الفصلُ الثالث - نهايةٌ البدايـة

142 3 0
                                    

" الفراشة " .
-----------------------------------
" نعم نعم ، أجل .. كل شي على مايُرام "
أنهى والدُ ماثيو " ميشيل " مكالمةً ما ، وظلّ يناظر إبنه الوحيد الذي يحتسي أكواب النبيذ واحداً تلوَ الآخر .
كان ماثيو يبحر في عالم اللاوعي ، يمسكُ كأس النبيذ المخملي يفكر بأمرٍ ما عجزَ ميشيل عن معرفته .
" تلكَ الفتاة ليست بهيّنة .. أليس كذلك ؟ "
نظرُ نحوهَ ماثيو مبتسماً
" أنت مُحق "
" لم يكن عليكَ فعلُ ما فعلت ، جعلتك تبدو غبيا ً "
" لم أقصد شيئاً بسؤالي ذاك "
" أنتَ تعرف عمّ أتحدث ، على كلٍ يابُني مهما حدث سيظل اليومَ هو يومٌ مجيد لثلاثتكم ، أستمتعو لأنه فور أن ينتهى .. سيبدأ العملُ بجدية "
ظل ماثيو يحرك كأس النبيذ مراقصةً أصابعَه
" حسناً يا أبي ، أنتَ كذلك .. وكن حذراً "
نظر ميشيل نحو إبنه متعجباً
" مالذي جعلك تقول ذلك ؟ "
--------------------------------
" إذن آلبرت .. أين والدك السيد فوركس ؟ "
سألتني إيميلي بفضول .
هي محقة ، أبي مختفٍ عن الأنظار منذ أن صعِدنا السفينة .
رُحت أتنقل ببصري في أنحاء القاعة لربما أجدُه لكن لا فائدة .
لمحتُ والدَ إيميلي يشُير بيده إلينا للقدوم نحوَ طاولتهِ هو و أبي و السيد ميشيل والدِ ماثيو .
نظرتُ نحوَ إيميلي لأُخبرها ، فوجدتها شاردة ..
فيمَ تفكر يا تُرى؟
ناديتُ أسمها لأقطعَ دوامةَ الشرودِ التي أغرقتها .
نظرت نحوي متسعةَ العينين ببراءة
" ماذا ؟ "
" والدُك يريد منا الذهاب إليه "
وقفت في الحال
" قادمة "
ثم همّت مسرعة نحوهُ .
--------------------------------
تعالى صوتُ ضحكات الجميع ،
أصواتُ كؤوسِ النبيذ تطرُق بعضها لترفع نخُوباً ،
أعداءٌ انستهمُ الثمالةُ حقداً و حروباً ..
إلا ماثيو .
كان إحمرارُ نبيذِ كأسهِ قد عكس حريقاً ما كان بداخلهِ ،
شئ ما كان لا يبدو صائباً بالنسبة له ..
في لحظة ما ، قد تعالت أصواتُ صفيقُ الجميع ،
رفع عينيه ببطء شديد نحو مصدرِ التصفيق ،
كانت إيميلي تتوجه نحو الدرجِ الذي يقود نحوَ الفرقةِ العازفةِ بالأعلى حيثُ ذلك البيانو الضخم .
بعد ثوانٍ ، إقتربت إيميلي من عازف الكمان إستلمتْ منهُ آلته .
إلتفتت نحوَ الفرقةِ خلفها معطيةً إياهم تعليماتٍ ما ..
ثم بدأت بالعزف ، لحناً ملحمياً قد أشعلَ جيوشاً داخل ماثيو ..
إستلمَ العازف الاصليَ الآلة من إيميلي ، وبدأت مقطوعةٌ رومانسيـةٌ جرفتِ الماضي في ذهونِ المراهقيـن الثلاثة !
إقتربت إحدى الفتياتِ من آلبرت بـغنج ،
إنها معجبةٌ به بدون شك !
حاولَ آلبرت التهرب منها دونَ فائدة ، ففي لحظةٍ وجدَ نفسه يراقصها بهدوءٍ في وسط القاعة .
أصبح عدد الراقصين في إزدياد ، لم يتبقى إلا إيميلي و ماثيو و آباؤهم .
إقتربَ ميشيل من ماثيو و إيميلي متسائلًا
" لمَ لا ترقُصان، اعتبراها افتتاحية شراكتكما "
فزغت إيميلي محمرّة الوجنتيـن
" ماذا ؟؟ "
اخذَ ماثيو كأس النبيذ وشربها دفعةً واحدة ثم وقف موجهًا راحةَ يدِه نحو إيميلي .
تسمّرت إيميلي مكانها متسائلة ؛
( هل يُريد إحراجي كما فعلتُ منذ قليل ؟
لن أسمح لك بذلك سيد مارتينيز )
شربتِ الكأس بدورها وأمسكت يدهُ و بدأ كلاهما يرقصُ ببطء و هدوء .
كان ماثيو ينظر نحو الفراغ ،
واضعًا يدهُ على خصر إيميلي ،
ضامًا إياها بقوةٍ مُتزايدة ،
أما إيميلي فقد كانت تحاول إدراك ما يفعله ،
انتقلت ببصرها نحو آلبرت الذي يبدو عليه الغضب لسبب ما .

" هنالك خطأ، هنالك شئ ليس بصائب ولكن .."
قال ماثيو..
نظر نحوَ آلبرت ، الذي كان يشتاطُ غضبًا.
إتسعتْ عينآ ماثيو فورَ رؤيته ذلك،
" كان عليّ معرفةُ ذلك منذ البداية ،
كيف غفلتُ عن الأمر ،
كيف ذلك ؟ "
مالبثت إيميلي أن تسألهُ
" مالخطب ؟ "
حتى يُسمع صوتُ إنفجارٌ مدوٍ في الأرجاء ،
عكسَ ضوئهُ الأبيضُ نورهُ ليعطيّ عينيْ ماثيو ذاتَ البؤبؤ المتسعِ صدمةً لوناً شبيهاً بالشفق القطبيّ .
ملأتْ أصواتُ الصراخِ الأرجاءِ فورٍ بدء السفينةِ بالميلانِ نحو الأسفل .
تهاوت إيميلي للخلف نتيجة لذلك ، وتاهت من ناظرِ ماثيو بسبب الزحام والتدافع للهرب
" الأمور تسير كما خططنا ، ماعدا .. ماثيو .. يبدو أنه قد أدركَ شيئاً ما بالفعل "
قالها نادلٌ يعمل في السفينه عبر اللاسلكي.
همّ الجميع بالركض نحو المخرج ،
الحرس يحمون أسيادهم من كلّ جانب يركضون بهم نحوَ قوارب النجاة .
نهضَ ماثيو ممسكاً بيمناهُ رأسهُ النازف ، رفع عينيهِ ليرى والدهُ راكضاً نحوه ، لتفاجئهم السفينةُ بهزةٍ قوية دفعت والدَ ماثيو للخلف بقوة ، ودافعةً ماثيو بدورهِ ليسقط بجسدهِ المتهالك للأمام .
" سيدي ، علينا إخراجك من هنا "
ظهر آرثر من العدم ممسكاً ميشيل سابحاً إياه نحو الخارج قائلاً هذه الكلمات ناظراً نحوّ ماثيو ثم نحوَ البيانو الضخم بالأعلى ..
تتبع ماثيو ببطء الإتجاهَ الذي ينظر نحوه آرثر ،
إيميلي و والدها السيد جون ، أمامهما رجلُ حجبَ الظلام ملامحهُ يصوب نحوهما مسدساً ..
ركض ماثيو منادياً إياها بصوتٍ عالٍ
" إيميلي ! "
تبعَ إسمَ أيميلي طلقةٌ قد كان صوتها مدوياً ، ثم صرخةٌ صرختها إيميلي مصحوبةٌ بكلمةٍ واحدة
" أبي "
تجمدَ ماثيو مكانه،
شئ ما كان يُقيده .. وكأنه أمام إحدى شاشات العرضِ في السينما .
تصاعدت حدة المشهد ، حيث وقفت إيميلي بيدها سكينٌ صغير ..
ركضت نحوَ مطلق النار الذي كان عائداً أدراجهُ غارسةً السكين في كتفهِ الأيمن، إلتفتَ الرجلُ دافعاً إياها بقوةٍ للخلف ..
أرتطمَ ظهرها بالحافةِ التي تطلُ على الممرِ ذي السجاد القُرمزي ، وهمّت بالسقوط ..
ببطء ، كما تغرقُ الحجرة ُ في مياه البركة كانت إيميلي تهوي نحوَ الأسفل .
----------------------------
إنها تهوي إلى الأسفل أمامي مباشرةً ،
تناثرَ شعرها الذي تلون بالكستناء كما رأيت دماءَ العمِ جون المخمليةَ تتناثر فور إطلاقِ النار .
-
يتبـع ✨
نلتقي بالغدْ إن شاء الله .

عائدةٌ إليكَ - Back To YouWhere stories live. Discover now