"""""""سماريا"""""""""
الفصل العاشر.
بقلم سما أحمد.
استغفروا ٣ مرات.
وصلوا على النبي ٣ مرات.
________________
كسلتِ؟
اطلعي استغفري يلا.
_____________
أغمضت عيناها بخوف شديد واستعدت للرحيل الأبدي فانحرف اتجاه السيارة بخطوة واحدة مبتعدًا عنها، عندما رأت الرجل يتجه نحوها ركضت بخوف وحملت ملابسها الفضفاضة ووجها المُغطى بالنقاب وسط تعجب الرجل وهو ينظر لها وهي تركض بسرعة كبيرة فتعجب وظهر ذلك على وجهه الذي ارتفع حاجبه وصعد سيارته وذهب.
ركضت سماريا وعبارتها منهمرة بشدة وتحمل عباءتها بيدها لا تعلم إلى أين يُمكنها الذهاب، شعرت باختناق شديد من حولها الكثير من الأشجار، طرقات واسعة ومنازل كثيرة وليس لها منها شيء، تودُ الصراخ، تود البُكاء بأعلى صوت تود الانهيار، سارت وسارت ومازالت تسير ولا تجد مجلس، مأوى، مؤنس لها ولحزنها ولخطواتها الهزيلة، سارت حتى اقترب النهار على الظهور، فوجدت مزرعة صغيرة جلست في حديقتها إلى ونامت رغمًا عنها.
____________
صرخت المُعلمة قائلة:
- كيف لها أن تذهب وأنتم هنا.
رد حارس الأمن قائلًا:
- لم تمر من هنا يا سيدتي، واطلعنا على كاميرات المراقبة الخاصة بالبوابة ولم يتم التقاط أي شيء.
المعلمة بعصبية:
- اجلب لي الكاميرات على مكتب المديرة حالًا.
بعد دقائق كانت تجلس المديرة والأمن والعديد من المعلمات والمتخصصين وفحصوا الكاميرات ووجدوا هروبَها من الحديقة الخلفية التي تُستخدم عند الطوارئ.
أخبروا والديها مما هرعت قلوبهم خوفًا على ابنتهم ولم تهدأ الأوضاع في هذه المحنة الكبيرة ووسط حالة الثورة التي حدثت لانتحار الفتاة" ميلا" وأصبح من المُستحيل العثور على سماريا وسط هذه الثورات وفي هذا التوقيت تحديدًا.
____________
استيقظت سماريا على صوت رجل يصيح بصوتٍ عال؛ فقامت بفزع ثم نظرت له بخوف وعين نائمة:
-أنا أعتذر وبشدة، سأغادر المكان حالًا.
نظر الرجل إلى نقابها بتأفف واستحقار قائلًا:
- لا تتحركي لأي مكان سأطلب الشرطة حالًا.
بكت سماريا بشدة قائلة بترجي:
-أرجوك لا تفعل، أنا كنت أريد النوم وأخذتني قدمي إلى هنا، أنا أعتذر منك حقًا ولكن لا تطلب الشرطة رجاءًا.
تفحصها الرجل بعيناه ثم قال في غموض:
- انزعي هذا الوشاح لكي أرى وجهك.
- لا يُمكنني فعل هذا.
قال في هدوء:
-إن لم تنزعيه سأطلب الشرطة.
نظرت له بعين راجية ولكن لم يستمع وأبى نظراتها فأغرقت عيناها بالدموع وخلعت النقاب فقط؛ فصُدم الرجل عندما رأى عيناها الماسيتان ولؤلؤ عينها التي أغرقه الدموع فأصبحت قطرات ماسية تندرج من عينيها إلى وجنتيها.
كرهت نفسها في هذه اللحظة لأنها تعلم بنظرة كل من يراها ورأت في عينيه نظرة غريبة لم تراها من قبل ولكن لم تحظ بالارتياح تجاهها تمامًا فقال في هدوء عظيم:
- الآن جئتِ إلى منزلي ومزرعتي وربما تكونين قدر اختلستِ شيء.
سماريا بفزع وعدم استيعاب:
- لم أختلس أي شيء، أنت تراني والله ما اختلستُ أي شيء، أرجوك دعني أذهب ولن تراني مجددًا.
ابتسم ابتسامة خبيثة من وسط لحيته البيضاء وشعره المختلط بين الأبيض والصلع ووجه الأبيض طابع عليه الحمار وطوله الطبيعي فترنح للخلف قائلًا:
- لن تذهبي.. ثم أكمل وهو يقترب من طولها:
-ستبقين هُنا.
بكت سماريا لحبسها هنا وليس لشيء أخر فهي ذو برائة شديدة لا تعلم ما يدور بعقله ونظراته التي لم تراها من قبل فهي لم تعيش بالمجتمع لترى هذه النظرات وتستطع فهمها وقالت من وسط بكائها:
- أتريد مال؟ أنا ليس معي مال فقط هذا الكردان كل ما أملك، إن أردته خذه ودعني وشأني، سأعثر على أبواي.
حاول اختلاس المعلومات منها دون أن تعلم وقال بحنان:
- أين والداكي يا صغيرتي.
سماريا بحزن وبكاء:
- إنهم تركوني وغادروا هذه البلدة وتركوني وحدي ووضعوني في دار (............) حتى لا أجلب لهم العار كما كانت تقول جدتي، ماذا فعلت حتى أجلب لهم العار، الجميع يراني غريبة أنا لست غريبة أنا مثلكم..
ابتسم بشدة وحاول اخفاء ابتسامته هذه وقال في حنان وعطف مصطنع:
- أكل هذا العذاب لكِ؟ كيف لأبواكي فعل هذا، ابنتي أنتِ من سن أحفادي، لا تذهبي لهذه الدار مرة أخرى لن تخرجي منها أبدًا وسينساكي والدك وأيضًا والدتك.
سماريا بإصرار:
- سيعثرون علي سأحاول وأذهب إليهم أنا لا أريد العيش بهذه البلدة وهذه الدار.
ابتسم ابتسامة شيطانية ثم وضع كفه على وجهها بحنان قائلًا:
-إذن سأرجعك لوالديكي.
تهللت أساريرها وتشبست بيده قائلة:
حقًا ما تقل؟
- نعم صغيرتي، ولكن كما تعلمين السفر مُنقطع هذه الفترة، ستبقين مع يومين إلى أن يفتح السفر ويمكنني إعادتك إلى أهلك، ولكن إياكِ وأن تخبري أحد سيبلغون الصُحف بالتأكيد بمن يعثر عليكِ يُسلِمك لهم ويعثر على المال.
سماريا بطاعة:
- لن أخرج من مكاني أبدًا.
ابتسم بحنان زائف وقال:
- هيا تعالي معي للمنزل نتاول الفطور ثم أذهب لكي أرى أعمالي وأعود لكِ.
وافقت بتردد وقالت:
- أنا أحتضر جوعًا.
ملس على حجابها بحنان زائف وبنبرة غير مريحة قائلًا:
هيا إذن نتناول الطعام..
_____________
استيقظت نُهى بفزع على كابوس مظلم صارخة:
لا تسقطي يا سماريا.
استيقظ خالد بفزع على صوت زوجته قائلًا بهلع وعدم استيعاب:
-ماذا حدث، لمَ تصرخين، أنتِ بخير.
بكت نهى بانهيار تام قائلة:
- لا خير وابنتنا مختفية.
حاول تملك أعصابه وقال:
- سأتحدث اليوم مع الإدراة وأرى ماذل فعلوا إن شاء الله خير.
نهى بانهيار وعدم توقف عن البُكاء:
-إن ابنتنا يقترب منها الشر ونحن هنا، كيف لنا أن نجلس ولا نعلم أين ابنتنا، ربما خطفها أحد، ربما..
قاطعها خالد قائلًا بعروق بارزة من الغضب المكبوت والحزن:
-نهى، اصمتِ ستكون بخير فالله يحميها ونحن ليس بيدنا شيء، سأتحدث اليوم مع إدارة الدار، وأرى ماذا سيحدث.
____________
في هذا اليوم شعر مالك بانقباض روحه عندما علِم أن صديقه سيغادر يوم بدلًا من غدًا، وكأنه كان يشعر بأن مازال هناك وقت للجلوس سويًا، نظرات عتاب ليحيى الذي كان يشعر بها وأيضًا تؤلمه، وكانت أخر نظرة عندما هم بامساك حقيبته فبكى مالك بشدة وتخفى وراء غطاءه وادعى النوم، فنزل يحيى وسلم على والدته التي جائت ليغادروا سويًا وترك حقيبته ونظر لأعلى فوجد صديقه في الشرفه ينظر عليه فبكى وركض إليه وضمه بقوة حتى أنهم سقطوا أرضًا ومازال يحيى قابض ضمته على مالك الذي كان كطفل صغير وبكوا سويًا فقال له يحيى:
- ليس بيدي شيء، لن أنساك أبدًا، سأهاتِفك باستمرار، وآتي لك باستمرار كن بخير ياصديقي حتى تخرج ونتجمع مرة أخرى.
ابتسم بألم قائلًا:
- إن شاء الله، كن بخير وهاتفني لا تهجرني تمم؟
- لن أهجرك أبدًا ضمه وابتعد ببطئ وظلت دموعهم معلقة حتى اختفى كلًا منهم عن بعض فهبطت دمعاتهم المعلقة وسار يحيى مع أمه بينما مالك بقى وحيد.
________________
عندما دخلت المنزل كان أشبه بالكوخ فكان ليس حديثًا أبدًا ولكن ليس سيء، مليء بالورود، وأيضًا أشياء قديمة لا تعرفها سماريا، جلست على أحد الأرائك وجلب هو الخبز والطعام وجلسوا سويًا وتناولوا الطعام كانت تتناول بجوع شديد فابتسم هو على برائتها، وعندما انتهوا غسلت يديها وجلست فأخبرها بأنه يجب عليه الذهاب فخشت قليلًا ولكن طمئنها وقال:
- لن اتأخر، ماذا تُحبين أن تفعلي؟
سماريا ببراءة:
- أحب الرسم والغناء.
-اممم أنا أملك أدوات للرسم كان يستخدمها أولاد جيراني منذ أن كانوا صغار، يمكنكِ الرسم.
جلب لها الألوان ودفتر الرسم وتركها وذهب وأغلق جميع الأبواب والشرفات والنوافذ.
وابتسم وسار للخارج قائلًا:
فتاة بهذا الجمال ستجلب لي الكثير من المال.
__________________
أثناء اليوم تحدث خالد مع مديرة الدار وأخبرته أن الشرطة ستبحث عن ابنته وقريبًا سَيوفرون لهم طائرة خاصة تجلِبَهم كرفقًا بهم وتقديرهم لخوفهم على ابنتهم ولحالتهم هذه، وطمأنوهم أن الشرطة جارية البحث عن الفتاة.
____________
عاد يحيى مع والدته للمنزل وما إن رأى الطرقات والحياة شعر بأن الحياة تعود من جديد وسعد كثيرًا وكان عليه الاستعداد للخوض في المسابقة..
دخل المنزل فتعلق نظره بكل شيء به وتفاصيله التي تعود له ذكريات الماضي ابتسم بحنين للذكريات فربطت والدته على ظهره فابتسم وقبل يدها وقال:
-الآن ابنك مستعد على مواجهة العالم بأكمله.
ابتسمت بشدة ودلفت إلى حضنه فضمها بحنان قائلًا:
- هل سنعود إلى مصر؟
- نعم يا يحبيبي ولكن عندما تنهي دراستك ووقت ما تريد النزول ننزل فورًا.
-حسنًا يا أمي، اشتقتُ لمصر رغم ذكرياتها المؤلمة إلا أنها أفضل من هنا مئات المرات.
ابتسمت قائلة:
- ما أخطأ الذي قال أم الدنيا..
ابتسم ودخل غرفته وجلس على فراشه براحة لم ينعم بها من قبل.