PART 08

322 44 68
                                    

_ في بدايةَ يومٍ جديد، تتساقطُ الثلوجُ البيضاء بغزارة، على سكانِ تلكَ المدينة، يُبدون سعادتهم بنزولِ الثلجِ عليهم، والثنائيات يرقصن برومانسية أسفلَ الغيوم الّتي تبكي دموعاً متثلجة، فرغمَ أنّها حزينة، ومكتئبة، إلّا أنّ سكانَ المدينة سعيدونَ بهذا الجو، الّذي قد يجعلهم يمرضونَ بسببه ورغمَ عدمِ إكتراثهم

بقيت تُراقبُ الثلج المُتساقط، مع سقوطِ دمعاتها بغزارة سقوط الثلج، ومع الشّعورِ بالألم والقهر، تبكي الغيومُ معها لتواسيها في محنتها، وفي فترتها الصّعبة والشّاقة

فبعدَ أنّ إستمّرّت سنتين بآخذِ العلاجات الكيميائية، لم تُشفى ولو بنسبةِ واحدٍ بالمئة، بل ساءت حالتها و قد أصبحت في المرحلةِ الأخيرة أيضاً

تساقطَ شعرها بأكمله، وجسدها أصبحَ نحيلاً جداً بسببِ مواجهةِ المرض القاسي، ملامحُ وجهها قد أصبحت ذابلة، ووضعها لا يُطاق

أصبحَت كلَّ حياتها لا تطاق، الشّيءُ الوحيد الذي يجعلها تستمرُ في حياتها، هو
هو فقط، من يجعلها تستمر، وتصبرُ وتواجهُ المرضَ الّذي دمّر حياتهم

وعلى سيرته، فتحَ الباب ودخل، ملامحهُ المتعبة الّتي حملت تجاعيداً نمت أثناء فترة علاجها، بسببِ خوفهِ وتعبهِ، وتفكيرهِ بها طوال الوقت

دُمّرت حياتهم الوردية بعدَ أن تطّفّل هذا الكابوس لحياتهم، يتمنّونَ لو أن يكونَ فعلاً كذلك، لكن لم ولن يحدثَ ذلكَ أبداً

وحتّى أنّهما لم يعتادا، رغمَ مرورِ السّنتين، إلّا أنّهما لم يعتادا، ما زالَ الإصرارُ والعزيمة داخلهما، ويوجدُ شيءٌ ما يُخبرهما أنّها ستشفى من المرض، ويعودا لحياتهما الطّبيعية، حتى بعدَ خيباتِ الأملِ تلك الّتي تعرضن لها، وحتّى بعدَ كلٍ هذا التّعب، فبعدَ كلِّ شيء، سيكونُ هنالكَ نهايةً لما يُعانياه، إمّا أن تُشفى، ويمضيا باقي حياتهما بطبيعية، أو ينتهي بهما المطافُ بموتها بسببِ عدمِ مقدرتها على مواجهتها المرض

إقتربَ من سريرها جالساً عليه، تحملُ شفتيهِ إبتسامة برّاقة مُتحمساً بسببِ الثلج المتساقط، فهو يُعطيهِ الحماسَ والقوة لإكمالِ ما يفعله

"الجو بارد جداً في الخارج، لكن رغم ذلك، جميل ورومانسي.."

إبتسمت على دفئ كلماتهِ، ومع إبتسامتها، إختفى السّوادُ الواقعِ أسفلَ عينيها، وقد أعطى الثلجُ إيجابيةً لها أيضاً

"غداً لن تثلج، سيكونُ الجو مشمساً، ما رأيك بالذهابِ في نزهة؟ أنا وأنتِ مع بعضنا؟ كي تستنشقِ بعضَ الهواء النّقي؟.."

إتّسعت إبتسامتها أكثر، مع أخذها نظرةً نحو الثلوجِ الّتي تتساقط، توّدُّ حقاً أن تخرجَ لتغيير جوّها، ولتغييرِ نفسيتها أيضاً، ربما قد تستنشقُ بعضَ الهواءِ النقيِّ أيضاً، وبالفعل قد أعجبتها الفكرة

لعنةُ الخيالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن