مَرارةُ الشّوْق

122 24 5
                                    


مَضَتْ ليَالٍ عدِيدَة مُنذُ تنزّهِي و كون سَويّا، علَاقَتُنَا توطّدت إلّا أنّه في كلّ مرّة طَلبْتُ مِنه أَن يَسرُد لِي بعضَ الأحداث التِي مَرَرت بِهَا معه، قَابَلنِي بالرّفض،

و مَهمَا ترجّيتُه تمسّك بِقرَارِه، فَهو لازَال مُتشبّثًا بالأَمَل وَ لَو أنّ ما تبقّى مِنه مُجرّد بَصِيصٌ فَقط، عَلى عَكسِي أنَا،

فمِن نَاحِيَة كون، مَازَال يُحاوِل استِرجَاع ذِكرَياتِي إذ أنّه ٱصطَحبنِي لِتنَاوُل الطّعامِ سويّا فِي أحَدِ المَطاعِم التِي تتوسّط قلبَ المدِينة و الحقّ أنّي اِستَمتَعتُ بوقتِي صُحبَته،

سأَلنِي حينَها مَا إنْ كُنتُ أتذكّر هذَا المَكان و كانَت إجابَتي مَنفيّة،

أمّا بالنّسبَة لِي، فأكَادُ أستسلِم، فمهمَا حاوَلتُ التذكّر، يَنتهِي بي الأَمرُ بالفَشَل الذّريع،

و مَا يزِيدُ الطّينَ بلّة أنّه بفشلِي يتألّم كون، و هوَ مَا أدرَكتُه مِن خلالَ نظرَتِه المُنكسِرة،

فحتّى إنْ حاوَل إخفاءَ ذلك بِبسمةٍ مُشرِقةٍ تُنسِيني شقَائِي و تعبِي، تظلّ وطأةُ الألمِ مُحافِظةً على أثرِها على مُحيّاه مُعتصِرة قلبِي...

قَبل يومَين، قرّر الطّبيبُ بارك الإفراج عنّي و إطْلاق سراحِي حتّى أركض في رُبوعِ الحياة و أُواصِل العيشَ بِصَفةٍ عاديّة،

و فِي المُقابِل ٱشتَرط عَليّ أمرَيْن؛ أوّلُهمَا أنْ أُجرِيَ فَحصَيْن في الأُسبُوع، واحِدٌ علَى كتِفي الأَيمَن و الآخَر على الجزء الخلفيّ من رأسِي، لِمدّة سيحدّدها مُعدّل شفَاء إصاباتِي،

و ثانِيهِما أنْ أرتَاح في المَنزِل ليومَيْن آخَريْن على الأقلّ، ثمّ أواكِب ركبَ الحيَاة مِن جدِيد،

و رغمَ رَغبَتِي الشّديدَةِ في تسدِيد الدّينِ لكُون الذِي كلّفهُ حُكمُ صدَاقتِنا بدفعِ تكالِيف المُستشفى، فقد ٱضطرِرتُ للاِلتزَامِ بشرُوطِه خيْر ٱلتِزام،

إلّا أنّ الأخيرَ لَم يَفعَل،

كون، لَقد طَلَبتُ مِنه فِي آخِر لِقاءٍ لنا أنْ يأتِي لِزيَارتي و وَعَدني بأنّه سيفْعل،

و هَاهُو يَخذُلنِي، يَجعَلُني أنتَظِر قدومَه بِفارِغ الصّبرِ و حِبالُ قلبِي تَتراقَص شوقًا لِرُؤيتِه، لكنّه لم يفِ بوَعدِه، و خيّبَ جَميعَ آمَالِي،

و فِيمَا كُنت أرتّب شُقّتي التِي أهمَلتُها لِمَا يُقارِبُ الشّهر و أنفُض الغُبارَ عن مَكتَبِي، جذَبَ ٱنتباهِي دفتَرٌ بلونِ الكراميل،

كُتِبت علَى صَفحَتِه الأولَى عِبارةُ: «يَوميّاتي»

لطَالمَا اِعتَبَرتُه خزِينَة أسرَارِي و بِئرًا عمِيقَة دفَنَت فِي حضِيضِها أفكَارِي، فلَا أحَد يَعلمُ بِأمرِه غيْرِي،

سارَعتُ حينَما تَبادرت إلى ذِهنِي فكرَة أنّ ذكرَياتِي المَنسيّة لازَالت راسِخة بيْن طيّات هذا الدّفتَر،

فالكلِماتُ نُقِشت علَى الصّفحاتِ بحبرٍ داكن و لَن تختَفيَ إلّا بٱختفاءِ الكِتاب،

قرأتُ مَا شكّلته الكلِماتُ مِن عبارَات بثّت فِي كيَانيِ أمواجًا مِن الأحزَانِ و المآسي،

و تجمّعت العبَرَات في عينيّ مُستعدّة لشقّ طريقِها على وجنتيّ،

لقَد بدَأت الأمُور تتوضّح!

مريم كالم داون، ريلاكس،

أنا في حالة انهيار لأنو الفانفيك على وشك الانتهاء ماي هارت ಥ_ಥ

شو توقعاتكم قبل ما تقرؤوا الفصل القادم؟

اشوفكم بالفصل الجاي 👋

Through The Window | ذكريات ضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن