"""""""""""""سماريا"""""""""""""""
الفصل الثالث
صلوا على مُحمد
بقلمي: سما أحمد.
_______________
وإذا المؤدة سُئلت بأي ذنبٍ قُتِلت.
كان وأد البنات عادة من أبشع العادت الذي افتُعلت بغير رحمة، فقد رفع من شأننا الإسلام عندما جاء وحرم قتل الفتايات، تكمن هذه العادات في الجاهلية الأولى ولكن من المُعتقد أن مازال هناك الكثير من الأباء يعترضون على الإناث رغم أنهم المؤنسات الغاليات وأننا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم..
________________
استيقظ من نومه، مُحددًا هدفه جيدًا فهمت الأخرى قائلة في ضيق:
-أم أنك ذاهب حقًا؟
أجابها وهو يجلب ملابسه وبدأ ليرتدي ملابسه ويُخضر عويناته قائلًا:
- لقد تحدثنا في الأمر أمس، سأذهب وألقنهم درس لن ينسوه أبدًا.
زفرت بضيق وهمست قائلة:
-لن أستطيع إيقافك أبدًا.
اقترب منها مُبتسمًا قائلًا:
- عندما يتعلق الأمر بطفلي، فلتذهب حياتي وكل شيء سوى أن لا تهبط دمعة من عينياكم أنتم الإثنين.
ابتسمت هي بشدة وتبدلت نظرات الضيق إلى البسمة المُتسعة وبشدة وبها الكثير من الإطمئنان وشعور بالأمان تمكلها كثيرًا ما تعترف بأنه وصلة الأمان إلى قلبها كُلما حزنت أسعدها كُلما يأست شجعها، كُلما خافت طمئنها، كُلما غفلت عن ربها أيقظها.
فهذا هو الزوج حقًا التي يجب أن تُلقي الفتايات اختيارها على هذه الأُسس، بينما الآن جملت العديد من الروايات الدنيئة التي تُفسد المُجتمع وتُربي هذا الفكر في عقول شبابنا وفتايتنا أن العُنف الزوجي جسديًا ولفظيًا بالإعتداء على زوجته وقتلها ضربًا ثم ليجذبها بأحضانه أصبحت حقًا هو ما تتمناه الفتايات وتضعه كمقياس لفارس أحلامها كما يُقال.
___
ذهب وأخذ ابنه وذهب به للمدرسة ولقنهم درسًا لن ينسوه لأنهم تنمروا على طفله بسبب ضخامة عويناته لضعف نظره الشديد.
وظل ابنه في مدرسته بينما وهو يصعد الدرج ليدلف إلى عيادته، استمع أثناء صعوده صوت شجار حاد بين أطراف ما وبكاء طفل صغير... نعم طفل.. لا إنها طفلة، حقًا ذُهِل إنها الطفلة التي رأها مُنذ أمس، بُكاءها لم ينسى لحن بُكاءها أبدًا، لم يرد أن يقف للاستماع ولكن ما جذبه هو معرفة حقًا أنها نفس الفتاة، استمع إلى ما يتفوهون وصُعق أن أباها يُريد قتلها، فلم يستأذن غفل عن ذلك لفرط صدمته حقًا ودخل مندفعًا قائلًا:
- لن تُقتل الفتاة.
نظر الجميع له بصدمة قائلين:
- من أنت؟
بينما في نفس اللحظة ركضت للداخل ترتدي عباءة وحجاب، بينما هو لم ينظر لها وكان نظره موجه ل"خالد" بتحدي شديد، فقال خالد بتذكر:
- أنت الطبيب؟
ثم قال بحدة:
- كيف لك أن تدلف إلى منزلي هكذا؟ كيف لك؟
وهم بلكمه ولكن أوقفه الطبيب بيده قائلًا:
- لتسمعني دقائق يا خالد، فقط دقائق.
أردف بضيق وبحدة وقال:
- ماذا تُريد.
تنهد الآخر قائلًا بهدوء:
- ما برأيك لو نقف بالخارج؟ بدل من أن أقف بمنزلك وأجرح نساء بيتك.
نظر له قليلًا بصمت ثم خرج وتبعه الآخر.
خرجت بعد أن ارتدت حجابها ونظرت لأمها قائلة:
-أين ذهبوا؟
ثم جحظت عيناها قائلة ونظرت حولها فوجدت ابنتها بموضعها فتنهدت براحة وقالت والدتها:
- لا أعلم استدعاه للخارج.
بعد قليل دخل خالد إليهم فنظروا له بتساؤل فتنهد بحرارة وجلس، أردفت زوجته قائلة:
- ماذا قال؟
- لقد أخبرني أن قتل الفتاة هي جريمة وحتمًا ستعلم الشرطة كمان أنه أخبرني من الجيد أن لا أقتلها ولكن...
نظروا بشغف قائلين:
- ماذا؟
عودة...
خالد:
-إذن مالذي يجب علي فعله؟
-لا تدعها تخرج إن أردت ولكن لا تقتلها يا أخي.
نظر له بضعف قائلًا:
- حقًا أشعر بالتعب، لو تتخيل الأمر، تائه بين حبي وتعلقي بها، وبين حديث الناس وأيضًا نظراتهم لها لن أتحمل سأرتكب العديد من المشاكل.
ابتسم الآخر متفهم الأمر قائلًا:
- دع الأمر لربك فإنه وكيل بها.
- ونعم بالله.
هم الآخر بالذهاب فقال خالد:
- شكرًا لك.
- أستودعك الله.
_____________
عودةٌ للحاضر مرة أخرى..
بعد مرور ستة عشرةُ أعوام، سمعت" نُهى" صوت صراخ يأتي من غرفة ابنتها، فزعت بشدة وركضت لغرفتها في نهاية الممر، وفتحت الباب بالمُفتاح وجدتها تُدمر أي شيء يأتي بيدها حتى أنها قامت بكسر المرآة، ركضت سريعًا إليها وأمسكت يدها قائلة وقلبها مُنهمر على طفلتها:
- اهدأي يا روحي، أنا بجانبك الآن اهدأي.
جلست سماريا أرضًا تبكي بشدة وتصرخ بألم شديد فضمتها والدتها بشدة كي تهدأ من روعها قليلًا، فقالت سماريا:
- لقد سئمتُ يا أمي، لِما تفعلون بي هكذا؟ لقد سئمتُ.. ثم أشارت على أحد الشرفات المقابلة:
- لما هن يضحكان ويعلبان؟
لماذا لا أُشبهم، أنا أكره نفسي كثيرًا، أُريد قتلي.
انهمرت عبارات "نهى" أيضًا وجذبتها لأحضانها مرة أخرى قائلة:
- لقد جعلكِ الله ملاك وسط البشر.
صرخت وانتفضت من بين أحضانها واقفة بغضب شديد:
- لِمَ؟ أنا لا أُريد، أنزل الشارع بنقاب، مُنذ أن ولدت وأنا أرى الناس من خلف نقابي، حتى أن عيناي لا يظهران، أناملي لا تظهر، إن روحي لم تظهر حتى يا أمي، لقد سئُمت، أجالس النساء والرجال بالنقاب، لِمَ تكرهوني هكذا؟ ليتكم قتلتموني ليتكم، إنكم تقومون بذبحي منذُ أن ولدت.
اشتد الأمر بوالدتها وانهمرت بشدة حتى أنها هاتفت زوجها وهي تصرخ به فدقائق وأتى إلى المنزل واستمع إلى صوت صُراخ سماريا التي لم تكف قط عن الصراخ وهي تقول:
- ليتكم قتلتمونني.
نظر إلى ابنته التي لا تستجيب لشيء قط، فأحضر طبيبها النفسي الذي يتابعها مُنذ كثير، وأخبره أنه يجب أن ترحل إلى مشفى ولكن ليست أمراض نفسية إنها...
عندما أخبرها زوجها صاحت بغضب قائلة:
- كيف لك أن توافق على شيءٍ هكذا، ستبقى ابنتي بجانبي يا خالد ولن تذهب إلمى أي مكان.
نظرت لطفلتها الجميلة التي نامت بفعل المُهدئ وبكت فضمها خالد بشدة وأخذ بيدها للأسفل قائلة:
-ستبقى ابنتنا بخير يا حبيبتي، ستكون بخير وأيضًا إنها ليست مصحة.
نظرت له بأعين دامعة يتلقلق بها الدمع قائلة:
- ولكن إلى ملجأ... شهقت ببكاء وأكملت قائلة:
- إنه ملجأ للغير قادرين على التعايش بحياتنا، إذن فلمَ خلقوا؟ إنهم أطفال لِمَ هذا العذاب.. شهقت مرة أخر وصرخت بألم فتشبست بأحضانه صارخة:
- لِمَ يا خالد، هم لا يستحقون هذا أبدًا، لو أردت البراءة فانظر إلى وجوههم، إذا أردت الحنان لامس أناملهم، أذا أردت الجمال انظر إلى أعينهم.
حاول التماسك بشدة ثم نظر إلى مُقلتيها بحُب طغى عليه الحزن:
- ماذا يا نهى، ألم تُخبريني أن الذي خلقها قادر على أن يحميها؟ ستبقى بخير وستتعايش مع أصدقاءها هُناك بالتأكيد.
بكت أكثر فضمها بحنان قائلًا:
- سيكون كل شيء على ما يُرام.
_______________
رفقًا بكم أيها المُختلِفون، رفقًا بكم أصحاب الوجه البرئ، رفقًا بكم أصحاب الصراخات المتصدعة بقلوبكم.
جلس ينظر من الشرفة لتطل عيناه على شارع مُظلم بعيد قبله جنينة مليئة بالورود، التي تتمايل مع الهواء وتتراقص غصون الأشجار مع الهواء مُحدثه رنينًا جذابًا.
تنهد بحرارة ناظر لمن حوله، فهناك النائم وهناك من حاول النوم ولم يستطع وهناك من ينظر لصورة أهله باشتياق، وأيضًا من يكتم أنين بكاءه تحت غطاءه ومن يبتسم ويضحك مع الآخرين.
ابتسم بألم قائلًا:
" كانت عقوبتنا أننا مُختلفون لسنا مُتخلفون"
- ألم تنم بعد.
نظر لصديقه الذي تمكن البُهاق من جسده بالكامل فخشى منه الأطفال وأيضًا الكثير من الباغلين مما تسبب له أزمة نفسية وطلب بنفسه اللجوء إلى هذه المشفى بعدما فشل سبعة عشرة أعوام في الحصول على أصدقاء.
أردف يحيى قائلًا:
- لا، كنت أتأمل قليلًا.
- حسنًا، سأذهب أنا للنوم.
- تصبح على خير إن شاء الله.
- وأنت من أهل الخير.
ابتسم يحيى على صديقه، نعم وجود يحيى هُنا ليس لشيء بالغ ولكن عانى صغيرًا من التنمر الشديد، كان ضعيف الشخصية كثيرًا، بجمال عيناه ما رأى أحد كما تلقبه أمه دائمًا، ولكن تعرض للتنمر الكبير من أصدقاءه وأقاربه حول عويناته... حقًا سحقًا لهم.