الجزء الثالث

64 4 1
                                    

يوم الأحد قبل حُدث الجريمة .

"سيدة مليحة، سيأتي أحد ابنائُكِ لزيارتك " 

تحدثت مليحة وهي تجلس على كرسيها الهزاز أمام النافذة تراقب سقوط حبات الثلج الصغيرة، وتدفء يدها بكوب شاي : 

" ومن هذا الابن المحترم حتى يعلمني قبل وصوله " 

أما الآخرة فلم تجد ما تقوله فهي تعمل لدى مليحة وعند وصول هذه الرسالة لها قررت إيصالها بشكل لائق لربة العمل، أطلقت مليحة ضحكة قصيرة،بالرغم من كبر سنها وامتلأ وجهها بالتجاعيد وتحول لون شعرها للأبيض إلى أن لديها القليل من الصحة التي تُمكينُها من قضاء بعض حوائجها دون الحاجة لمساعدتها سحر: 

" لا تكمشي ملامحك هكذا، يبدو شكلك مضحك حقًا، كنت امزح، انا حقًا اشكرك لكونك موجودة معي الى الان وانك بجواري، وانكِ تعملِ بإخلاص وجد " 

 ابتسمت لها سحر الفتاة الثلاثينية، تحدثت بعدها : 

" هل اقوم بتجهيز غرفة الضيافة، وارتب احد الغرف حتى يمكُث فيها !" 

" نعم عزيزتي " 

انطلقت من فورها بحماس تقوم بعملها، فهي لا تعمل كثيرًا في منزل العجوز كل ما تقوم بفعله هو إعداد الاطعمة وتنظيف الاطباق، إلى إذا وجدت القليل من الغبار في مكان ما تقوم بتنظيفها بسرعة .

عادت بنظرها لحبات الثلج والشارع المُغطى باللون الابيض وهناك خطوط اقدام وسيارات، تنفست بعمق وهي تشاهد الشارع وكل جزء فيه متوشح بالبياض وكأن الأرض تُعلن عن زفافها .

***

حل المساء واختفت الشمس ليقبع مكانها القمر بأشعته الخفيفة، عاد كل أب لمنزله بعد يوم مليء بالعمل، يلتمسون الدفء من عائلاتهم.

" سيدتي، حان وقت رحيلي " 

" تستطيعين المغادرة " 

" لكن إِبنُكِ لم يحضر إلى الآن " 

" لا تقلقي أنا سأقوم بضيافته أنتِ أرتاحي وعودي للمنزل بأمان " 

تقدمت سحر من السيدة العجوز واحتضنتها بحنان وابتسمت لها مودعة ثم غادرت .

***

دوت صرخة قوية أرجاء الحي، الذي كان أغلب سُكانه نِيامً في هذا الوقت المبكر من الصباح، تقف سحر أمام غرفة السيدة مليحة وهي ترى جُثة مُغطى بالدماء تقبع في منتصف السرير، كل جزء في الغرفة ملطخ بدمائها .

مرت بضع ثواني ليخرج الأقرباء ويرو ما يفجع قُلوبهم، عن يمين منزل السيدة مليحة ويسارها منازل أبنيها أديب ويونس، كل منهم رأى الجثة رأى والدته غارقة في دمائها لكنهم لم يُصدقو رفضو فكرة رحيلها، لحق بهم كل من زوجاتهم وابنائهم يرون ماحل بتلك العجوز، نظر أديب لرنا وعينيه تشتغل بالحقد والخبث توجه نحوها وهو يصرخ ويحركها من كتفيها : 

" أنتِ قتلتها، أنتِ فعلتها " 

كانت في حالة صدمة وذهول كيف يقول هذا لها وهي تخاف رؤية الدماء، تنظر للجُثة تارة ولأديب تارة كيف يفعل هذا كيف يتهمها بهكذا أتهام .

لتتصل سحر بالشرطة والإسعاف وخلال دقائق يتم أخلاء مسرح الجريمة وتبدأ فلاشات الكاميرات بتصوير الموقع وأخذ عينات لكل شيء موجود في المنزل، أُخِذت سحر ليتم التحقيق معها وجميع اقارب الضحية، لعلهم يجدون المشتبه أو دليل قبل ظهور النتائج من المختبرات .

" نعم آنسة سحر، متى رأيت الضحية آخر مرة !" 

" البارحة " 

" ماذا فعلتِ البارحة معها  !" 

" أنا أعمل في منزلها، دوامي يبدأ من السادسة صباحًا حتى العاشرة مساءً " 

" تقولين بأنكِ رأيتها في الساعة العاشرة " 

" نعم، من ثم غادرت " 

" هل كان هناك شيء غريب !" 

ظلت تتذكر ما حدث البارحة لثواني من ثم أجابت : 

" لم يحدث شيء غريب " 

" هل كانت تصرفات الضحية غريبة !" 

عادت لتذكر تصرفات السيدة مليحة من ثم تُجيب : 

" كانت طبيعية وفي أكثر حالاتها إشراقًا " 

" شيء غريب او تصرف او اي شيء لم يكن هناك شيء !" 

" أعذرني سيدي لكن كان البارحة يومًا عاديًا ككل الأيام.. " 

لتصمت فجأة وتعود لتتحدث بسرعة : 

" تذكرت شيئًا، جاءتها رسالة  من طرف مجهول، يخبرها فيها أن ابنها قادم " 

نهض المحقق حسين واسرع في توجيه الأسئلة : 

" كيف كانت الرسالة؟ في ورقة أو رسالة في الهاتف ام على لسان شخص !!" 

" كانت على لسان شخص ولكن الشخص كان مجهولًا فأنا حقًا لا اعرفه ولا اتذكر ملامحه، جائني في الصباح الباكر ولم تكن مستيقظة حينها وكان قبل شروق الشمس " 

" كيف كانت نبرة الصوت " 

" ثخينة وكأنها لرجل ذو بُنية ضخمة وقوية " 

" هل هناك شيء آخر، غير الرسالة والشخص " 

حركت رأسها بالنفي، ليُشير بيده إلى الباب وينطق : 

" تستطيعين الرحيل " 

" ستجد الفاعل صحيح !" 

" ليكون الرب في عوننا، لن أُعطيكِ وعدًا " 

رسمت ابتسامة حزينة على محياها من ثم غادرت.

***
م

ين تتوقعون القاتل !؟

من الفاعل / مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن