الفصل الحادي عشر

767 37 46
                                    

لا تدري أكان ذلك الحوار حُلما ام حقيقة ولكن ما تعلمه جيدا ان ما تراه الآن ليس حلما، ها هي تقِف أمام عائلته، جميعهم يبحلقون فيها بتدقيق وكأنهم يشاهدون مسلسلهم المفضل.

اضطربت بقلقٍ ولا تدري إلى كيف استطاعت الحفاظ على توازنها إلى أن قدمت لهم القهوة، وهل هي تعود لتقف أمامه تطالعه بعينان تائهتان بينما يتسلى هو برؤية ذلك الارتباك اللذيذ الذي يلون وجهها الأبيض.
عادت لتجلس بجوار أخيها وهي تعدل من حجابها للمرة المئة بعد العشرين واصابعها المسكينة غدت حمراء كفاكهة طازجة.
في تلك اللحظة وهو يراقبها تلاشى كل ذلك الألم الذي عاناه بغيابه لتُطبع صورتها تلك على جدار ذاكرته إلى الأبد وهو يلمح حُبّا يعلم تماما انه لم يزول من قلبها، يال الأسف على عشر سنواتٍ من الغُربة!

- إذن يا علي، كما تعلم نحن هنا اليوم لنطلب يد اخت سيادتك لأخينا همام، فما رأيكم؟
تحدث فاروق ليقطع الصمت ليجيبه علي وهو يشعر بالوحشة، فلا أحد لديهما ليدير هذا الحوار:
- نحن نتشرف بطلبكم، لكن اكذب عليكم فهمام قد أبلغني بالأمر منذ فترة وقد سألت عنه كما تقتضي الأصول.
ارتفع حاجب همام بشرّ وهو يحاصر هيفاء بعينيه التي تهمس إليها بإستهزاء:
- سأل عني يا هيفاء! وانا الذي تعرفيه ككف يدك.

اسبلت جفنيها بعذاب وهي تفرك أصابعها بتوتر لترق نظراته نحوها غير راغب بشيئ في هذه اللحظة سوى أن يمسك بيديها ويخبئهما بين يديه إلى الأبد.
- انا موافق على طلبك يا همام ولكن الرأي الأخير بالتأكيد سيكون رأي هيفاء، هي من ستعيش معك وانا ادعم اي قرار تتخذه.
ارتفعت عيناها بصدمة نحو أخيها، ليس هذا ما اتفقا عليه، لقد أخبرته انها تحتاج لوقت للتفكير، لماذا يضعها أمام الأمر الواقع!

امسك بيدها يطمئنها
- هيفاء حبيبتي لا داعي للقلق، سيكون كل شيء على ما يرام، انظري همام هنا ومعه كل عائلته، الا يدل هذا على أنه يريدك بالرغم من كل شيئ.
همس علي بأذنيها عندما شعر انها سترفض لترفع نظراتها نحو همام الذي افلتت منه لمحة خوف من أن ترفضه وكم آلمتها تلك النظرة، لقد انتظرها طويلا بعد كل ما فعلته بحياته، وأقل ما تستطيع منحه اياه هو أن لا تكسره من جديد، ها هو يطلب يدها بالرغم من كل شيئ، الا يعني هذا انه بافعل يحبها ولم ينساها؟! الا يكفي أن عائلته وافقت على زواجه من امرأة بظروفها، امرأة مطلقة ولم تنجب طوال سنوات زواجها العشر بحسب ما يعرفه الجميع.

اغمضت عينيها عل تلك العيون التي تطالعها بترقب تختفي ويكون كل هذا الحوار مجرد حلم الا انه لم يكن كذلك، ويتوجب عليها أن تقرر الآن ما إذا كانت ترغب بالزواج من حب حياتها ام لا.
- انا...
همست لينظر نحوها الجميع تتراوح نظراتهم من الترقب والغضب، ذلك الغضب الذي يسيطر على والدته التي لا تعلم كيف لهذه الفتاة الضعيفة المتردد أن تسبب لب ابنها بل والي الآن تتمنع وكأن لديها خيار آخر.

رِياح الصِباحيث تعيش القصص. اكتشف الآن