البِدايَة: أحضَانٌ دافِئة

431 32 6
                                    


♢ عبر النافذة ♢
♢ ذكريات ضائعة ♢

الملامحُ مشوّشة، الوُجوه مُبهمة، غيْر واضِحة، الهويّات مجهُولة،

القاعةُ مُكتظّة، تضمّ العَديد مِن النّاس، اِنقسمُوا إلى مَجموعَات ٱختارت كلّ واحِدة منْها طاوِلتها الخَاصّة،

تتناهَت إلَى مسَامعي أصْوات غرِيبة، أحَاديث غَير مفْهومَة، قهقهَات خفيفَة،

فِي الجِهةِ المُقابلَة، توسّطت نَافذةٌ ذاتُ إطَار خشبيّ الجدَار الذِي يحمِلُ لونًا بنيّا فاتِحا،

شعرتُ بالحنِين إلى ذَلِك المكَان، أخذتُ أتقدّم نحوَه بروِيّة، و لمْ ألحَظ اِختِفاء كلّ ما يتوَاجدُ في القَاعة من أثَاث و زبَائن، كانُوا جمِيعًا يضْمحلّون الوَاحدَ تلوَ الآخَر،

لم يتَبقّ سوايَ و النّافذة، يربِط بيننَا طريقٌ ضيّقٌ يُغطّيه سجّاد أحْمر، عليْه سارَت خطواتِي المُرتبِكة و عيْنايَ أبَت مُفارقَة الزّجاج البلّوري،

فكأنّه ينادينِي لرُؤيةِ ما يُطلّ عليه، و حينَما صِرتُ قريبَة مِن وجْهتِي، تبخّرت النّافِذة أيضًا، و ماعادتْ موجُودة، فبقيتُ وحْدِي أتَوسّط الفرَاغ المُخِيف،

حتّى شعرتُ بضوءٍ يحطّ علَى جفنايَ، فتحتُهُما مُلبّية طَلبَ أشعّة الشّمْس الذي يتمثّل فِي إيقَاظِي،

وجدتُ نفسِي في مَكانٍ جدِيد، عَلى سريرٍ مُريحٍ، الجُدرانُ مِن حولِي ناصِعة البياضِ لا تشُوبُها شائِبة،

إلى جانِب فراشِي أبْصَرتُ كيسًا مُلِئ سائلًا شفّافًا يتدلّى من عمُود حديديّ، تفرّع في نهايتِه إلى أنابِيب صغِيرة الحجْم حينَ تبعتُ مسلكهَا وجدتُها تحطّ على يدايَ الشّاحِبتيْن، تضُخّ داخِل عروقِي ذلِك السّائِل،

جسدِي تُغطّيه لحافةٌ بيْضَاء، حاوَلت النّهوض فشعُرتُ بِصُداعٍ يعتصِرُ رأسِي الذي تلفّه ضِمَادة، و ٱشتدّ الألم بِكتفِي الأيمَن،

مالذِي أفعَلُه بالمشفَى؟

نظَرتُ إلى السّاعةِ الحَائطيّة، كانَت تُشيرُ إلى التّاسِعة و الرّبع، وضعتُ يدِي على فَمي لِأكتُم الشّهقَة التي كادَت تصدُر مِنه،

لقَد تأخّرتُ عن العمَل!

أبْعدتُ الّلحافَة عنّي و كَشفتُ عن ساقيّ الحافيَتيْن، حاوَلتُ الوقوفَ لكنّي سُرعَان ما سقَطت على الأرْض،

سمِعتُ صوْت بابَ الغُرفةِ يُفتَح، تلاهُ وقعُ أقدامٍ مُسرِعةٍ توجّهت نحْوي، جثَا العريبُ حذوِي، كانَ إبصَاري ضبابيّا فلم أقدِرْ على التّعرّف عليه، لفّ جسدِي بيْن ذراعيْه،

كان الحُضنُ دافِئًا للغايَة!

آخَرُ ما سمِعتُه كان صوْتَه و هوَ يُنادِي:
«أيّها الطّبيب! أيّها الطّبيب!»

ثمّ أسدلتُ جفنيّ مُستسلِمة للنّوم بيْن أحضانِه.

هاي غايز!!

رواية جديدة رح ابدا تنزيلها ابتداء من اليوم و انشالله اكملها في فترة وجيزة لانها رح تكون ذات فصول قصيرة و قصتها مو معقّدة،

اتمنى تعجبكم و تستمتعوا بها،

شو رايكم في البداية و شو توقعاتكم؟

اشوفكم في الفصل الثاني 👋👋

Through The Window | ذكريات ضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن