part 24:

2.2K 174 4
                                    

سماء الصباح الملبدة بالسحب تجود على الأرض بنيانها الغزيرة التي استقبلها الأرض برحابة، كل يغطي نفسه بمظلته يركضون نحو ملاذ يحميهم من الغيث...  

دقائق تمر وتلك الأمطار لا تتوقف، حتى أنها لم تمنح فرصة لتلك الحزينة هناك حيث تحمل صغيرها بين يديها وتغطيه جيدا حتى لا يلمسه  البرد حتى، بينما هي أخذت النصيب الأكبر من تلك المياه حتى أنها باتت تشعر بجسدها كقطعة ثلج...

مياهها المالحة شاركت الأمطار في هطولها، و بغزارة أيضا...

حسنا الكل يتفق أن هذه المسكينة عاشت أصعب حياة قد يعيشها شخص، كل هذه المشاكل وهي لم تصل العشرين من عمرها حتى، هي حتما شجاعة لتواجه كل هذا وحدها، لكن من يدري قد يعوضها القدر عن كل دمعة غادرت عينها و عن كل مرة حزنت فيها....

سيارات الأجرة تأبى الوقوف لها..

"تبا" نطقت بها لاعنة حظها البائس..

حاولت عدة مرات أخرى ولم يتوقف أحد، بينما الصغير بحضنها لا يزال مطبقا جفنيه على بعضهما..

البرد يشتد و يشتد معه اصفرار بشرة المسكين في حضن أمه، لم تستحمل أكثر لتقول له وكأنه يسمعها..

"تحمل قليلا بني، سوف نصل قريبا"

أخذت تركض وتركض، حتى بلغت حدود المستشفى و أخيرا، لتصرخ مستنجدة بالممرضات هناك

- لا أدري، دخلت لأجده يستفرغ ثم أغمي عليه..

قالت مجيبة على تلك الممرضة التي سألتها عن ما به..

تجلس على تلك الأرض الباردة أكثر حتى من برودة جسدها بينما كل تفكيرها مع فلذة كبدها الذي أدخل غرفة الفحص منذ ساعة...

بدأ الضباب يخيم على أنظارها، صفير بآذانها يحجب عنها الأصوات الخارجية، قاومت لكي تبقي عينيها مفتوحتين لكنها لم تقوى على ذلك فهوى جسدها على الأرض معلنا فقدانها لوعيها..


وأخيرا وبعد نصف ساعة ها قد فتحت عينيها لتهرع نحو الغرفة التي يقبع بها صغيرها غير آبهة بالممرضة التي تطالبها بالبقاء إلى حين انتهاء المغذي

المنظر أمامها يدمي القلوب، ذلك الصغير وسط السرير الكبير يلعب بيديه التي تخترقها أنابيب المغذي، وهو غير مدرك لحاله الآن..

كلما اقتربت أكثر يزداد صبيب دموعها، موضعت يدها على خده ليبتسم لها ابتسامة بريئة جدا، فرح برؤية والدته

- صغيري، هل أنت بخير؟ هاه؟

سألته و كأنه سيجيبها لتموضعه بحضنها بحذر شديد بينما لا تتوقف عن البكاء

مهلا... ماذا حدث توا؟ هل ما سمعته صحيح؟ هل..هل..

رفعت أنظارها لتقابل وجه الصغير الذي تشقه ابتسامة سعادة بسبب الإنجاز الذي حققه الآن، حتى أنه بات يعيد ذلك عدة مرات

"أوما، أوما"  نعم لقد فعل لقد نطق اسم والدته للتو

وبفعله هذا أدخل السعادة لقلب والدته سعادة من نوع خاص لم يسبق أن استشعرتها

اعادته لحضنها مرة أخرى بينما ازداد بكائها لكن هذه المرة بدافع السعادة...

- هل تقول الآن أن ابني أصيب بتسمم؟
قالت بينما تجلس في ذلك المكتب مولية كل اهتمامها للطبيب أمامها، حيث يشرح لها حالة ابنها..

- اسمعيني، ابنك لازال رضيعا و يعتمد على حليبك في تغذيته، لذلك كل ما تتناولينه يؤثر على ابنك، لذلك فتناولك الكحول سبب تسمما لابنك ، وحمدا لله أنه لم يتسبب له بأكثر من ذلك..

كانت تجلس هناك تنظر له لكن تفكيرها قد سرح بعيدا، وضميرها بات يؤنبها أنها هي سبب في حالة ابنها...

-لذا من الجيد أن تبتعدي كل البعد عن الكحول و عن كل ما يضر صحتك و صحة ابنك و عوضي ذلك بالأمل الصحي كالخضر و الفواكه و غيرها...

كجسد بلا روح شكرت الطبيب لتخرج من عنده متوجهة نحو صغيرها لكي يخرج كلاهما من ذلك المستشفى الكئيب بعد أن أعطاه الطبيب إذن الخروج...

حملته بين يديها بينما لا يزال يردد "أوما" يبدو أن نطقها أعجبه..

بينما هي، تبدو كعجوز بملابس رثة وشعر مربوط بإهمال بينما تنظر للفراغ، حتى أنها كادت أن تسقط عدة مرات....

باب البيت يفتح لتدخله فتقابل أمامها اللذان ينهشهما القلق..

- أين كنت؟
-ماذا حدث؟
- لماذا انت بهذا الحال؟
ولماذا وكيف ومتى وأين وغيرها من الأسئلة من أخيها و حبيبته فضلت أن تجيب عنها بالصمت..

وضعت ابنها في سريره بعد أن بدلت ثيابه وأطعمته و ناولته دوائه لتتوجه وأخيرا لتلك الأريكة تلقي بجسدها وسطها متنهدة براحة..

- كل هذا حدث ولم تخبريني؟

نطق المسمى بهيتشان بعد أن أخبرتهم بكل ما  حدث..

- لماذا لم تخبريننا؟

صمتت مطولا لتجيب بعد أن طفح كيلها

- أخبرك.. أخبرك بماذا؟ أخبرك أنني كنت السبب في مرض ابني الوحيد؟ أم أخبرك بأنني لست كفؤا لتربية ابني لوحدي؟ أم أخبرك أنني لم أصمد حين احتاج ابني لي فأغمي علي؟   

أعادت القاء سلسة كلامها الذي بات محفوظا تقريبا عن حياتها القاسية و الصعبة لتشرع في البكاء بحرارة لعل البكاء يخفف ألمها...


لا بأس بالبكاء فهو ليس ضعفا بتاتا، لكن تذكر، إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي وانظر بعيداً فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغنّي، وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبيّة فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً وحلماً جديداً، وقلباً جديداً.

Winter Bear (Kim Taehyung)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن