PART 03

608 58 110
                                    

_ تجلسُ جودي شاردةً في عالمٍ آخر، مُخفضةً رأسها للأسفلِ وتعابيرُ وجهها أقربُ للحزنِ والألم، تبدو وكأنّها تملكُ جناحينِ مكسورين مُنخفضين للأسفلِ أيضاً، قوّتها خارت وطاقتها استُنزفت منها أكثر بعد علمها بالورمِ الذي يعيشُ في رأسها دونَ أن تعلم كم هي المدّة الّتي كانَ يعيشُ بها

تّوّجهَ آدم نحوها مُحاولاً تمالكَ أعصابه وحزنه، شعرَ بقلبهِ يتقطّعُ لأجزاءٍ بعدَ سماعهِ عن حالةِ جودي، لم يكنُ يتوقعُ وصولَ الأمورِ إلى هنا، لم يكن يُريدها أن تصل أبداً!

كلَّ ما أراده هو أن يعيشا بسعادة دونَ مشاكل أو هموم، ولكنّهُ يرى بأنّهم أصبحوا أكثرَ النّاسِ همّاً وأكثرهم حُزناً وإحباطاً

ولا يُريدُ أن يجلسَ ولا يفعل شيئاً، أو فقط يحزن ولا يتّصرّف، ليسَ من عادتهِ الإستسلامُ بسهولة، لن يتركها تُواجهُ مرضها لوحدها بل سيقفُ معها ويُساعدها على الشّفاءِ إن أمكن

وضعَ يدهُ على كتفها مُقاطعاً شرودها لتستديرَ نحوه بعينين تلمعُ من الدموعِ العالقةِ بها، جلسَ على الكرسي الذي بجانبها ماسحاً على وجهها بيدين ترتجفان

"لا تبكي، افعلِ كلّ شيءٍ تُريدينهُ كي تُخرجِ حزنك أو طاقتك السّلبية لكن فقط لا تبكي، دموعك تُؤلمني وتُحزنني أكثر!.."

"لأولِ مرّة أشعرُ بهذا العجز، لهذا السّبب أبكي.."

"لا، لا يجبُ عليكِ أن تشعرِ بالعجز، مازلتِ في البدايةِ فقط، يجبُ عليكِ الّشعور بالعجزِ فقط عندما تنفذُ منكِ كلّ الحلول، لكن الآن لم نُجرب أيّ واحد لذا في هذهِ الحالة استسلامك وعجزك لا يجبُ أن يتواجدا.."

لا يجبُ أن تستسلم، ويجبُ أن تُقاومَ مهما حدث، هذهِ الجملتان دائماً ينصحها آدم بهما، رغمَ صعوبتهما قليلاً

"سأحاول، الأمر فقط صعب.."

"صعب أعلم، لكن لا يوجد شيء مستحيل!.."

أومأت بهدوء ماسحةً دموعها وتُحاولُ عدمَ ذرفِ المزيد

"جودي، عديني بأنّكِ ستكونينَ قوية مهما حدث.."

بلعت غصّتها بصعوبة، تستطيعُ أن تكونَ قوية في الظروفِ السّيئة والصّعبة، فقط تتمنى أن تبقى كذلك حقاً

"سأكونُ قوية، أنت تعرفني جيداً، لكن لا يمكنني أن أعدك، أخافُ أن أنكثَ وعدي.."

"حسناً، وأعرف تماماً بأنّكِ طالما أخبرتني حتى ولو كانَ دونَ وعدك، فأعرف بأنّكِ ستنفذين كلامك.."

ضمّها لصدره مُحكماً إغلاقَ يديهِ عليها، عانقها وكأنّهُ آخرُ عناقٍ يُعطيها إيّاه، لتبادلهُ مُحكمةً إغلاقُ يديها بذبول

...

_ مرّت الأيامُ كالدّهرِ على جودي، والألمُ لا يُساعدها بتاتاً، بل جعلها تشعرُ بالوقتِ وكأنّهُ أطولَ من السّابق، أجرت تحليلاً آخر وعدّةُ صور كي يتّم الكشف عن الورم أكثر ومعرفة ما إن كانَ حميدياً أو سرطانياً

لعنةُ الخيالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن