السفر إلى كربلاء و الحر الرياحي

23 1 0
                                    

عمرة الحسين وأصحابه

رسالة مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين عليه السلام ان اقبل إلى الكوفة شد رحله الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة وفي الطريق التقى مبعوث محمد بن الأشعث وعمرو بن سعد بالحسين في منطقة زُبالة واوصل له رسالة ابن عمّه مسلم بن عقيل إليه التي يخبره فيها بتفرق الناس عنه فتأثر الإمام لذلك كثيراً وخاطب الناس: أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا..
لما علم اهل مكة عزم الحسين من السفر إلى الكوفة فجاءه عبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفية لصرفه عن سفره هذا، إلا أن الحسين كان قد عقد العزم على ذلك فطاف بالبيت مع أصحابه وسعى بين الصفا والمروة وخرج من مكة المكرمة بعد أربعة أشهر وخمسة أيام قضاها فيها وكان ذلك في يوم الثلاثاء المصادف للثامن من ذي الحجّة (يوم التروية)،وكان معه اثنان وثمانون وقيل ستون من كبار الكوفيين واتباعه واهل بيته لمّا خرج الحسين من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص بقيادة يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تذهب ! فأبى عليهم ومضى. وقال الدينوري: ولمّا خرج الحسين اعترضه صاحب شرطة أميرها عمرو بن سعيد بن العاص في جماعة من الجند، فقال: إن الامير يأمرك بالانصراف، فانصرف، وإلا منعتك، فامتنع الحسين، وتدافع الفريقان، واضطربوا بالسياط. وبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن يتفاقم الأمر، فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالانصراف

ولما عزم الحسين عليه السلام على السفر إلى العراق علم عبيد الله بن زياد خروج الحسين من مكّة وأنّه توجّه نحو العراق بعث الحُصين بن نُمير صاحب شرطته ومعه أربعة آلاف فنظّم الخَيْلَ من القادسيّة إلى خَفّان وما بين القَطْقُطانة إلى جبل لَعْلَع لمراقبة خطوط الحركة؛ لأنها مراكز ومحطَّات لابُدَّ للمُتوجِّهين صوب العراق والشام أنْ يمرُّوا بها. ووجّه الحصين بن تميم الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح- وكان ضمن الأربعة آلاف- في ألف إلى الحسين، وقال: سايره ولا تدعه يرجع حتى يدخل الكوفة، وجعجع به، ففعل ذلك الحر بن يزيد.

روى أبو مخنف عن عبد الله بن سليم والمنذر ابن المشمعل الأسديين، قالا: كنّا نساير الحسين فنزل شراف وأمر فتيانه باستقاء الماء والإكثار منه، ثم ساروا صباحا، فلما انتصف النهار رأينا هوادي الخيل فسبقناهم إلى ذي حسم، فضربت ابنية الحسين، وجاء القوم فاذا الحر في ألف فارس فوقف مقابل الحسين في حرّ الظهيرة والحسين واصحابه معتمون متقلدوا أسيافهم، فقال الحسين لفتيانه: اسقوا القوم ورشفوا الخيل

فلما سقوهم ورشفوا خيولهم، حضرت الصلاة. فأمر الحسين الحجاج ابن مسروق الجعفي وكان معه أن يؤذن فأذّن وحضرت الإقامة فخرج الحسين في أزار وردآء ونعلين، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «إيّها الناس إنّها معذرة إلى الله واليكم إنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت على رسلكم ان اقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم، فان تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم»، قال: فسكتوا- الحر وجيشه- عنه. فقال للمؤذن: أقم، فأقام الصلاة، فقال الحسين بن علي للحر: «أتريد أن تصلى بأصحابك؟» قال: «لا، بل تصلي أنت ونصلي بصلاتك»، فصلى بهم الحسين.

فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيئوا للرحيل ثم إنّه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصلى بالقوم ثم سلّم وانصرف إلى القوم بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أمّا بعد أيها الناس فانكم إن تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم غيرما أتتنى كتبكم وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم». فقال له الحر بن يزيد: «إنا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر ولسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد أمرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله بن زياد»

فقال الحسين لأصحابه: قوموا فاركبوا، فركبوا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين للحر: ما تريد؟ قال الحر: «أريد والله أن انطلق بك إلى عبيد الله بن زياد». قال له الحسين : «إذا والله لا اتبعك». فقال له الحر: «إذن والله لا أدعك»، فترادا القول ثلاث مرات، ولما كثرالكلام بينهما قال له الحر: «إنّي لم أومر بقتالك وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة لتكون بيني وبينك نصفاً حتى أكتب إلى ابن زياد وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية إن أردت أن تكتب إليه أو إلى عبيد الله بن زياد إن شئت، فلعل الله إلى ذاك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك»

فتياسر الحسين وأصحابه عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا والحر يسايره

واصل الركب الحسيني حركته حتى وصل إلى البيضة صباحا فأمر الإمام أصحابه بالتوقف هناك لأداء الصلاة ثم أمرهم بالحركة متوجها صوب نينوى التي وصلها ظهر ذلك اليوم.

وصول مبعوث ابن زيادعدل
فاذا بمبعوث أبن زياد مالك بن النسر الكندي فدفع إلى الحر كتابا من عبيد الله، فاذا فيه: أما بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء وقد أمرت رسولي ان يلزمك فلا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام. فلما قرأ الكتاب جاء به إلى الحسين ومعه الرسول، فقال هذا كتاب الأمير يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتني فيه كتابه، وهذا رسوله قد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره، وآخذكم بالنزول في ذلك المكان، فقال له الحسين: دعنا ننزل في هذه القرية نينوىأو هذه (الغاضرية) أو هذه يعنى شفيّة. فقال الحر: والله لا استطيع ذلك هذا الرجل بعث عليّ عينا. فقال زهير للحسين: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به. فقال له الحسين : ما كنت لأبدئهم بقتال.فقال له زهير: فسر بنا إلى هذه القرية فانها حصينة وهي على شاطيء الفرات، فان منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون من قتال من يجيء من بعدهم، فقال الحسين: وأي قرية هي؟ قال: العقر فقال الحسين: اللّهم إنّي أعوذ بك من العقر. فنزل بمكانه وهو كربلاء


عاشوراء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن