الفصل الخامس.

8 2 0
                                    

سماريا
الفصل الخامس.
بقلم سما أحمد
صلوا على من بكى شوقًا لرؤيتنا.
١٠ مرات.
_________
مرت ساعات قليلة، وهبطت الطائرة على أرض أمريكا الشمالية مُعلنة عن بداية حياة جديد مصحوبة بواقع لم يكن في الحسبان بالنسبة لسماريا.
تعلقت في يد أبيها ومازالت ترتدي لباسها هذا وبجانبها والدتها محتضنة ظهرها بيدها تبتسم برجفة عندما تتقابل عيناها بعين ابنتها.
بعد قليل ظهرت لافتة كبيرة مكتوبة باللغة الإنجليزية فقرأها خالد ونُهى ونظروا لبعضهم بخوف وحمد كل منها أن ابنتهم لا تستطيع أن تتحدث ولا قراءة الإنجليزية.
شددوا على يديها وخطت أقدامهم بوابة المبنى الكبير، أحست سماريا بانقباض بقلبها سريعًا حتى شعر أباها برجفة يديها قائلة:
- أبي، هل سنعيشُ هُنا.
ابتسم قائلًا:
- إذا أحببتِ المكان هنا، هذا يتوقف على قرارك أنتِ.
- لا أدري أشعر بشيءٍ غريب يندرج إلى قلبي.
ربطت والدتها على رأسها قائلة:
- لا بأس حبيبتي، لا تَخَاف والدك هنا وأيضًا أنا بجانبك.
نظرت بخوف وعدم أريحية ووجهت بصرها للداخل مستكشفة المكان.
جاء أحد الأطباء وحدثه خالد ورحب به الطبيب ونظر إلى الصغيرة فتحولت معالمه لمعالم الاستفهام الشديد فقال خالد مُتحدثًا الإنجليزية:
- هذا ما جئنا لأجله.
- أذن فلنصعد لمكتب رئيس الدار وسآخذ أنا الفتاة نمرح قليلًا.
- لن يجدي الأمر بالنجاح.
- سأحاول.
نظر الطبيب إلى سماريا التي ضاق صدرها لعدم فهم حديثهم فقال الطبيب متحدثًا بلغته:
- ما رأيك لو نذهب سَوِيًّا لاستكشاف هذا المكان الرائع.
لم تفهم فترجمت والدتها فقالت سماريا مُتَشَبِّثَة بوالدتها:
- لا أُريد.
- إذن اِبْقَ على راحتك، ولكن كدتُ أن أخبرك أن هناك العديد من الزهور، وأيضًا حمامات السباحة، والعديد من الأصدقاء يُمكننا مشاركة العديد من النشاطات سَوِيًّا.
قل تشبيها قليلًا فقالت والدتها ما تحدث به الطبيب فقالت محدثة والدتها:
- أمي، ستذهبين معي أليس كذلك؟
ابتسمت والدتها بحنان بالغ وجست على رُكبتيها لقصر قامة ابنتها قائلة:
- كنت أَوَدّ الذهاب حَقًّا حتى أرى طائر البغبغان؛ فنظرت سماريا بسعادة وأكملت والدتها قائلة:
- وأيضًا الأزهى الجميلة، العطرة، ولكن عليَّ الذهاب للداخل حتى نتحدث مع مالك هذا المبنى لندفع له المال حتى نعيش به سَوِيًّا.
ابتسمت سماريا بسعادة شديدة، وقالت بابتسامة ولأول مرة تظهر مُنذ أعوام:
- أمي سأذهب مع هذا الرجل، إنه وسيم حَقًّا، ولكن لا تدعوني معه كثيرًا، ادفعوا المال واصطحبوني.
ضحكت نُهى وخالد على حديث ابنتهم قائلة:
- سمعًا وَطَلْعًا يا صغيرتي.
ذهبوا بينما ذهبت سماريا بجانب الطبيب، وأخذت تتسأل كثيرًا فلم يفهم فأحضر أحد الممرضات التي تتحدث العربية وتجولت معهم وتترجم الحوار الذي بينهم.
فقالت سماريا في ضيق:
- فليذهب هو وَابْقَ أنت معي.
ضحكت الممرضة وأخبرته بما قالت، فحك رقبته بيده بمزاح قائلًا:
- من الواضح أن عاقبة اللغة تسببت في انزعاج الصغيرة، لا بأس سأذهب لوالديها وَابْقَ أنتِ بجانبها.
ابتسمت بطاعة وعندما ذهب قالت سماريا غير عابئة:
- ما هذا، أهذا بحر؟
- لا، إنه حوض سباحة كبير.
- هل يمكنني السباحة؟
- نعم ولكن ليس بهذه الملابس وأيضًا ليس في هذا التوقيت.
- إذن متى؟
ابتسمت مارسيل لأسئلتها الكثيرة قائلة:
- عندما يأتي موعد السباحة، الآن هل تُريدين رؤية البغبغان؟
قالت بسعادة شديدة:
- نعم أريد.
_____________
هل ستُغادرين يا أمي.
ضمته بحنان قائلة:
- اليومُ سأرحل ولكن بعد قليل ستأتي أنت إليّ، ستتغير حياتنا بالكامل.
ابتسم بحنين وشوق وقبل يدها قائلًا:
- سيتغير كل شيء قريبًا جِدًّا.
صعد يحيى لغرفته يحدث صديقه عن ما حدث بسعادة بالغة فاستمع له صديقه باهتمام ثم استأذن وأردف للمرحاض وصدر صوت الماء ليُداري صوت بكاءهُ.
_____________
في داخل مكتب المديرة المشرفة على هذه الدار رحبت بخالد ونهى كثيرًا ممل تسلل الاطمئنان على قلب خالد.
جلس خالد لا يعلم من أين يبدأ تنهد قليلًا ونظر لزوجته؛ فأمدته بنظر عون فقال:
لقد جئنا بابنتنا من مصر، وُلدت ولم تولد، إنها تُشبه الحوريات وليست البشر.
نظرت له المُديرة بدقة قائلًا:
- هل شكلها بها شيء جعلها تخجل منْ مَن حولها؟
- لا، لقد فرضتُ عليها ارتداء النقاب مُنذ أن كانت في الخامسة من عمرها، لم تكون صداقات أبدًا، بقة طيلة حياتها بالمنزل، لم تخرج سوى مرات معدودة، جلست فترة كبيرة جِدًّا في المنزل، كانت ترسم على الجدران ببراعة شديدة، إنها تمتلك العديد من المواهب، كالغناء والرسم والكتابة أيضًا، إنها بارعة وأيضًا... فاتنة للرجال وللنساء، لو رأها الناس لأخذوها غصبا.
حاول الطبيب أن يفهم حالة الطفلة فقال له بهدوء:
- هل تمتلك لها صورة؟
- لا، كنت أخاف أن يراها أحد.
- إذن أين هي؟
- في الخارج مع الطبيب....
فتحت المديرة الجهاز الخاص بها وبحثت عن مكان الذي به الطبيب فوجدت فتاة ترتدي ثياب أسود اللون من أسفل قدميها لرأسها فنظرت لخالد ليؤكد لها أنها تلك.
أكد خالد أنها ابنته وقالت بتعنيف:
- تعلم يا سيد خالد أنك ارتكبت ذنب كبير في حق ابنتك، لِمَ لم تجلبها إلى هذه الدار بدلًا من أن تأسرها بالمنزل.
- لم نكن ندري ماذا يحدث، وماذا يجب علينا أن نفعل في هذا الأمر، إلى أن علمنا بأمر هذه الدار وأيضًا لم أكن أعلم أنها تستقبل الأطفال من سن أقل.
- كان يجب عليك السعي أكثر، ولكن لا بأس سنرى وسيكون كل شيء بخير، لا تقلقا.
صمت خالد قليلًا وقالت نُهى:
- لو رأيت عينيها ما تفوهتِ بهذا الحديث.
أُريد أن أرى هذه الفتاة في الحال، ثم أجرت اتصال وقالت لهم:
- ستجلبها الممرضة...
بعد قليل جاءت سماريا بصُحبة الممرضة وقالت سماريا لوالدتها بعتاب وصوتها مُنخفض:
- لِمَ لم تأني بعد يا أمي، فقد انتظرتك.
قالت نُهى بحنان يخفي أنين قلبها الذي يتفتت:
- لقد كنتُ أتحدث مع المديرة يا صغيرتي، هل أعجبك المكان.
- نعم يا أمي، فالمكان مليء بالزهور، والعصافير التي تتحلق السماء بحُرية صمتت لوهلة وقالت في تمني:
- ليتني لو كنتُ طائر...
ضمتها والدتها بحنان وقبلتها وخلعت لها نقابها؛ فكبرت الممرضة، بينما المديرة اندهشت بشدة وجحظت عيناها بعدم تصديق لما ترى، وكأنها
عيناها بعدم تصديق لما ترى، وكأنها حُور عين اندرجت لأرضنا.
بكت الممرضة حينما رأتها وكبرت بصوتٍ عال؛ فنظرت سماريا إلى والدتها فشددت من ضمتها.
حاولت المُديرة والممرضة أن يرجعا لرشدهما وابتسمت المديرة قائلة:
- لقد جاءنا أجمل فتاة على الكوكب في هذه الدار البسيطة، ما اسمك يا صغيرتي؟
تحدثت بخفوت قائلة:
- سماريا.
- أمم رائع مثلك بالضبط، هل أعجبك المكان؟
- نعم لقد أعجبني بشدة.
- ما رأيك لو تأتي معي وترين الكثير من الفتيات في الأعلى؟ سيودون صُحبتك بالتأكيد.
هل ستأتي أمي معي؟
- نعم حبيبتي، ولكن تعلمين أن والدتك جاءت من طريق طويل جِدًّا، سيبقون هنا وسنصعد نحنُ ونرى إذا نالت إعجابك غرفة ستكون لك.
- وأين أبي وأمي؟
- لقدر اختاروا غرفهم منذ قليل، هيا بنا؟
- هيا.
صعدوا سَوِيًّا، وما إن خرجت حتى وقعت نُهى أرضًا باكية وخالد أيضًا فضمها وأخذ يدها وخرج بها ونحيب نُهى يصدر صوت عال..
على النحو الآخر
في وسط الدرج شعرت سماريا بعدم اطمئنان فركضت للأسفل تحتضن والدتها وتصطحبها لم تجدهم ورأت من الشرفة خالد ونُهى يخرجون من ذات البوابة التي دلفوها سَوِيًّا منذ قليل.
صرخت سماريا بصوتها كله قائلة:
- إلى أين يا أبي، أنا هنا يا أمي.
_______________
بقلمي.
سما أحمد.
استغفروا.

سماريا.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن