وصول كربلاء

23 1 0
                                    


ولم يزل الحرّ يساير الحسين، وكلمّا أراد المسير، يمنعونه تارة ويسايرونه اُخرى حتّى بلغ كربلاء، فلمّا وصلها، قال: ما اسم هذه الأرض؟ فقيل: كربلاء. فقال: اللهمَّ، إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء. وكان علي بن أبي طالب قد مرَّ بهذا المكان عند مسيره إلى صفّين، فوقف فسأل عنه، فأُخبر باسمه، فقال: ها هنا محطّ ركابهم، وها هنا مهراق دمائهم! فَسُئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمّد صلى الله عليه وسلم، ينزلون هاهنا!

وصل ركب الحسين بن علي إلى كربلاء يوم الخميس المصادف للثاني من المحرم سنة إحدى وستين للهجرة

وقال الحسين: انزلوا، فها هنا مَحطُّ رحالنا، وسفك دمائنا، ومقتل رجالنا. ثمّ أمر الحسين بأثقاله، فحُطَّت بذلك المكان يوم الخميس الثاني من المحرم من سنة إحدى وستين وقيل يوم الأربعاء، غُرّة المحرّم من سنة إحدى وستين. وروي أنّ الحسين جمع ولده وإخوته وأهل بيته، ثم نظر إليهم فبكى ساعة، ثم قال: «اللهم إنا عترة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وقد أخرجنا وطردنا وأزعجنا عن حرم جدّنا، وتعدّت بنو أمية علينا، اللهم فخذ لنا بحقنا، وأنصرنا على القوم الظالمين». ثم أقبل على أصحابه، فقال: «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون». وجاء في بعض الروايات إن أبا عبد الله اشترى الأرض المحيطة بقبره من أهل نينوى والغاضرية بمبلغ ستّين ألف درهم، ودفعها لهم صدقة بشرط أن يدلّوا الناس على قبره ويضيّفون القادم لزيارة قبره لثلاثة ايام

ولما نزل الحسين وأصحابه كربلاء في الثاني من المحرم كتب الحرّ بن يزيد الرياحي إلى عبيد الله بن زياد بالخبرفكتب عبيد الله بن زياد كتاباً إلى الحسين يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام. فلما ورد الكتاب قرأه الحسين ثم رمى به ثم قال: «لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق». فقال له الرسول: «أبا عبد الله! جواب الكتاب؟». قال: «ما له عندي جواب، لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب». فأخبر الرسول ابن زياد بذلك، فغضب من ذلك أشدّ الغضب وأمر بإعداد الجيش لمحاربة الحسين.

تحشيد المزيد من الجيش ابن زيادعدل
ولما سرح ابن زياد عمر بن سعد من حمّام أعين، أمر الناس فعسكروا بالنخيلة، وأمر أن لا يتخلف أحد منهم، وصعد المنبر وقال: «إن يزيد قد زادكم مائة مائة في أعطيتكم فلا يبقينّ رجل من العرفاء والمناكب والتجار والسكان الا خرج فعسكر- مع عمر بن سعد- فأيما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الذمة».[138] ثم استخلف على الكوفة عمرو بن حريث وخرج حتى عسكر في النخيلة

جلب المزيد من الأنصار للحسينعدل
وأقبل حبيب بن مظاهر إلى الحسين فقال: «يا بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا حي من بني أسد بالقرب منا أتأذن لي في المسير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك، فعسى الله أن يدفع بهم عنك» قال: «قد أذنت لك»، فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكرا حتى أتى إليهم فعرفوه ولما علموا بما جاء به، تبادر إليه رجال الحي. فلما علم ابن سعد بذلك دعا برجل من أصحابه يقال له: الأزرق بن حرب الصيداوي، فضم إليه أربعمائة فارس ووجه نحو حي بني أسد، فبينما أولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين في جوف الليل، إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات، فناوش القوم بعضهم بعضا واقتتلوا قتالا شديدا، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم، فانهزموا راجعين إلى حيهم ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين فخبره بذلك فقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله».

عاشوراء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن