الفصل السابع - مُجددًا

2 0 0
                                    

" لن أدعكِ تهربينَ مني مجددًا ، أنتِ كنتِ لـي منذ البدايـة "
قرّب شفتاهُ نحوَ خاصتها ببطء ، بخوف و ترددٍ شديديـن .
فجأة سطعَ ضوء من زجاج السيارةِ الخلفي ، إتسعت عينآ آرثر الزرقاوتين فورَ رؤية المصدر !
لقد كانت سيارة آنجيلو .
وضع ماثيو يدهِ على يسارِ صدره قائلًا بحزم
" آنجيلو .. هل يمكنكَ الإقتراب منهم "
نظر نحوه ماثيو قائلًا بنبرةِ إستفهام
" لكن مالذي .. "
توقف عند تلك الكلمة صدمةً لما رأى ،
لقد سحب ماثيو مسدسهُ من جيب سترتهِ بالفعل .
" ماثيو .. ؟ "
زادتْ جدةُ نبرة ماثيو قائلًا دون النظر لآنجيلـو
" تقدّم "
تقدّم أنجيلو ليلتصقَ بجانب السيارةِ الأيمن،
ليرفع مسدسهُ مصوبًا إياهُ بسرعةٍ على من يجلس بالجانب الأيمن .
" ماثيو ! مالذي تفعله "
فتح ماثيو عيناه جرّاء الصوت فهو يحفظه جيدًا ، إنه صوتُ آرثر !
" أين إيميلي ؟ لمَ خرجتم ؟ لمَ لا تجيب على مكالماتي ؟ "
" إنها نائمة ، ولقد خرجنا لتشتري بعض الملابس فكما تعلم لا تملك سوى فستانَ ذلك الحفل ولباس المشفى !
و أخيرًا لقد اضعتُ هاتفي عن غير قصد "
أطلق أنجيلو ضحكةً عاليـة للغاية مما جعل كلاهما ينظرانِ له بحدّه ثم قهقه الإثنان معًا أيضًا .
إبتسم ماثيو
" نلتقي في المشفى إذَن ؟ "
أومأ آرثر إيجابًا
" بالـطبع ! "
تقدمت السيارةُ التي بها آرثر ، ثم لحقتهُ تلك التي بها ماثيو و آنجيلو .

كانت أضواءُ شوارع باريسَ تُرسم كدوائرَ على الزجاجُ حيث آرثر بملامحَ جديةً مُنهمكٌ بالتفكير .
" أبــ ..ي "
قالتها إيميلي وهي تغط في نومٍ عميق ، إلتفت نحوها آرثر بنظراتٍ ملؤها الحُزن .
آخرج مشدَ الشعـر الصغير ، أخذَ خصلاتٍ من شعرها الكستنائي وجعلَ مشد الشعر يحتضنه ، آخذا يدها ببطءٍ مُقبلًا إياها .
" سأحميكِ .. مهما كلف الأمر و مهمـا تغيرتِ الأحوال .
حتى و إن لم تتـذكري ، أعلمُ أنني أعيش بين ثنايا قلبك و أعلمُ أنكِ سـتجدينني يومًا ما .
إلى ذلك الحين ، حتى موتِي سأفديكِ بـِ روحي يا إيمـيلي "
في ذاتِ الأثناء ، ماثيو قد كان في عالمٍ آخر يفكرُ أيضًا إلى أن تلفظ بتلك الكلمات لـآنجيلو
" آنجيلو .. بعد كل تلك السنوات هل يمكنُ  أن تستيقظَ مشاعرٌ ما ؟ "
" بالطبع ذلك يمكن "
إزدادت نظرةُ آنجيلو نحوَ عداد السرعةِ حدةً ، تلفظَ هامسًا
" أؤكدُ لكَ "
            
بعد نصفِ ساعةٍ تقريبًا ، قد وصلتِ السيارتان أمام بوابةِ المشفى الحديديةِ الضخمـة .
فتح ماثيو الباب مسرعًا نحـو سيارةِ الأجرة التـي بهـا إيميلي ، مد يده بقوةٍ ليفتح الباب بينما آرثر يُناظره متسمّرًا .
كانت إيميلي تغطُ في نومٍ عميق ، ابتسمَ ماثيو فورَ رؤيتها في هذا السلام فقد كان كل شئ يشتعل توترًا في الأسابيع السابقة .
ابتسم ماثيو مذعنًا لحقيقةٍ ما تيقّن منها في هذه اللحظة .
مدّ يده اليُمنى لتستقر خلف ظهر إيميلي، والأُخرى أسفل فخذيها ساحبًا إياها خارجَ السيارةِ نحوهْ ، ناظرًا نحو ارثر مؤنبًا
" لا تكرر ذلك ، كدتُ أُجن "
اقترب آنجيلو من السيارة التي بها آرثر مبتسمًا
" مالخطب ؟ "
نظر آرثر نحو آنجيلو ببرود ثم إلتفت نحوَ سائق الأجرة آمرًا
" انطلق "
انطلقت السيارة بسرعة هائلـة .
سعُلَ آنجيلو غارقًا في غبار سيارة الأُجرة ، رافعًا نظره نحو مبنى المشفى الكبيـر بهدوء
" ايميلي ، مالذي تحملينه خلفكِ هذه المرة "
                ----------------
في ذات الأثناء كان ماثيو جالسًا بجانب ايميلي الغارقةِ في نومٍ عميق ، مشابكًا أصابعهُ غارقًا في بحرِ أفكاره !
اقترب منها ببطء شديد ، رفع معصمها و انحنى برأسهِ على سرير المشفى الأبيض لـيلامسَ وجنتهُ اليمنى ، واضعًا أصابع إيميلي الصغيرةَ لتغطي عينيه و جبينهُ ليبحرَ قليلًا نحو الذكريات .

" ماثيو حرارُتك مرتفعة ! "
قالتها إيميلي بصوتها الطفولي ، ويدها الصغيرة تغطي جبينَِ ماثيو .
ابتسم ماثيو قائلًا
" لستُ كذلك أنا بخير، هل نعود للمنزل ؟ "
" حسنًا "
نظر ماثيو لأعلى مُدركًا بأنها قد بدأت تُمطر ، حمل إيميلي الصغيرةَ وراح يركض .
رفعت ايميلي يديها عاليًا قائلةً بسعادةً
" انه المطر "
" ستمرضين إن لم نصل بسرعة "
" لا اريد دخول المنزل "
وضعت يديها على عينيّ ماثيو
" ابعدي يديكِ انا لا ارى الطريق ! "
" ايميلي ! "
" ابعدي .. "
وقبل إنهاء جملتهِ تلك وقعَ كلاهما في الوحلِ  و الأمطار تزداد غزارة .
فتح ماثيو عينيه ببطء ، زحف مسرعًا نحو إيميلي و فورَ إقترابهِ منها اصبحَ كل شئ اسودَ اللون !
إنهُ في اللاشئ !
همّ ماثيو واقفًا ، مُناظرًا يديه الملطختين بالوحل .
فجأةً لاحظ وجودَ ارضيةٍ خشبيةٍ اسفل يديه ، رفع نظرهُ مرتعشًا ببطء ليرى شخصًا امامهُ ممددًا على الأرض يزحفُ نحوه غارقًا في الدماء .
نظر ماثيو ليديه مجددًا ، ليتحول ذلك الوحلُ لدماء !
" خذ ماثيو ، هذه أول مهمةٍ لك "
رفع عينيه نحو مصدرِ الصوت ، انه والده
" ميشيـل " يحملُ بين يديه مسدسًا من طرازِ كُولت إم 1911 ناظرًا نحوه بحزم قائلًا
" ناوِلني يديك ، سأعلمك كيف تتخلص من الخوَنة "
وضع ميشيل المسدس بين يدي ماثيو ، في وضعيةٍ مستعدةٍ للإطلاق .
كان الرجلُ يصرخُ بحرقة و ندم شديدين ،
" أرجوك .. لديّ عائلة و أطفال .. "
وضع ميشيل يدهُ اليسرى لتغطي عينيَ ماثيو ، و الاخرى تحاوط يديّ ماثيو ليطلق النار .
جعلَ دويّ تلك الطلقة جسد ماثيو يرتعش ذارفًا دموعًا بغير إرادته .
غدت تلك الدموعُ حاضرًا على أصابعِ إيميلي ، فتح ماثيو عينيهِ و ازاح يد ايميلي ببطء ثم همّ جالسًا .
            --------------------
في ذات الاثناء كان الصباح في طوكيو مبهرًا  ..
جلس ميشيل  يحتسـي قهوته الصباحية ، أمام نافذةٍ تُظهر جمالَ شوارعِ طوكيو .
سمِـع وقع خطواتٍ خلفه ، رُسمت إبتسامةٌ صفراءٌ على محيـاه .
التفت ببطء قائلًا
" إذَن ، اتيت ؟ "
صوتٌ مألوفٌ قد نطق الآتي
" بالطبع ، كيف لي التغيّب ! "
" عزيزي آلبرت .. هل انتَ مدركٌ حجم ما تورّط بهِ والدُك ؟ "
" بالطبع .. لذلك انا هُنا "
و أخرج مسدسهُ الكاتم في وجهِ ميشيل
" و احتاجك صامتًا لبعض الوقت "
               -----------------
يتبع.
اعتذر عن غيابي المُطول يارفاق ، اتمنى لكم قراءة ممتعة!

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 16 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

عائدةٌ إليكَ - Back To YouWhere stories live. Discover now