روايات ضعيفة في أمر التزويج

23 2 0
                                    


روایات ضعيفة في أمر التزويج
وما دمنا قد ذكرنا اختلاف المؤرخين في الشخص الذي تولى تزويج أم المؤمنين خديجة كلها من النبي فأرى أنه من المهم أن أشير إلى بعض الروايات الضعيفة المشتهرة في هذا الموضوع لئلا يغتر بها مغتر أو يحتار في توجيهها طالب الحق، فأقول مستعينا بالله تعالى:
إن روايات التزويج التي وقفت عليها من خلال استقرائي لسيرة أم المؤمنين خديجة العطرة تكاد تكون منحصرة في هذه الروايات الثلاثة وهي :
1- روى الإمام أحمد في مسنده عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس فيما يحسب حماد أن رسول الله ذکر خديجة وكان أبوها يرغب أن يزوجه فصنعت طعام وشرابا فدعت أباها وزمرة من قريش فطعموا وشربوا حتى ثملوا، فقالت خديجة لأبيها : إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه، فزوجها إياه فخلقه) وألبسته حلة وكذلك كانوا يفعلون
بالآباء فلما سرى عنه سکره نظر فإذا هو مخلق وعليه حلة ، فقال : ما شأني ما هذا؟ قالت : زوجتني محمد بن عبد الله، قال : أنا أزوج يتيم أبي طالب؟ لا العمري فقالت خديجة : أما تستحي تريد أن تسفه نفسك عند قريش تخبر الناس أنك كنت سکران فلم تزل به حتى رضي).
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط معلقا: «إسناده ضعيف، شك حماد في وصله ثم إنه قد دلسه فقد رواه البيهقي في الدلائل عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار . فعاد الحديث إلى علي بن زید
وهو ضعيف »
۲- روى البزار في (مسنده) عن عمار بن یاسر فيه أنه كان إذا سمع ما يتحدث به الناس عن تزويج رسول الله خديجة يقول عمار : أنا من أعلم الناس بتزويج رسول الله إياها كنت من إخوانه فكنت له خدنا وإلفة في الجاهلية وإني خرجت مع رسول الله ذات يوم حتى مررنا على أخت
خديجة وهي جالسة على أدم لها فنادتني فانصرفت إليها ووقف رسول الله فقالت أما لصاحبك في تزويج خديجة حاجة فأخبرته فقال : بلی العمري فرجعت إليها فأخبرتها بما قال رسول الله قالت : اغد إلينا إذا أصبحت غدا فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرة وألبسوا أبا خديجة حلة وضربوا عليه قبة فكلمت أخاها فكلم أباه فأخبر برسول الله ومكانه وسأله أن يزوجه فزوجه فصنعوا من البقرة طعاما فأكلنا منه ونام أبوها ثم استيقظ فقال : ما هذه الحلة وهذه القبة وهذا الطعام؟ قالت له ابنته التي
كلمت عمارة: هذه الحلة كساکها محمد بن عبد الله ختنك ، وبقرة أهداها إليك فذبحناها حين زوجته خديجة، فأنكر أن يكون زوجه وخرج حتى جاء الحجر وخرجت بنو هاشم حتى جاؤوا، فقال : أين صاحبكم الذي تزعمون أني زوجته خديجة؟ فلما رأى رسول الله ونظر إليه قال : إن کنت زوجته وإلا فقد زوجته .
قال البزار : «وهذا الحديث لا نحفظه عن عمار بن یاسر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد )
وقال الهيثمي تعليقا على الحديث : رواه الطبراني والبزار وفيه عمر بن أبي بكر المؤملى وهو متروك .
3- ذكر العسكري في الأوائل) بإسناده عن سعيد بن جبير قال : اجتمعت نساء قريش في عيد لهن فجاءهن يهودي فقال : يوشك أن يبعث فيكن نبي فأينكن استطاعت أن تكون له أرضا يطؤها فلتفعل، فشتمنه وطردته، ووقر ذلك في صدر خديجة ، وكانت استأجرت رسول الله ، وبعثته مع ميسرة غلامها إلى الشام ، فبينما هي تنظر قدومهما نظرت رجلا يطلع من عقبة المدينة وليس في السماء غيم إلا قدر ما يظله، وإذا هو النبي ال فقالت : إن قول اليهودي حق والمبعوث محمد، فقالت له : اخطبني ، فلقي عمه أبا طالب فقال : اخطب علي خديجة ، قال : أخاف ألا يفعلوا أيم قريش وأنت يتيم قريش فقال اخطبها علي، فلقي أبو طالب أباها وقالوا: عمها، وهو الصحيح، فذكر له ذلك فلقيها فقال فلان يخطبك
الشيخ من قريش، فقالت : شیخ قضى شبابه وساء خلقه لا حاجة لي فيه فقال لها : محمد، فقالت : أوسط قريش حسبة وأفصحهم لسانا، أعود عليه بمالي فيكون عطف يميني، فبعث إليه أن تعال نزوجك فاستنهض معه أبا طالب ، فقال : أخاف ألا يفعلوا وإن ردوني كانت الفضيحة فتأخر وبعث معه حمزة ، فمروا بعلي يلعب مع الصبيان فانطلق معهم فلما دخلوا قال النبي ال : الحمد لله الحي الذي لا يموت. فقالوا: ما هذا الكلام؟ ثم تكلم بما أراد وأرادوا، فقالوا تكلمت ولكن من يضمن لنا المهر؟ فقال علي : أبي فلما بلغ الخبر أبا طالب جعل يقبل علية ويقول بأبي أنت وأمي.
قالوا: والصحيح أن رسول الله كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة ، ولو كان ذلك كذلك لكان لعلي يوم استشهد أكثر من سبعين سنة ، ولم يقل هذا أحد. والغلط في أحد الأمرين . إما فيما رووه من كون علي معهم أو فيما ذكروه من سن النبي يومئذ، وقد قيل : إنه كان يومئذ ابن ثلاثين سنة وقالوا: ابن خمس وثلاثين والله أعلم بالصواب .
قلت : ما ذكره العسكري لله في غلط الرواية حسن، كما أن في السند مجاهيل تغنيك جهالتهم عن نقد الرواية ، كما أن في تفاصيل القصة ما يخالف الصحيح من قصة زواج النبي من خديجة تها .
وقد سبق ترجيح رواية الطبراني لصحة إسنادها.

انّي رزقت حبها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن