مجرّد صدِيق؟

164 28 7
                                    


قضّيتُ اليوْمَ أفكّر بما قالَه لي الطّبيب، و التّساؤلاتُ تتردّد بيْن جُدرانِ عقلِي، إلّا أنّ أحدَها تربّع على عرشِ تفكيرِي؛

هل لِـكون علَاقةٌ بذكرَيَاتي المفقُودة؟

خمّنت لِلحظة، لطَالمَا اِنطويْتُ على ذاتِي و ٱنعزَلتُ عن فئَاتِ المُجتمع، فهذا ما ترَعرَعتُ عليْه بينَ جُدرانِ الميتِم الذي قضّيتُ به طفولتِي، فحتّى عمّتِي رَفضَت الاِعتنَاء بي،

عِشتُ حيَاتي بصفَة عَاديّة، غيْر أنّي لم أُشكّل أيّ صدَاقَات عدا تلكَ في المدْرسةِ الاِبتدائيّة،

و حتّى زُملائِي فِي العمَل، كانَت علاقتِي بِهم سَطحيّة و مُحادثاتُنا تقتصِرُ علَى كلمَاتِ ترحيبٍ و توديعٍ لا أكثَر،

ممّا جَعَلني أسْتغرِبُ عندمَا جاؤُوا لزِيارتِي اليَوم مَصحُوبينَ بزهورٍ بهيّة وضعتُها علَى المنضدةِ إلَى جانِبِي،

فهَل كُون صديقِي فِعلًا أم أنّه يدّعي ذَلِك؟

أخرَجنِي مِن قوقَعةِ تفكِيرِي دخولُه إلَى الغرفَةِ حامِلًا بينَ يديْه طبَقًا فضيّ اللوْن، اِستَقرّت على سطحِه أوانِي اِنبعثَت منهَا رائِحة شَهيّة،

عَدّلتُ مِن جَلسَتِي كيْ أسمَح لهُ بوضعِ الطّبقِ في حُضني، ثمّ ٱسترَاح فِي مكَانِه المُعتَاد، الكرسِيّ الذِي يُجاوِر سَرِيرِي،

«شُكرًا لَك لَكن...»

قطّب حاجِبيْه في اِنتظارِ صدُورِ بقيّة الجُملَة،
«لَم يَكُن هنَاك داعٍ لهَذا، لقَد تَناوَلتُ طعَامِي بالفِعلْ»

الحيْرةُ التِي ألِفتُها تسْتوطِنُ ملامِحهُ ٱنقَلبَت بشَاشة، و ٱنفَرجَ فَاههُ عنِ ٱبتسامَة مُشرِقة،

«كاذِبة»

قَال بصَوتٍ لعُوب، دُون أنْ ينظُرَ إليّ، فقَد كَان مَشغُولًا بنزْعِ الغِطَاء عن كلّ إناء ليَكشفَ عنِ المأْكُولاتِ التي اِقتناهَا، وَ هذِه المَرّة، كُنتُ أنا المُتعجّبَة منْ كلامِه،

«لطَالَما كَرهتِ الطّعامَ الذي يُقدّمُه المشْفى»

أَصدَرتُ قهقَةً خافِتة، لَا للسّخريّة ممّا تَفوّه بِه، بَل لأنّ مَا قَالَه صحِيح، إذ أنّي أتَذكّر جيّدًا اليومَ الذِي تعرّضتُ فِيه صُحبَة والِدايَ إلى حَادثٍ، و كُنتُ النّاجيَة الوحِيدَة،

اُضطُرِرتُ لقَضاءِ عدّةِ أيّامٍ في المَشفَى، و كانَ الطّعامُ الذي قدّمُوه لي أقرفَ مَا تذوّقتُه فِي حيَاتِي فصِرتُ مُنذ ذلِك أكْرَه طَعامَ المُستشْفيَات، أستطِيعُ حتّى هَذهِ اللّحظَة تذكّر طعمِه اللّاذِع عَلى لِسانَي،

جوّلتُ عَينيّ بيْن الأطْباقِ الشّهيّة، و صدَمنِي كونُهَا جمِيعًا تنتَمِي إلَى لائِحةِ مأكُولاتِيَ المُفضّلة،

«يَبدو أنّك تعرِفُنِي جيّدًا»

مِثلُ هذه الأمُور، لم أشارِكهَا معَ أحدٍ سابِقًا بل رضِيت الاحتفَاظ بِها لِنفسِي، و إنْ كانَ كون يعرِفُها، فهوَ شخصٌ مُميّز لَا مَحالة، شخصٌ يحْظَى بمكَانَة مرمُوقَة في قَلبِي،

حَملتُ صحنَ الأرزّ بين يديّ و شرعْتُ أستمتِعُ بمذاقِه اللذِيذ إذ أنّني أتضوّر جوعًا، حتّى أنّني تنَاسيْتُ كُون الذي أبَتْ عينَاه مُفارَقتي، فقد ظلّ يحدّقُ بِي و البَسمَةُ تزيّنُ مُحيّاه.

الحماس درجة ألف عندي و يمكن أخلص كتابة الفانفيك في يوم واحد ربي يستر،

شو رايكم في الاحداث و السرد؟

اتمنى ما يكون في اخطاء املائية لاني أكتب الفصول بسرعة و ملتقانا الفصل الجاي انشالله👋👋

Through The Window | ذكريات ضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن