الفصل الثالث

811 57 121
                                    

على وجنتيكِ يحُطُّ الحمام
تنامُ صِغار الورود حيارى
فموطنهُنّ غزاهُ الحمام
فتسكن منصاعةً بين ثغرٍ
يحلو على طرفه الإبتسام
وتهمس في كل يومٍ وليلة
صغار الحمامٍ حرامٌ حرام
على الثغر لون الورود
وللحرب بِيضُ الحمام

.
.

نار، نارٌ اشتعلت فجاةً بقلبها، بُركنًا زلزل كُلّ كيانها وهي تشعُر لأوّل مرّةٍ بالإنهِزام، شعورًا مُرًا كالحنظل راودها وهي تتخيّلُ الى ايّ مدى وصلت علاقته بنغم، ما الذي منحته إياه ليُتبِع اسمها بقلبٍ احمر، ذلك القلب الذي كان سبب سعادة مُراهقتها البريئة في كل مرّة يرسله لها ولسذاجتها تظُنّ انّه يمنحها حُبّه.
آهٍ يا مُرتضى! ما الذي فعلته لكَ ليكون جزائي هذا الألم؟!

لم تدري كيف مرّت تلك اللُقمة من حلقها، تخشّبت تمامًا غير قادِرة على الإتيان بردّة فِعل، عليها الآن ان تصرخ به، تصفعه ربما، او تخبر الجميع ان زوجها الذي احتفل قبل بضعة اسابيعٍ بعيد زواجه منها يخونها، ومع من، مع اكثر امرأةٍ اذتها في حياتها.
- الى اللقاء.
هذا كل ما استطاعت قوله قبل ان تحمل حقيبتها وتُغادِر، صعدت بسيارتها وكل خلية بداخلها ترتجفُ قهرًا.. تريد ان تبكي ولكنها تكره ذلك.. تكره ان تكون الخاسِرة.. لو مات لن تبكي عليه، ليست هي من تنتحبُ على اطلال رجُل.

ظلّت تدور بسيارتها بغير هُدى الي ان هدأت قليلًا فإلتقطت هاتفها لتصغط على احد الأرقام وتقول:
- يجب ان نلتقي... حسنًا، سأكون هناك بعد قليل.
اتجهت مباشرةً نحو الشاطئ لتجده يجلس على احد الصخور بإنتظارها... اقتربت منه وما ان جلست بجواره حتى همست بصوتٍ مُتعبٍ من كُلّ شيء:
- مرتضى يخونني.
- هذا ليس جديدًا عليه، اعلمُ انّهُ وغدًا منذ زمن.
هكذا كانت إجابته وهو ينظر للنهر بهدوء لتُردِف بقهر ودمعةً خائنة تتسرّبُ من عينها:
- يخونني برفقة نغم، ابنة توفيق...

- ابنة زوج والدتكِ؟!
تسائل مقطبًا جبينه وشعورًا بالغضب يجتاحه عندما اومأت بضياعٍ ليهتف بحنق:
- ماذا حدث؟! هل طلبتي الطلاق؟! كيف كانت مواجهتكما؟! اخبريني.
- انا لم اواجهه.
هكذا قالت وهي تمسح دموعها التي تزداد ليهتف بحدّةٍ اجفلتها:
- هل ترغبين بأن يُصبح لديه منها اطفال ام انّكِ تُفضّلين تسرُّب احد لقائاتهما للصحافة لتغرقي معه بفضيحة مدوّية؟! لماذا لم تطلُبي الطلاق الى الآن يا غبيّة؟!

- لأنني خائفة! خائفة من كل شيء.
هتفت وهي ترتمي بين ذراعيه تنتحب بحُزن، ولم تدري انه توتّر للحظةٍ واحدة قبل ان يحيطها بذراعيه متمتمًا برفق:
- إهدأي عزيزتي، لا تبكِ ارجوكِ، وانا مُستعِدٌّ للذهاب إليه وتكسير عظامه.
ازداد بكائها لتزداد شحنات غضبه نحو مرتضى ليقول بصدق:
- صدقيني يا كهرمان كسر واحد في إحدى يديه قد يشفي غليلي ويبعده عن تلك السلعوّة.

لو كان بإمكانها لكسرت هي قدميه ويديه واقتلعت قلبه بين يديها ولكنها وصلت لمرحلة غريبة من التبلُّد لدرجة انها تشعُر الآن بالألم فقط لأنها امرأةً لا يجِبُ ان تُخان، اما هو فلم يعُد يهمها على الإطلاق.
- ما رأيكِ ان تتركي له المنزل، قد يعقل حينها.
ابتعدت عنه وهي تبتسِمُ بحُزنٍ وقالت:
- شكرًا لك! لا اعلمُ كيف اكافئك على وقوفك الدائم بصفّي.
- اجلبي لي عروسة وصدقيني سأقفُ بصفّكِ الى الأبد.

رِياح الصِباحيث تعيش القصص. اكتشف الآن