته ولا كأن حصل حاجة من اول كلمة قالها ، سامحته و اتكلمت معاه زى الاول كأنه ما جرحنيش يا شهاب !
قصت عليه ما حدث بالتفصيل فلم يستطيع ان يمنع نفسه من سؤالها :
- حسيتى ب ايه لما شوفتيه ؟
- زى ما كنت بحس ، شريط حماقى اشتغل فى قلبى و مابقتش عارفة اعمل ايه زى العيال الصغيرة كل اللى عملته انى قولتله مسامحاك زى ما يكون فى حاجة هى اللى بتخلينى اقوله كدة
- بتحبيه زى الاول ؟
صمتت لحظة قبل ان تقول :
- لا ، انا حبى ليه مابقاش زى الاول ...بس لسة موجود !
تابعت بانفعال :
- ما هو الجزمة ده عامل زى عفريت العلبة ماينطش غير لما اكون مش عايزاه ، حيوان ، حقير ، غبيييييييى ، انا بكرهه
قال بتهكم :
- بتكرهيه ؟
- اه كرهته و بكرهه و هكرهه ...عشان حبيته و لسه بتنيل احبه وشكلى هفضل احبه
صمت هو فلا يستطيع ان يرد على كلامها ، قلبه يؤلمه بشدة كلما نطقت بتلك الكلمات ....كلمات حبها لغيره !
تابعت بعزم :
- بس لا يا شهاب انا مش هفضل كدة طول عمرى لازم ارجع زى ما كنت ، لازم ارجع احبه زى اخويا ، ماينفعش افضل كدة
- هتقدرى !
- اه هقدر انا حبى ليه مابقاش زى الاول ، انا مش عارفة احبه زى الاول ، مش هعرف افضل احبه و انا قلبى نسى الفرحة بسببه !
انت بتفرح لما تشوف اللى بتحبه و بتبقى عايزه جمبك طول الوقت ، انا بفرح فعلا لما بشوفه و ببقى عايزاه يفضل معايا بس عشان كلامنا زى زمان وحشنى ، انا احساسى ناحيته مش زى الاول ... فاهمنى يا شهاب ؟
- فاهمك يا عِشق
صمتت ثوانٍ قبل أن تقول له :
- انا بحبك جداً على فكرة
تسارعت دقات قلبه بشدة و اذا كنت بجانبه لتسمعها من شدتها ، تضاربت مشاعره و كأن جميع المشاعر تجمعت مع بعضها البعض فى هذه الدقيقة ليشعر بها فى آن واحد
- نعم !
- ايوة انت الوحيد اللى بتقف جمبى يا شهاب لما اكون محتاجة حد جمبى و حتى لو مش محتاجة بحسك معايا فى كل الاوقات ، انت رديت ليا حياتى لما كانت بعيدة عنى
لم يكن باستطاعته أن يرد بشئ غير ما يشعر به حتى و لو كانت مشاعرها تجاهه ... صديق مقرب فقط ! :
- و انا كمان بعشقك يا عِشقى
شعرت بشعور غريب عندما سمعت كلماته ، شعرت بعشقه يتسلل إلى قلبها ليخبرها عن مدى عشقه لها
قال بحب :
- روحى ارتاحى و نامى و ماتفكريش فى حاجة
- حاضر
صمتت لحظات قبل ان تقول ببلاهة :
- ايه ده انت اصلا كنت بتتصل ليه
اخذ يضحك و قال :
- كنت عايز حد غبى ارغى معاه فـ جيتى على بالى
- ماشى
ضحك اكثر و قال :
- يلا روحى نامى
- حاضر
- حبيبتى تسمع الكلام ياخواتى
- اه انا شاطرة و بسمع كلام مامى
- انا بقيت مااااااامى !
ضحكت و قالت :
- خلاص بابى ماتزعلش نفسك
- نومة هنية
- ليك و ليا
- يرزقك بالبراغيت اللى هى ... و يخليكى يا عِشق ليا
ابتسمت و قالت :
- و يخليك يا شهاب ليا
- سلام
- سلام
اغلق ليسبح مع كلماتها فى فضاء عِشقه ... و كأنها نجمة لامعة على خلاف باقى النجوم جذبت انتباه الشهاب بلمعان عِشقها
ترددت كلماتها بداخله لتحرك قلبه النابض بحبها ...
نام و للمرة الاولى منذ فترة ... قلبه ينبض فرحاً ... بعِشقها
****************************************
كانت تفكر و لكن ماذا يحدث لها !
لا تفكر بـ "إسلام" و إنما بـ "شهاب" ، هذا الشهاب الذى يساندها للوقوف عندما تتعثر بحبها الذى تريد التخلص منه
فكرت كثيراً و حان وقت القرار ، ستتخلى عن حبها لتستمر حياتها و مهما حدث لن تضعف مجدداً ....
**************************************
يريد أن يعودا كما كانا ، اخوة ، اصدقاء مقربين ... لا يستطيع الابتعاد عن مُنقذته و لكنه لا يستطيع الاقتراب بسبب شعوره بأنه يسبب لها الأذى ! فماذا افعل يا "عِشق" إن كان وجودك بحياتى مثل الداء و الدواء !؟ ....