٥-إنه يوم زفافي

218 9 0
                                    

إنه يوم عرسي... لقد جاء اليوم الموعود أخيراً بعد إحدى عشرة سنة من الحلم بهذا اليوم وبعد شهران من الخطبة، إن اليوم هو يوم زفافي...!!

ها أنا هنا أخيراً أجلس في مقعد العروس "الكوشة" وأنظر يميناً ويساراً على الناس الذين ينظرون لي والابتسامة تملأ وجوههم... وبعد كل ابتسامة أتلقاها من شخص من أقاربي، أصدقائي أو زملائي في العمل أرسم أخرى على وجهي وأومئ برأسي احتراماً لهم.
كان الجميع يبتسم وهم ينظرون لي ولكني أعرف أن بعضاً من تلك الابتسامات ما هي إلا ابتساماتٍ مزيفة، فتلك المجموعة من الناس أتت هنا فقط للنميمة... للتعليق على مظهري ومظهر عريسي: كيف يبدو؟ ومن أجمل فينا؟ وهل أستحق شخصاً مثله أم لا؟ وكنت متأكدة من شيء ما كل التأكيد وهو أن من يعرفون بحكايتي مع حسام جاؤوا فقط ليروا هل يستحق شخصاً مثله أن أتزوج بعد شهرين من فسخ خطبة سبع سنوات أم لا؟!
ولكن لم يهمني أياً من نميمتهم فأنا مثالية وأبدو كذلك... ومهما حاولوا أن يستخرجوا أي عيوب بي أو بعريسي لن يجدوا أي شيء وسيموتون مختنقين بالنميمة في النهاية... ها ها ها!!!
حركت ناظري إلى عائلتي لأجد فرح – التي كانت تتصل بمصممة الفستان التي رغبت في ارتدائه كل خمسة دقائق خلال الشهر الماضي – تجلس برفقة صديقاتها يتناولن الأخضر واليابس بينما كانت تنظر إلى المدخل من فترة لأخرى وكنت متأكدة من أنها كانت تنتظر قدوم سيف – حبيب القلب –
إنها تنتوي جعل أبي مجرم بجريمة قتل بدعوتها له اليوم!
تنهدت بقلة حيلة وحركت رأسي لأنظر على أي شخص آخر فلم أرد أن أشغل عقلي بها وبمشاكلها فاليوم هو عرسي!
نظرت بعدها إلى عمتي وكعادتها كانت الدموع تنهمر من عينيها فأغلقت عيناي بانزعاج وتأففت ببطء، لماذا تبكي هذه المرأة دوماً؟!
لو كانت أمي لما كانت ستبكي بهذا القدر، فلما تجعل الأمر درامياً بهذا الشكل، أنا سأتزوج لن أموت!
ولكني تنهدت بقلة حيلة مجدداً وقررت أن أدع الأمر ولا أغوص في التفكير به وحركت ناظري عنها لتقع عيناي على والدي فابتسمت أنتظر منه أن يبادلني الابتسامة ولكنه لم يفعل فتغيرت ملامحي شيئاً فشيئاً حتى اختفت ابتسامتي وحل محلها العبوس فرحت أنظر لوالدي بتلك النظرات بينما كان يحدق بي بنظراتٍ منكسرة حزينة، والدموع... في عينيه.
ماذا؟ أبي يبكي؟ لماذا؟
لقد كان هذا الرجل قوياً دائماً ولم يذرف دمعة واحدة طيلة حياته فلما يفعل هذا الآن، لما هنا وفي هذا المكان؟!
مازلت لا أفهم شيئاً ولا أتوقع أني سأفهم بعد أن وضع الرجل ابتسامة على شفتيه أعلم أنه صنعها بصعوبة ثم رفع يديه ليضربها معاً ويصفق تناغماً مع الأغاني وهو يشاهد حمزة ورفاقه وأخي "فادي" وأولاد عمتي يرقصون فوق المسرح.
شاهدت الشباب وهم يتراقصون أمامي على أنغام الأغاني وأصوات المغنيين وكم بدوا سعداء وقررت حينها أني لن أهتم لأي شخص يبكي وينتحب لسبب لا أوقنه فهذا يوم عرسي ولن أدع شيئاً يضايقني فيه.

...

بعد رقصة متعبة عاد حمزة ليجلس بجواري مجدداً فاقترب ليخبرني وظننت أنه سيتذمر من أصدقائه الذين يسحبونه من على الكرسي في كل مرة قام مشغل الأغاني بتشغيل أغنية حماسية ولكنه فاجأني بهمسه في أذني قائلاً: "تبدين رائعة، لم أستطع أن أزيل عيناي من عليك طيلة رقصي."
احمرت وجنتاي ولم أعرف السبب، ليس الأمر كأني لم أسمع أياً من كلام الغزل مسبقاً ولكن أخجل كثيراً حينما أسمع حمزة يقولها، ولكني وضعت ابتسامة على وجهي كي لا أخجله ثم أخفضت وجهي حتى لا يلاحظ حماره.

مرت الكثير والكثير من الدقائق وبدأت أمل الجلوس وكأن فرح والفتيات شعرن بالملل الذي حل بي فجاؤوا إلى حيث أجلس ثم أمسكا بيداي وجعلاني أنهض من مكاني إلى حيث كان المسرح حتى نؤدي رقصة خاصة مع باقي الفتيات.
أخذنا نتمايل قليلاً على أنغام الموسيقى ونغني سوياً في جانب من المسرح بينما احتل الشباب الجانب الآخر ولكن سرعان ما تحول النصفان إلى جزء واحد حيث تجمع كل من الشباب والفتيات في دائرة كبيرة وجعلوني أنا وحمزة نقف في منتصف تلك الدائرة. تفاجأت في البداية حين أصبح قبالتي ولكن كانت السعادة تبدو على وجهه وهو يحدق بي. أمسك بيداي ليحركها حتى نرقص سوياً فارتسمت ابتسامة تلقائية على شفتاي ووجدت نفسي أغني وأرقص معه.
أخذت أتمايل بجسدي ورأسي يميناً ويساراً مع أنغام الأغنية حتى وقعت عيناي على شيء لم يكن عليها أن تفعل، فتجمدت...!!
لقد كان هنا... حسام كان هنا!

لماذا...؟!

كان هناك، يقف وينظر لي من بعيد ولم تبدُ نظرته نظرة سعيدة أبداً... أوعلى الأقل عادية بل كان ينظر بنظرة ضيق وانزعاج، لماذا كان ينظر بمثل هذه النظرات؟!
لماذا جاء إلى هنا في الأساس ومن أخبره بمكان وزمان عرسي؟ لا يمكن أن تكون صدفة أبداً!
ولماذا... يأتي بعد كل ما فعله فيني؟ ألم يكن هو من تركني ورحل ولم يود الزواج بي؟

أخفضت ناظري وأبعدته عنه، لا أريد أن تتلاقى نظراتي معه ولا أريد أن ألفت الأنظار إلي ولكن رغم إعادة ناظراي إلى حمزة لم أستطع أن أنظر بنفس النظرات التي كنت أنظر بها قبل أن أراه... وكنت أدعو الله أن لا يلاحظ زوجي أن هناك شيئاً مختلفاً.
دعائي لم يستجب فلاحظ حمزة ملامحي المختلفة بالفعل ولكن عوضاً عن التساؤل عن سبب اختلافها أمسك بيدي ليسحبني باتجاه مقعدنا وهو يقول:
"لابد أنكِ تعبتِ من الرقص، دعينا نذهب لنجلس قليلاً وسأحضر شيئاً لنشربه."
أجلسني حمزة في مقعدي ثم رحل ليحضر لنا ما نشربه فأخذت أحدق على الأرضية ورغم أني كنت أشعر بالفضول الكبير للنظر إلى الضيف الغير مرغوب به إلا أنه لم يكن لدي الجرأة لرفع عيني وبعد فترة اختلست نظرة صغيرة حتى أشبع فضولي الذي لا يهدأ لأجده قد رحل أخيراً فزفرت بهدوء وراحة وأنا أرفع كل ناظري إلى أعلى وأحدق على البقعة التي كان يقف فيها بشرود.
كان قدومه إلى هنا ونظرته المنزعجة تلك رغم أنها كانت غريبة إلا أنه كان من المفترض عليها أن تشعرني بالراحة فجزء مني كان يريد الزواج من شخص غيره بهذه السرعة حتى أحصل على انتقامي منه ولكن كان الواقع يعكس الحقيقة دائماً.
لم أشعر بنشوة الانتصار كما ظننت أني سأفعل حين أخذت انتقامي منه وأعتقد أن ذلك كان بسبب قلبي المحطم الذي لا يستطيع أن يفرح باستعادة جزء بسيط من حقه، وعوضاً عن الاحتفال رحت أستعيد الذكريات السيئة التي زرعها في عقلي التي لولاها لكنت الآن أجلس بجواره ليس بجوار رجل عرفته من شهران فقط...

أحاطت بي سحابة سوداء وجعلتني أعاني في يومي الجميل... فلماذا يحدث كل هذا معي؟ ما الخطأ الذي ارتكبته حتى أعاقب بهذا القدر؟
.
.
.
انشغلت الفترة اللي فاتت ومقدرتش انزل بس ان شاء الله الفترة الجاية هنزل الرواية في معادها
متنسوش تصوتوا وتقولوا رايكو

زواج بلا حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن