FLAV 7

89 4 4
                                    

كان يومًا جميلًا قضاهُ في التنزه و شراءِ بعض الحاجيات وبعض الثّياب لماكس برفقة زوجة خالهِ نتاليا ، ثم انتهى بهما الطريقُ إلى إحدىَ الحدائِق العامّة.

أسرعَ بخفةٍ بتنظِيف كرسيّ خشبيّ تحت شجرةِ صنوبر لتجلسَ عليه نتاليا بابتسامة مظهرةً تجاعيدًا حولَ عينيها البنيّتين ، ثمّ جلسَ إيثَان بقربهَا فنظرت لهُ وقالت وهي تضعَ أكياسَ التسوقِ فوق فخذيها :
" لقد اتعبتك معي اليوم يا إيثَان"

نظرَ لها مبتسمًا وقال بهدوء بينما يُبعثر شعره :
" بالعكس يا خالتي لقد قضيتُ وقتًا ممتعًا بالتسوقِ معكِ لأجل ماكس"

وتابعَ وهو ينظر للأطفالِ الذين يلعبون بالألعاب :
" لقد شعرتُ بالحنينِ لهذه القريةِ كثيرًا لذا أردت أن استغل مكوثي هُنا بزيارة كُل مكان فيها بقدر الإمكان "
نظَرت له نتاليا بابتسامة وهي ترى إيثان الطفل ابن صديقتها قد أصبحَ الآن ناضجًا بملامِح وسيمة يجلسُ بقربها بشعرِه العسليّ المُبعثرِ تحركهُ الرياح وجسدٍ بالغ ، لذا وضَعت كفّها الدافِئ فوق خاصتِه لينظر إليها بهدوء فتقول وهي ترفعُ عن جبينِه خصلاتِه الناعمة: " يحقّ لك ذلك بالتأكيد وفي أيّ وقتٍ يا عزيزي ، كما أنني و تومَس اشتقنا لك كثيرًا "

حوّلت أنظارهَا لفترةٍ لأولئك الصّغار وبعدها أعادت أنظارها لعينيهِ الناعستين المترقبتين: " أتعلمُ يا إيثَان ، حينمَا أرى أطفالًا يلعبونَ على تِلك الألعاب اتذكرُك في الحالِ وابتسم تلقائيًا "

وأكملت بابتسامتها : " أترى تلكَ الأُرجوحة؟ "

وأشارت لأرجوحةٍ مضى عليها الزمنُ إلا أنها لاتزالُ تحتضنُ الأطفالَ حولها ، فأومأ برأسِه بالإيجاب فتحدثت نتاليا : " لقد كنتَ تفضلها كثيرًا وتحبُ الجلوسَ فيهَا بينما تتحدث مع نفسِك ، وقد كَانت أُمك توبخُك كثيرًا لذلك وتحاولُ أن تدفعكَ لبقيّة الأطفال حتى تشاركهم اللعب "

ابتسَم بخفة والهواء يعبث بشعرهمَا وأخذ يحدقُ بتِلك الأرجوحة الحمراء يحاولُ تذكر ما قالتهُ نتاليا لكنه لم يستطع أن يتذكر شيئًا فنظرَ لهَا وقال :" كم كان عمري حينها؟ "

ابتسَمت مظهرةَ أسنانها ثمّ عقّدت حاجبيها بتذكّر قائلة " كنت في العاشرِة من عمرك كما أعتقِد غريبٌ أنك لا تتذكر ذلك"

ضحِك وهو يلتفت ناحيتَها وقال " يبدو أنني أعاني من ذاكرةّ سيئة منذ أن كنتُ طفلًا "

هزّت رأسها بيأس وهي تضحك ثمّ ربتت على كتفِه قائلة " أظنّ أنه شيءٌ عاديّ ، لأن ماكس أيضًا كان يعاني من ذلِك في صِغرِه إلا أنه الآن تحسّن كثيرًا ففاز في مسابقةِ المدرسة للحِساب قبل شهرينِ من الآن "

في قلب أثِـيناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن