"""""""""""سماريا"""""""""""
الفصل الأول.
بقلم سما أحمد.
صلوا على مُحمد صلى الله عليه وسلم.
___________/تعالت أصوات الضحكات في اَلشُّرْفَة المُقابلة، سقط الكوب أرضًا من يد إحداهن من فرط ضحكها، صافحت الأخرى يدًا بيد مُطلقين صوت صارخ اخترق جدران غرفة ذات الشعر الأسود، حيثُ العيون السودا المُنمقة بلمعة صغيرة تتلقلق بعدم أريحية تذهب وتعود مع يديها التي تنقبض بشدة ثم تأخذ شهيق وتغلق عينها لتداري لقلقة العبارات البيضاء المُنعكسة مع لون عينها السوداء، ثم تَزْفِر زفير يخترق جدران غرفتها بحرارته وما يحتمل من آلام.
وأخيرًا تحررت عباراتها بشكل عشوائي، غير مكترثة لوجنتيها التي غرقتا بالماء الساخن مع كل قطرةٌ هناك ألم مصحوب بمالكته، عندما سقط الكوب من شرفة الأخرى؛ فأحدث رنينا جذب عقلها فسقطت آخر دمعة على يديها عندما ثُقِبت عيناها لشرفة الفتاة وصديقاتها ومسحت على وجهها بِبَطِيء ثم نظرت للمرآة وشاهدت هيئتها فضربت زجاج المرآة بيدها فشعرت للمرة الأولى أنها لم تتألم...!
_______________
صوت صراخ امرأة يأتي من داخل الغرفة وحولها الكثير من النساء يهونوا عليها ببعض الكلِمات، تصلبت عروقها حتى برزت بشكل مُخيف، بكت بصوت صارخ من الألم، شعرت بانخفاض أنفاسها تَدْرِيجِيًّا حتى صدر صوت أنين مُزعج يجعلُ جميع من في الغُرفة يبتسم ثم تُطلق الزغاريط مُبشرة من في الخارج ليبتسم بأريحية وينتظر قدوم أحدهم إليه ثم انخفض صوت الزغاريط ولم يصدر أي صوت قط.
تنهدت بتعب شديد ونظرت لهم بابتسامة فتحولت لمعالم فزع مرسومة على وجهها فقالت في إعياء:
- أين ابنتي؟
صمت الجميع مرة أخرى، ومازالت الصغيرة تبكي بنواح وكما لو أنها افتقدت حبيبٌ لها في بطن والدتها.
همست أحد الممرضات قائلة:
- أليست الملائكة في السماء فقط؟
أردفت بتعب وغضب وخوف يعتري قلبها من نظرات الجميع حتى أن الطبيب ذُهِل، فأردفت قائلة:
- لِمَ تنظرون هكذا؟ دعوني أراها.
ناولتها الممرضة الصغيرة بيد مُرتجفة قائلة:
- عجبًا، عجبًا.
صُدمت من كلمتها وأخذت ابنتها على صدرها وما إن رأتها حتى صرخت بذهول بالغ راودها وراود الجميع، فقالت في نفي شديد:
- إنها ليست ابنتي، من هذه؟ لا يوجد طفل هكذا.
صفق يدًا بيد قائلًا:
- والله ما رأيت هذا من قبلٍ قط.
حاولت النهوض فلم تستطع فوجدت الصغيرة تنظر لها وتبتسم، سُحِرت الأم بجمال عينيها فلم ترى عينًا هكذا من قبل، بكت مخاطبة الطبيب قائلة:
- أم إنها ابنتي؟ لا تُشبهني ولا تُشبه أباها.
صمت الطبيب وتنهد ثم قال:
- سنُعرضها على طبيب الأطفال، الآن فقط اهدئي يجب عليك الراحة.
ثم وجه حديثه لمساعدته:
- اذهبي بالفتاة لأبيها ثم اصعدي بها لدكتور يعقوب ينظر عليها.
أطاعته بالفعل وأخذتها من على صدر والدتها؛ فبكت الصغيرة بشدة وتعلقت نظراتها بنظرات والدتها ما إن أُغلِق باب الغرفة.
تأثرت بشدة وشعرت بأن قلبها يرتجف لبُكاء صغيرتها، عجيبة الشكل لا تُشبه البشر ولكن روحها منهم.
رآها والدها فاعترته الصدمة الكبيرة عائدًا للخلف قائلًا:
- من هذه.
راودته بنظرات عاجزة عن الرد فقال في غضب:
- من هذه؟
- إنها ابنتك.
ضحك بسخرية مواكبة لصدمة شديدة:
- ابنة من، هل ذهب عقلك؟
إنها إنها تُشبه لا أعلم ولكن أعلم أنها ليست ابنتي، هل هذه أُخرجت من بطن زوجتي؟
- نعم سيدي.
- مستحيل.
أشفقت عليه كثيرًا ثم قالت:
- ألا تحملها؟ وتنظر إلى عيناها وتداعب أناملها الصغيرة.
لَجْم لسانه وابتعد قليلًا فنظر إلى عينيها الملقلقين بالدموع ثم اقترب مرة أخرى قائلًا بصوت أشبه للهمس:
- إنها جنية، أنتِ ابنتي كيف؟
باغتها اَلنُّعَاس فأغلقت عينيها حتى ينظر بصدمة أخرى لرموشها السوداء التي نُسقت بشعر أسود، ليس بالطويل ولا القصير، يبلغ طول الشعرة عُقلة إصبع، أغلقتها وكأن تَغْلِق شراع لينطفئ ويغلق اللؤلؤ الأبيض المنغص في جوف عينها السوداء.
- أم أنها ملك!.
- سيدي أعلمُ صدمتك، ولكن عليّ الذهاب بها إلى الطبيب.
- سآتي معك.
- في الغالب لا يصلح ولكن في هذه الحالة واجب أن يحدث.
ذهب معها رفض حملها، خشي أن يحملها، راوده إحساس أن يده أقبح من أن تلمس يدها الصغيرة، سار بجانب الممرضة.
على النحو الآخر.
- أين ابنتي إلى أين أخذتموها.
الممرضة بلطف:
- أخذناها للطبيب كي يفحصها، الآن كفى عن النحيب حبيبتي أنتِ بحاجة إلى الراحة.
نظرت بأعين دامعة:
- هل كل شيء سيكون على ما يُرام؟
- نعم لا تقلقِ، ألا تؤمني بالله الواحد القهار؟
أردفت بتعب شديد:
- ونعم بالله، أنا أُريد خالد.
- حاضر.
في الأعلى ذُهِل الطبيب مما رأى ولكن استجمع قوته وحمحمة بصعوبة قائلًا:
- ألا تؤمن بعجائب الله؟
نظر له بتعجب يُسيطر على وجهه قائلًا:
- ونعم بالله، ولكن ما شأن هذا الآن.
تفهم موقفه جيدًا فطلب من الممرضة الخروج وربط على كتفيه وحمل الطفلة بالذراع الآخر وابتسم قائلًا:
- إنك ابنتك من أحد العجائب.
تبعثرت ملامحه من الحيرة وَالتَّعَجُّب والجهل فأردف بانزعاج:
أنا لا أفهم عليك، لتُخبرني بوضوح أكثر؟
- سأخبرك يا رجُل، لقد دلفتُ إلى كلية الطب وأنا أعلم جيدًا كم هي مكانتها في وطننا العربي ولكن منذ أن دخلتها وجدت فيها كل ما هو عجيب، ولكن كانت كل تارة تُثبِت عجائب الله، ألسنا مؤمنين بالله؟ والذي خلق السموات والأرض؟ فكيف له أن يُبدع في خلق ابنتك هذه!
إنها تُشبه الحوريات التي انزلقت أقدامها من على النجوم وجاءت لعالمنا كي تجعلنا نُسبح ونُكبر كُلما رأيناها.
- الآن نحنُ في مُحاضرة طبية أم أننا في أمر هذه الفتاة.
انزعج الطبيب قليلًا، فكيف لهذا الأبله أن يرقص فرحًا لهذه المُعجزة التي وهبها الله له.
فقال باستياء:
- ماذا عن أمر الفتاة، إنها طبيعية جِدًّا وأيضًا تمارس حياتها مثلُنا تمامًا، فلِما القلق؟
ستذهب للمدرسة مثل الأطفال وستنمو إلى أن تتزوج إنها طبيعية يا صاح، ولكنها (آيةٌ) من الرحمن بُعثت لنا على هيئتها، أتنبؤ بها الكثير من الخير.
- ألم تكن من نصيب أحد سوى أنا، ما كُنت أُريد هكذا، أردتُ ولدًا وعندما جاءت فتاة سعدت أيضًا ولكن تمنيت فتاة طبيعية غير شاده عن المجتمع بل الكون بأكمله.
- لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أين إيمانك بالله وبالقدر وبما أنزل عليك؟
ارجع إلى رَبّك فإنك غافل.
نظر له بصدمة مما يتفوه وأخذ ابنته بغضب وتركه وذهب واندرج للأسفل وجدوجد الممرضة تُخبره بأن زوجته تُريده.
- حسنًا.
ذهب إليها في خطوات جامدة ووجه يفترسه الغضب وعدم الرضا، فنظرت له بتفحص:
- ماذا أخبرك الطبيب؟ هل تحاورت معه؟
- نعم، لقد قال إنها طبيعية مثلُنا ولكن أشبه بحوريات الجنة كما وصِف في القرآن.
- أرني إياها مرة أخرى
رفعها إليها بينما هي حاولت الاعتدال في جلستها وما إن حملتها حتى شعرت الفتاة براحة وأمان وفتحت عينيها فارتفعت شراع رموشها المنسدلة الوسادة بلون السماءُ ليلًا
فقالت في تكبير وصدمة من عينيها السودا التي يتلقلق بداخلة شعاعٌ ماسي ينعكس بعين والدتها المسحوبة بوسعٍ ثم ضيق بصحبتها ولؤلؤ عينيها التي ما إن رآه حد حتى كبر وجسدها الأبيض بلون السحاب وخصلاتها المُنسدلة إلى كتفيها بنعومة شديدة وكأنها فتاة في العاشرة من عمرها، شعرها الثقيل حاولت إزاحته عن عينيها فوجدت ثِقْله ليس ليدٍ واحدة القدرة على حمله كاملًا.
ما إن رأت كل هذا حتى بكت قائلة:
- الله أكبر، الله أكبر، سُبحان الله، سُبحان الله، اللهم لك الحمد، أهذه ملك يا خالد.
- لا أعلمُ حَقًّا، سيكون الأمر مُرهق وبشدة.
نظرت له بتعجب قائلة:
- لِمَ
- سيطمع بها الكثير
- أليس لها الله؟ سنستودعها عند الله ونربيها تربية صالحة ولن نتركها أبدًا إلى أن نصلها لمن يُكمل المسيرة.
- -إن شاء الله-.
___
سيب رأيك💛