صباح يوم مشرق فى صيف يوليو الحار حيث تداعب نسمات الصباح الباكر الوجوه بنسمات رطبة قبل أن تشتد حرارة الجو على النفوس والأجساد،
تقف تلك الفتاة العشرينية بتململ فى موقف السيارات المسافرة فى انتظار سيارة أجرة تقلها حيث مقرعملها الذى يبعد عن منزل أسرتها لساعات طويلة ولذلك تقضى به أيام وأسابيع عديدة بعيدة عن أسرتها و ربما كان ذلك هو الحل الأمثل لوضعها فهى مشتتة بين منزل الأب وزوجته ومنزل الأم وزوجها، لم يكن أبداً مُرحباً بها فى أى من المنزلين ولا يوجد لها مكان بينهم، لذلك توغل لديها شعور دائم بأنها ضيفة ثقيلة على الجميع وهذا ما دفعها لقبول ذلك العمل البعيد والذى يقع بمنتصف الطريق بين مدينتين بعد انتهائها من دراستها الجامعية فكان بمثابة ملجأ لها يحميها من حياة التخبط التى عاشتها طوال سنوات عمرها بين والدين منفصلين.
على بعد عدة أمتار قليلة كان يقف ذلك الشاب الأسمر يتأمل بدقة تلك الفتاة الجميلة الشاردة هناك بتنورتها الواسعة المزركشة وقميصها ذو الألوان الهادئة وغطاء رأسها الذى تتدلى أطرافه بنعومة على جسدها، لمعت مقلتيه السوداء بإعجاب سافر وهو يطوف بنظراته على ملامح وجهها الرقيقة العابسة بشرود ودفعه فضوله وجرأته للاقتراب منها بخطوات بطيئة وحدقتين تجرى على تفاصيلها بتفحص وخاصة تنورتها الطويلة التى لفتت أنظاره وتلاعبت بعقله ثم تعود نظراته لتتوقف على وجهها الشارد بحزن ظاهر، توقف بجانبها للحظات لم تشعر به خلالها حتى تنحنح بخفوت لعله يجذب أنتباهها ولكنها لم تلتفت نحوه، أعاد الكرة بصوت أكثر أرتفاعاً فربما تجيبه ويحظى بنظره من تلك العيون الحزينة
:- يا آنسة لو سمحتى ...هنا موقف العربيات اللى مسافرة أسماعيلية ؟
التفتت نحوه لتومئ بصمت، ابتسم بانتشاء بعدما تبين لون تلك العيون العسلية المضيئة بلون الشمس الذهبى فأستمر فى الحديث فى محاولة لتبادل بعض الكلمات وسماع صوتها العذب، لابد أن يكون عذباً فمن تمتلك هذه الرقة يجب أن يكون صوتها كتغريد العصافير
: ياترى العربية هتتأخر ولا إيه؟... مش حضرتك مسافرة أسماعيلية بردو؟
حدجته شذراً وأجابت باقتضاب بنبرة حادة رغم رقتها
:- تقدر تسأل المسئول عن الموقف على المواعيد
ثم ولت مبتعدة عن مجاله حاملة حقيبة ملابسها الصغيرة على كتفها بجانب حقيبتها الجلدية، تابعها بإعجاب يلمع بحدقتيه وابتسم بثقة فلم يكن يتوقع أى تجاوب منها ولكنها أثارت أعجابه وفضوله بشرود ملامحها الحزينة الرقيقة وتلك التنورة الواسعة الأنيقة حتى ولو لم يكن صوتها كتغريد العصافير، التزم مكانه فى انتظار السيارة الأجرة التى ستقله إلى وجهته بمنتصف الطريق للإسماعيلية مختلساً النظر نحو الفتاة من وقت لأخر.
بعد وقت قصير ظهرت السيارة الأجرة وبدأ مساعد السائق في النداء بصوت جهورى عن وجهته، أسرعت الفتاة لتركب السيارة واتخذت المقعد قبل الأخير وتبعها الشاب ليتخذ مكانه بجانبها محتكاً بذراعها أثناء جلوسه، لم تدرى هل تعمد ذلك الاحتكاك أم أنه حدث بشكل عفوى؟ ولكنه يتبعها منذ البداية أو هكذا ظنت لذلك رمته بنظره نارية محذرة وقامت بحشر حقيبة ملابسها فى الفراغ الضئيل بينهم لعله يتوقف عن مضايقتها
نظر للحقيبة التى أحتلت الحيز الضئيل بجانب ساقه وشغلت جزء من مقعده عنوه وعاد يطالع ملامحها العابسة فابتسم بعفوية واضعاً حقيبة الظهر خاصته علي ساقيه فالفتاة كما توقع صاحبة خلق حسن ووضعت الحدود بينهم كرسالة له أن يتوقف عن إزعاجها فعليه أن يلتزم وألا انقضت القطة الصغيرة لتخدشه بأظافرها، امتلائت السيارة الأجرة خلال دقائق قليلة وبدأت فى التحرك فقام الركاب بتجميع ثمن الأجرة سوياً ثم منحها للسائق
مدت كفها بقيمة الأجرة وكادت تناولها للركاب القابع أمامها متجاهلة ذلك المجاور لها ولكنه أسرع ينزع المال من يدها وقام بعده ثم أعاد لها باقى أموالها بابتسامة لطيفة فتناولتهم منه بوجه عابس ثم انشغلت بمتابعة الطريق من النافذة المجاورة لها لتسبح في أفكارها بعيداً عن صخب السيارة وسماجة الجالس بجانبها الذى يوترها بنظراته المتفحصة منذ أن رأته في الصباح ولكن تلك ضريبة السفر بتلك الوسيلة فمقرعملها بمنتصف الطريق بين القاهرة والإسماعيلية وتلك السيارات الأجرة الصغيرة (الميكروباص) يسهل عليها الوقوف حيث يشاء الشخص أما هو فقد أسترخى بمقعده وأحتضن حقيبة الظهر خاصته الموضوعة على ساقيه وبدأت جفونه بالارتخاء رويداً رويداً مع اهتزاز السيارة الطفيف من جراء الحركة فأسدل النوم ستائره على جفونه ليغط فى النوم تاركاً رأسه يموج يمنه ويسره مع حركة السيارة المتحركة حتى وجد لرأسه مستقراً مريحاً فوق كتفها بعد أن مالت رقبته فى اتجاهها دون وعى
وما أن أستقر رأسه على كتفها حتى خرجت من شرودها والتفتت نحوه تتأمل قمة رأسه المستكينة على كتفها بحميمية، صرخت بفزع ودفعت رأسه بعصبية ليفتح حدقتيه على أتساعهما بصدمة غير واعى لما أقترفه من ذنب، دار بمقلتيه بين الركاب الذين يتابعونه بين غاضب ولا مبالى وأزدرد ريقه بحرج بعد أن أستوعب الموقف من كلماتها الموبخة له فرفع كفه معتذراً لها بصدق
:- آسف ..... آسف أنا يظهر رحت فى النوم .... آسف
عاد كل راكب لما يشغله ولكنها ظلت على تقطيبه حاجبيها ونظرتها الغاضبة فأزاح جسده جانباً وأخرج ساقيه للممر الضيق بين المقاعد مولياً ظهره نحوها وعاد لاحتضان حقيبته واتكأ برأسه وكتفه على ظهر مقعده موبخاً نفسه على السهر طيلة الليل يسامر أشقائه ويودعهم فكانت النتيجة أنه لم يحصل على قدر كافى من النوم، وكل ما يتمناه الأن بضع دقائق من النوم تُعيد صفاء ذهنه وتمنحه بعض التركيز
مر الوقت بطئ عليها فهى لا تصبر على مغادرة هذه السيارة والابتعاد عن ذلك الكائن بجانبها الذى حفز أعصابها وزاد من توترها، تابعت الطريق بفارغ صبر وهاهى بدأت المزارع تظهر على جانبى الطريق وما أن اقتربت من مقرعملها حتى طلبت من السائق التوقف جانباً
نهضت فى سرعة جاذبة حقائبها التى احتكت بكتفه بقوة وترجلت من السيارة مبتعدة وهى تتنهد براحة، أستيقظ من جديد على أثر احتكاك الحقائب بكتفه وتابعها تغادر السيارة ثم بدأ يتجول بنظره فى معالم الطريق لعله يتبين موقعه ثم سأل السائق :- لسه كتير على مزرعة الهلالى يا أسطى ؟
عدل السائق من وضع المرآة الأمامية ناظراً نحوه وأجابه بتلقائية
:- الله ... ماقلتش ليه يا أستاذ .... كنت نزلت مع الأنسة
أعاد الشاب رأسه للخلف ناظراً من النافذة نحو الفتاة المبتعدة عكس اتجاه السيارة بينما توقفت السيارة مرة أخرى وتابع السائق شرح الطريق
:- مزرعة الهلالى أخر الطريق الجانبى ده .... أمشى ورا الأنسة وأنت توصل
شكر السائق ثم نهض ليترجل من السيارة متذكراً عبوس وجهها وعصبيتها فى أزاحه رأسه عن كتفها وكأنه أقترف جرم لا يُغتفر فهمهم بخفوت معلقاً على كلام السائق :- أمشى وراها !!.. عشان ترفع عليا مطوى المره دى
أسرع الخطى خلفها بعد أن اختفت من أمام ناظريه داخل الطريق الجانبى وما أن أنحرف جانباً حتى رآها تخطو بتؤدة على الطريق تابع خطاه خلفها مع احتفاظه بمسافة مناسبة تفصل بينهم حتى لاح فى نهاية الطريق بعض الأبنية البعيدة يحيطهم سور حجرى مترامى الأطراف، يبدو أن تلك هى المزرعة المقصودة، أذن هو على الطريق الصحيح، اطمئن لذلك فسار ببطء خلفها حتى لا يتخطاها
* * * * *
كانت تمشى بتؤدة على الممر الترابى المؤدى للمزرعة وبعين إحساسها تشعر بمن يتبعها، أدارت رأسها قليلاً لتلقى نظره خلفها وشهقت متفاجئة حين وجدته يتبعها، يبدو أن ذلك الشاب الوقح يحتاج لتأديب، أبطأت من خطاها حتى توقفت تماماً وتمسكت بذراعى حقيبة يدها الجلدية ذات الحلية المعدنية تراقب تقدمه حتى ما أن أقترب مبتسماً بجاذبية لم تُغفلها وكاد أن يتحدث طوحت الحقيبة فى الهواء وهوت بها على وجهه فى سرعة خاطفة فتراجع متألماً رافعاً ذراعه يحمى وجه من ضرباتها المتتالية وصرخ بها عالياً
:- بتعملى إيه يا مجنونة .... أصبرى ... أفهمى الأول
ولكنها لم تصبر حتى يتكلم ولم تشفع له جاذبية ابتسامته فكالت له الضربات وبعض الشتائم موبخة سلوكه المشين بتتبعها، قبض على طرف الحقيبة التى اتخذتها سلاحاً لتتوقف ناظره نحوه بحدقتين تشتعل غضباً والحقيبة بينهم، ذراعى الحقيبة بكفها و نهايتها بكفه هو، صاح بها موضحاً
:- أفهمى ... أنا مش ماشى وراكى لغرض وحش..... أنا رايح مزرعة الهلالى والسواق قالى أمشى وراكى لأنك رايحة هناك وأنا مش عارف الطريق
كانت تتابع كلماته وهى تتنفس بقوة من المجهود الذى بذلته وهى تلقنه درساً فى الأدب ولأول مرة تنظر بوجهه الذى أحمر من جراء ارتطام الحقيبة به وسالت بعض قطرات من الدماء على ذقنه من أثر ارتطام الحلية المعدنية به، جذبت الحقيبة من يده بعصبية فأفلتها ببساطة ورفع كفه نحو وجنته الملتهبة ليتبين جرحه النازف بينما شدت قامتها ورفعت ذقنها بكبرياء بعد أن أعادت الحقيبة لكتفها وأشارت على طول ذراعها بتلقائية كرجل المرور نحو نهاية الطريق قائلة بهدوء لا يناسب ثورتها السابقة :- المزرعة قدامك أهيه
انحنى يلتقط حقيبته التى سقطت منه أثناء الهجوم الخاطف عليه وأخرج منديل ورقى يزيل أثار الدم من وجهه ثم تخطاها هامساً بشكر محتقن ثم واصل الطريق متأففاً ومحدثاً نفسه " كيف يتقدم لوظيفة بوجه دامى ومظهر مبعثر هكذا.... سيكون الفشل رفيقه لا محالة " مر خاطر فى خياله فجأة فألتفت نحوها وهو مستمر بالحركة العكسية سائراً بظهره وهتف بها
:- أوعى تكونى بنت صاحب المزرعة !! _ أردف بهمس لنفسه_" أعلم حظى العاثر جيداً أن كانت ابنة صاحب المزرعة فلن أحظى بالوظيفة أبداً ... تباً لتنورتها المزركشة "
واصلت سيرها متجاهلة أجابته ولكنه لم يتوقف عن الحديث فبما أنه خاسر فى كل الأحوال لذا فليقل ما يشاء، هتف من جديد
:- على فكرة ماكنش قصدى أعاكسك .... ولو أنك زى القمر_ غمز بعينه بمشاكسة ليردف _ بس بتقلبى ناصر الدسوقى لما بتتعصبى ( بطل مسلسل تلفزيونى)
قهقهة عالياً بمرح بينما قابلت مشاكسته بامتعاض ظاهرى رغم رغبتها الخفية فى الابتسام وأشاحت بنظراتها بعيداً عنه، لوح بكفه نحوها ثم أعتدل ليواجه الطريق حتى وصل للبوابة الكبيرة للمزرعة وتوقف أمام رجل الأمن ملقياً التحية ومستفسراً
:- سلامو عليكم .... كنت عاوز أقدم للوظيفة اللى أعلنتوا عنها فى الجورنال
تفحصه رجل الأمن بشك وتوقف على جرح ذقنه النازف بينما كان يحاول هندمه ملابسه وإعادة القميص داخل البنطال وترتيب شعره المشعث من أثر العراك، ابتسم لنظرات الشك لرجل الأمن وأشار لذقنه قائلاً بمرح
:- من الحلاقة .... أصل كنت مستعجل وعورت نفسى
تنهد الرجل بلامبالاة وأتجه لدفتر كبير أمامه سائلاً بروتينية :- اسمك إيه ؟
أستمر فى تعديل مظهره مجيباً :- حازم عبدالرحمن
اقتربت الفتاة من البوابة وألقت التحية بابتسامة بشوشة لرجل الأمن فردها سريعاً مرحباً :- أهلاً يا آنسة جنة ... حمدلله على السلامة
تابعها حازم تدلف من البوابة شارداً بذلك الاسم (جنة) ما أجمله، أن كل ما بها جميل اسمها وملامحها وأخلاقها وتنورتها هى جنة تمشى على الأرض حقاً، رفع كفه على الجرح مرة أخرى بدون وعى مردفاً لنفسه " لكنها عنيفة وعصبية جداً ... قطة شرسة تحتاج للترويض"
هتف رجل الأمن به بعد أن دون بياناته ليخرجه من شروده :- أتفضل يا أستاذ
أنتبه لرجل الأمن الذى أردف يوجهه لما يجب فعله وأشار نحو مبنى معين
:- شايف المبنى اللى فى الوش ده ..... هتدخل هناك تاخد استمارة وهيقولولك تعمل إيه
شكره حازم ثم دلف يتجول ببصره باحثاً عنها بفضول فلم يجد لها أثر فأتخذ طريقه للمبنى الذى أشار إليه رجل الأمن ليبدأ أولى خطواته فى طلب العمل
* * * * *
حمدلله أن وجد حمام ليغسل وجهه ويستعيد بعضاً من نشاطه، تأمل جرحه فى المرأة جيداً لم يكن خطيراً مجرد خدش غائر قليلاً سيشفى مع الوقت المهم أن الدماء توقفت فليستجمع كل تركيزه الأن فى اختبار الوظيفة فهو فى أمس الحاجة إليها بعد أن توقف عمله فى مجال السياحة
خرج يتلفت حوله يتبين وجهته ثم تحرك بخطوات بطيئة نحو ذلك الشاب الذى يطالع أوراق بيده هناك، ظن أنه أحد المتقدمين للوظائف المعلن عنها، فأقترب منه وسأله بعد أن ألقى التحية:- لوسمحت يا كابتن ... أسحب استمارة منين؟
التفت الشاب بكبرياء نحوه ورمقه بنظره احتقار مردداً باستنكار
:- كابتن!!... أنا الباشمهندس وائل ... فاهم باشمهندس
زفر حازم أمام ذلك الهجوم الغير مبرر فهو لم يقصد الانتقاص من شأنه ولكنه ببساطة يجهل شخصيته، تحدث بعفوية هاتفاً ببساطة
:- عم المهندسين كمان ولا تزعل.... المهم أسحب الأستمارة منين ؟
زفر وائل بحنق ورمقه من منبت رأسه حتى أخمص قدميه ثم سأل باقتضاب
:- أنت جاى تقدم لوظيفة المهندس!!
نفي حازم بتلقائية ووضع كفه على صدره موضحاً
:- لا .... أنا جاى أقدم لوظيفة السواق... أنا سواق و معايآآآ..
قاطعه وائل بتعالي مشيراً بكفه في الهواء
:- هناك.... هناك عند الناس اللى هناك ديه
ثم تركه علي عجالة مولياً ظهره ومبتعداً وكأنه يتكبرعلي الحديث مع أمثاله، التفت حازم نحو الرجال المنتظرين حيث أشار وائل ولم ينسى أن يصيح شاكراً فى أثر وائل المبتعد أمامه بصوت مرتفع :- شكراً ياهندسة
ثم تحرك نحو مكان التقديم سائلاً الله التوفيق فعدد المتقدمين كثير والإعلان يطلب ثلاث سائقين فقط
* * * * *
بعد استيفاء كافة بيانات المتقدمين وفرزهم وعرضهم على صاحب المزرعة لاختيار أسماء المرشحين مبدئياً لشغل الوظيفة تم الانتقال للاختبار العملى، وقف حازم جانباً يحتمى من الشمس يدلك جبينه بتوتر مبتهلاً لله سائلاً التوفيق، لمح الفتاة التى قابلها صباحاً (جنة) تتحرك باتجاه أحد الأبنية فأسرع خلفها منادياً
:- يا آنسة ... يا آنسة جنة
دارت برأسها لتتفاجأ به يُسرع خلفها فتوقفت بتأفف بينما أسرع الخطى ليقف أمامها قائلاً بنبرة اعتذار
:- عاوز أعتذرلك عن سوء التفاهم اللى حصل الصبح .... بس النوم سلطان ومقدرتش أتحكم في راسى وأنا نايم ... ومن حسن الحظ أنها وقعت في أيدى أمينة
رفعت حاجبها الأيسر زاجرة بنظره عابسة فأستطرد بمرح :- أقصدى كتف أمينة
عقدت ذراعيها أمام صدرها وبدأت هجومها عليه
:- ومعاكستك في موقف العربيات كان إيه؟ .... ولما خبطت فى دراعى وأنت بتقعد وآآآآآ _قاطعها سريعاً رافعاً كفه ليوقفها عن الأستطراد ثم قال مدافعاً عن نفسه _ لا...فى الموقف كان سؤال برئ وفى الميكروباس كان تحرش
جحظت عينيها شاهقة لوقاحته فأردف بمرح يبدو أنه جزء من طبعه
:- قصدى مشاكسة، مشاغبة.... ياستى أنا آسف فى كل الأحوال وعاوزك تسامحينى ... عاوز ربنا يرضى عنى وأنجح فى الاختبار ونبقى زُمل
رددت خلفه مستنكره :- زُمل !!
قهقه بمرح على تعبيراتها المتجهمة دائماً وأكد بصدق
:- المهم تسامحينى .... صافى يالبن
زفرت بضيق وتململت فى الوقوف قائلة باقتضاب:- أوكيه ... خلاص حصل خير
كادت تبتعد ولكنه لحق بها وتوقف أمامها قاطعاً الطريق قائلاً بجدية مصطنعة
:- ماينفعش كده .... لازم تقولي حليب ياقشطة
لوت شفتيها في أمتعاض ورددت :- خلاص قلتلك سامحتك
ابتسم ببشاشة ووضح بهدوء :- أنتِ ما تعرفيش أنا محتاج الشغل ده قد إيه وحاسس أن ربنا هيرضى عنى وأشتغل لوسامحتينى ... وكمان ما أحبش أنك تبقى زعلانة منى ولا تاخدى فكرة غلط عنى
لم تستوعب كلماته، ما يضيره أن ظنت به خير أو سوء فليتركها لحالها وفقط، تنهدت بقوة وهتفت بفارغ صبر :- صدقنى سامحتك وربنا يوفقك
أتسعت ابتسامته بسعادة وقال بخفوت وهى توليه ظهرها لتُكمل طريقها بتنورتها المزركشة التى خطفت قلبه :- ربنا يجبر بخاطرك
أنت تقرأ
حكم هواك (مكتملة) بقلمي /إيمــان سلطـان
Roman d'amourقصة قصيرة اجتماعية فى إطار كوميدي لطيف تدور الأحداث بين مهندسة زراعية وسائق شاحنة يجمعهما الحب بعد عديد من المواقف ويقف حاجز التعليم بينهما فهل يستطيعا تخطي هذا الحاجز أم تفرق بينهما الحياة؟؟