29

36 2 0
                                    

تجمعت دموعها حول مقلتيها، انتهزت فرصة وجودها بمفردها في غرفة المشفى فشرعت في البكاء، أخذت تشهج بالبكاء دون حولٍ منها ولا قوّة متذكرة خبر معرفتها بمرضها، استمرت على هذه الحال إلى أن انهارت وخارت قوّاها وانهار مع انهيارها أحلامها المستقبلية التي كادت تُحقق بل شتات وبقايا أحلامها، استيقظت من جديد، استيقظت بكل فتور ويأس جراء تلك الأجهزة التي ملّت سماعها،على تلك الإبر التي تقتحم جسدها بلا أيّ رحمة، فشعرت للوهلة وكأنها جيوش لا معدودة تحارب جسدها الضئيل بلا مثقال شفقة، نظرت حولها فوجدتها بالفعل، وجدت صديقتها التي بمثابة بائع سعادة وسط سوق اليأس والقنوط وزحامه، غزت عضلات وجهها وبكل ما أوتيت من قوة لترسم على محياها ابتسامة واهنة، لكن لم تطعها عضلات وجهها بل عصتها بكل جحود وعناد، فبدل من أن ترسم المسكينة على محياها ابتسامة مصطنعة أرسلت مقلتيها الذابلتين دموعاً تتسابق على خديْها الذيْن قد تشبعتا اصفراراً وشحوباً،شرع صوتها بالعلوّ دون سيطرة منها لكنها آثرت ألّا تحاول الكتمان فهو أصعب ما لديها، لاحظت صديقتها استيقاظها فوضعت مصحفها جانباً وجمعت فتات ابتسامتها فأخرجت بسمة واهنة وبكل حنوّ ضمتها إليها وانطلقت تواسيها وتشجعها كما اعتادت أن تفعل، قررت صديقتها التي كانت خير مثلٍ يضرب به عن الصداقة المكوث مع مكافِحة السرطان بل مكافِحة الحياة كما لقبتها، قررت المكوث معها في نفس ذات الغرفة على سريرٍ بجانبها إلى أن تتعافى، عندما علمت "وتين" ذاك الخبر التهب قلبها فرحاً وأخذ يعلو نبضها من فرط السعادة وبل ومكثت يوماً كاملاً تتأمل السرير الذي وُضع من أجل صديقتها "كيان" بجانبها لتكون محارباً مساعداً معنوياً في مرضها، تتالت الأيام ووتين يوماً تتعافى بإصرارها الذي يتعالى إلى أن يصل عنان السماء وأخرى يسقط إصرارها فيتفتت ويضيع بل وكأنه يُسرق منها، وصديقتها تسعد بتعافيها وإن اضطر الأمر تلملم لها ما تناثر من شُتات قوتها وتلك كانت مهمتها التي أحبتها عن صدقٍ وطيب خاطر، تتابعت الشهور وبدأت جلسات الكيميائي تتقلص وبدأ شعرها بالنموّ  وكأنه على استحياء لما بدر منه من تأخير، وكانت بذرة التفاؤل لديها تنمو يوماً تلو الآخر إلى أن أصبحت شبه نبتة يانعة، بدأت وتين حياتها من جديد، وكأنها طفل جديد في مهده، تغيرت إلى أقصى حد فأصبحت وتين محاربة السرطان الأولى، كان ذلك بفضل الله ثم عائلتها ولن تنسى صديقتها التي كانت بمثابة جدارٍ لا يقهر.

اقتباسات ♪'♪ 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن