خطيئة البحر ..

23 4 14
                                    


انتهت ليلة من أقسى الليالي على أورلا ، لكنها كانت تهوّن على نفسها أنها رأت الأقسى منها

تتواجد في بيت أيدين في الحي المجاور لبيتها الذي احترق ، أو احترقت بقاياه ، و الحال أن الإنسان لا يستطيع نسيان ما يكرهه مثل تذكره لتفاصيل الأشياء التي يحبها ، مثل تفكيرها بالشاب الثلاثيني صاحب الشعر الأشقر المُعتم ، صاحب سيارة الأجرة الذي قابلته ، تفكر لو لم يخرج أمامي اليوم هل كنت لأبكي منزلي الذي احترق ، أم أنها حقاً لا تهتم لذلك المنزل

لم تستطع أورلا النوم مع هذه الأفكار التي تطاردها كالشبح ، تتقلّب في مكانها و تحاول إجبار نفسها على النّوم و تقنع نفسها بأنها لا تستطيع لأنها في مكان جديد ليس إلا ...

وقفت من مكانها و أخذت بساعة يدها التي أشارت للثانية فجراً ، ارتدت جاكيتاً خفيفاً فوق بيجامتها الطفولية التي تغطي جسدها ، و توجّهت مشياً خارجة من منزل أيدين ..

تاركة جسدها يحدّد وجهته بنفسه ، و رأت أنها أمام البحر و كأنها انتقلت عبر آلة المكان نحوه

تقف ناظرة للبحر كأنها قارئة الفأل في السوق الشعبي ، تحاول قراءة البحر كمات تحاول الأخرى قراءة الفنجان ، تعرف في قرارة نفسها أنها لا تستطيع ترجمته ، فتتركه و شأن على العكس من القارئة التي تتقن فن الكذب و الكلام البلاستيكي

=إذاً و أخيراً قد حضرتِ ها؟

نفس الصوت الأجش الذي قابلته ذلك المساء ، رفعت رأسها لتجده مكانه يبتسم ، فقط ضوء القمر يُظهر جزءً من ملامحه 

-ما الذي تفعله هنا؟

و جلست بجانبه

=نفس السبب الذي حضرتِ لأجله!

-الغريب أنني لا أعرف لم حضرتُ الآن!!

ضحكت كي يبادرها بيرك بابتسامته التي يخفي بها أسنانه مثل ما لمحتها صباح اليوم في سيارة الأجرة

صمت كلاهما قرابة النص ساعة قبل أن يقاطع بيرك الصمت 

=صمتك جميل!

-محاولة جيدة للتحدث ، لكنني لا أملك القوة على الحديث ، و حتى إن امتلكت القوة فإنني لا أملك الكلمات لإخراجها!

قالت هذه الكلمات وراء بعضها كالثرثارة ، يكمل ابتسامته نحوها مردفاً

=كلامك أجمل!

أنزلت رأسها مبتسمة ثم أدارت رأسها نحو بيرك

-ما الذي تفعله هنا؟

=كنت أتحارب مع نفسي قبل أن تأتِ و تدُبّي الصمت و السكون على روحي

-لم؟ ماذا بك؟

=إن أخبرتك أنني لا أعلم ماذا ستقولي؟

-لا شيء ، طالما أنك لا تعلم فهذا شيء عاديّ ، إنه التشويش ..

صَبوة أُرجوانِيَّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن