•8•

317 8 1
                                    

"بعد حربٍ دامت لثلاثِ سنوات خسرنا فيهم أرواح نقيّة ودماءٍ مقدسة وأرض كانت حُرةٌ، قررنا نحن من يمقتون الخسارة التضحيّة بروحِ المحارب الباسِل الصِمَّة وان تحل محلها روح السلام والصُلح فِداءً للأرواح التي نُريد حمايتها، وإعلمِ يا أمٍ سهرتِ لياليٍ في إنتظار خبرٍ عن إبنكِ المحارب القوّي في ساحة المعركة ويا أبٍ إنهار وجدانك عند خبر تضحيته وإعلمِ يا خليلة البطل أنه فارسٌ في أرضٍ بلا نزاعٍ حوله الخيرات مُطمئن الفؤاد فكونّوا مثله حتى يرتاح كاملاً".

خطابٌ كاللهب أحرق وجدان شعب كامل، فخمسة ملايين شهيد ليست بالرقم الهيّن، لكن أمام تضحيتهم حياةٌ كُتِبت لإضعافهم.

لا تبكِ يا أم البطل فإبنُكِ جَسُورٌ مَتِين، جملةٌ كالماء؛ يُمكنها إغراقك في مشاعرٍ مؤلمة وسيلٌ من الأوجاع، وفي ذات الوقت يُمكنها شفاء الغليّان والحرقة في القلوب.

دمعةٌ جرّت دمعة، توسُّع حدقة العين كإنشقاق الفؤاد من سهمٍ مُحمّل بسُمٍ جبَّار.

إبتسامةٌ حمّلت معانٍ كثيرة؛ دَّنفٌ ام إرتياحٌ ام وداعٌ؟.
خوفٌ بانّ من بؤبؤ العين بينما قهرٌ تخبَّأ بين ثنايا القلب.

تخبُّطٌ وتراجُّع.
توّهُج نورٌ فيّ السماء ويدٌ ممدودة تُناشد باللّجوء إليها هي ما جعلتها تتقدم خطوةٌ إضافية.

ومع كُلِ لمسة إصبع على سورِ الشُرفة صرخةٌ ترُّج المنزل من خلفها.
تأبى التراجع ظنًا منها ان الراحة تكمُّن هناك..معه، أغمضت عينيها بإدراكٍ تام ان ما هي مُقبلةٌ عليه سيُسبب
تَأَلُّمٌ مُدْنَف في أعماقِ احبائها، لكن لا بأس ببعضِ الأنانية اليس كذلك؟.

عانت لسنواتٍ من مرضٍ وسُقم بعد فقدانه، عانت من تَوَعُّك خيانة أقرب الإنّسِ إليها فبطلةٌ هي لتتحمل لوقتٍ طويل وقد حان وقت التّرحال.

لُهاثٌ خرج من ثغرِها وإلتفت تُناظر أبويها وروز يدخُلان غُرفتها يصرخون، نظرت لروز..بفُتُورٍ وتَحَطُّم؛ تجهلُ هل تُأنبها ام توّدعها..تنفُرّ من شعور الأشتياق إليها لكنها مُتعلقةٌ بها. نظرت لوالديها..هنا..فكرّت بالتراجع، بكّت وتأسفت لهم من خلال عينيها.

نظرات والدها تحرّق ما تبقى بين اضلعها، يعلم هو ان لا تراجع في ما تفعله إبنته فيضرب رأسه يؤنب نفسه على ضعفه.

نظرات أمها إليها هي ما جعلتها تنهار وتنقطع أنفاسها..كانت تنظرٌ إليها بكُرهٍ وحنان في ذات الوقت، عيناها وزمة شفتيها تدُلان ان السماح لن يجد سبيلًا في فؤادها.

إبتسامةٌ أخيرة ألقتها عليهم قبل أن تُغمض عينيها وتترُك جسدها يُحمّل برقةٍ لفوق.

كانت روحها هي ما تُحمّل.
أما جسدها؟.









عنا؟ كلمةٌ أثارت الكثير بداخليّ، فلا يُمكنني تخيّل موضوعٌ قد يجمعني بإيڤلين.

ربّما؟.
تقدمت نحويّ تدفعُني برفقٍ ناحية السرير وتجلس هي القرفصاء امامي.

عَتِيق: عَودة وِجدَان|| ك.تحيث تعيش القصص. اكتشف الآن