الفصل الرابع 💁🏻‍♀️🤍

253 26 9
                                    


"حسنًا هي توقعت أنهم يملكون بعض الخصال السيئة..ولكن ليس إلى هذا الحد! "
كانت ريوانة مع مريم في "المعدية" كما يُطلَق عليها وكانت تشاهد المنظر الخلاب بإستمتاع ولكن كالعادة إستمتاعها وإنبهارها لم يدم كثيرًا، وهذه المرة كان بسبب هؤلاء البنات، والذي يستحي هذا اللقب أن يقترن بهن! فَصوتهم المرتفع الذي بالتأكيد يسمعه جميع الرُكاب، وألفاظهم الغريبة التي لم تفهم منها سوى القليل..كانت تنظر لهم بإستغرابٍ كبير وهي تُحاول أن تتحكم في نظراتها المُشمئزة والتي تسعى للظهور على وجهها وبشدة، ولكن ما أدهشها حقًا هي نظراتهم لهم..فًهي كانت في البداية نظرات متفحصة ثم تحولت إلى أخرى مُشمئزة! ونظرة أخرى لم تستطع تفسيرها.
لم تستطع كبت تساؤلاتها فَنظرت إلى مريم الغارقة في هاتفها، ثم همست في أذنها بنبرة جاهدت أن تكون واضحة ومُنخفضة في ذات الوقت حتى لا يسمعها هؤلاء المرعبون في نظرها:
- مريم، أريد أن أسألك عن شيءٍ ما.
أغلقت مريم هاتفها ونظرت إلى ريوانة ثم سألتها بصوتٍ مهتم:
- في إيه؟ 
أشارت ريوانة بعينيها إلى البنات الجالسات على المقاعد المقابلة لهن، ثم قالت بصوتٍ هامس:
- انظري كيف ينظرون إليّ هؤلاء البنات، إنهن ينظرون لي أنا بإشمئزاز! يبدو أن منازلهن خالية من المرايا..
كانت تقول جملتها الأخيرة بتعصبٍ شديد فَهي كانت تُعامل في النهر أنها الأجمل على الإطلاق..ومن يقول غل ير هذا يهذي بكل تأكيد وبالتالي لن تهتم بحديثه!
لفت إنتباهها صوت ضحكاتهم العالية والتي لا تُناسب أعمارهم، صدقًا هذه الضحكات ليس لها عمر محدد بكل التأكيد ويجب فرض عقوبة على من تضحكها ويتخلصوا منها مباشرةً حتى لا تنشر هذا الوباء..
كانت تُحاول جاهدة أن تُحافظ على إنفعالاتها ولا تُظهر إشمئزازها، ولكنها لن تستطيع أمام حركاتهن تلك بكل تأكيد..كانت تُشاهد مريم إنفعالات ريوانة بهدوء وكأنها مُتوقعة هذا المشهد، بل يبدو أنا عاشته من قبل!
تحدثت هي هذه المرة ثم قالت بصوتٍ خافت:
- أنا مقدرة حالتك دي بس لازم تهدي علشان قدامك لسه حاجات أغرب.
نظرت إليها ريوانة بذهول، ثم أردفت وهي تُشير على الفتيات:
- أغرب من هؤلاء لا يمكنني تصديق هذا.
أسرعت مريم بإنزال يدها التي تُشير بها ثم قالت بصوتٍ خافت:
- نزلي إيدك انتِ بتعملي ايه لو عرفوا إننا بنتكلم عنهم مش هي هيرحمونا صدقيني.
إنكمشت ريوانة على نفسها قليلًا، فَحديث مريم صحيح إلى حدٍ ما، والأذى سيُصيب مريم بالأخص لأنها تراهم كثيرًا ولكن هي سوت تعود إلى النهر في وقتٍ قريب جدًا! همست مؤكدة على حديث مريم:
- معكِ حق، إنني سمعتهم يتحدثون عن رجل ما ولكنني أُشفق عليه حقًا من كم السُخرية والحديث السيء الذي نُسِب إليه.
ضحكت مريم بِخفوت ثم همست بحقيقةً بكل تأكيد ستكون صادمة لريوانة، فأردفت ضاحكة وهي تُحاول أن تُثير فضول ريوانة:
- انتِ عارفة الراجل إلي هما بهدلوه ده مين؟
نظرت إليها ريوانة بتساؤل وقد نجحت في إثارة فضولها بالفعل:
- مَن هو؟ قولي على الفور أرجوكِ.
إقتربت مريم من أذن ريوانة ثم همست بصوتٍ منخفض كأنه سر خطير! :
- ده المستر بتاعنا، أو علشان تفهميها المُعلم بتاعنا يعني إلي بيدرسلنا..
لم تستطع أن تكتم ريوانة تلك الشهقة المُتفاجئة والتي خرجت من جوفها، ثم قالت بصوتٍ مرتفع نسبيًا:
- ماذا تقولين، حسنًا لقد توقعت أنهم سيئين ولكن ليس إلى هذا الحد.
صوت ريوانة المرتفع جعلها محط أنظار معظم رُكاب المعدية، ولكن ما أثار دهشتهم حقًا هي طريقتها في الحديث، فَليس من المُعتاد أن يتحدث أحد باللغة العربية..أمسكت مريم يد ريوانة وهي توزع ابتسامات متصنعة على الرُكاب من حولهم، ثم همست بصوتِ جاد لريوانة:
- كدا مش هينفع الناس هنا مش هيسكتوا لو عرفوا إننا بنتكلم عنهم، وبعدين كفاية شكلك وشعرك إلي مش عارفة هما ساكتين عليه إزاي أصلًا.
همست ريوانة بإستنكار وهي تدافع عن شكلها:
- أصبحت أنا ذات المظهر الغريب الآن؟ أنظري حولك ثم انظري إلي ستعرفِ حينها من هي ذات الشكل الغريب.
قالت جملتها الأخيرة بإنفعال ثم نظرت أمامها بغضب، كانت تنظر إليها مريم بذهول فَهي لم تقصد هذا مُطلقًا، ولكن يبدو أن تلك الريوانة ستتعبها حتى تستطيع التفاهم معها..حاولت أن تكبت ضحكتها على مظهر ريوانة والذي يبدو كَطفلة عابسة، ثم قالت بصوتٍ رقيق:
- مش قصدي أزعلك على فكرة، وأكيد يعني شكلك مش وحش يا ريوانة هو حلو وده إلي مخليني قلقانة، وهتفهمي ليه كمان شوية.
لم تنتظر رد ريوانة ثم تابعت مُجيبة على تساؤلات ريوانة التي تدور بداخلها بالتأكيد:
- بالنسبة للبنات فَهما للأسف بيتكلموا عن المستر بتاعهم أيوة، وكل الكلام ده كان عليه وبسمعهم كتير للأسف.
تخلت ريوانة عن صمتها هذه مرة ثم قالت بدهشة:
- لكن حديثهم كان قليل الحياء يا مريم، يبدو أنهم صغيرات في السن لماذا لا يُنبههم أحد؟
تنهدت مريم ثم قالت بصوتٍ يتخلله الحزن:
- المرحلة إلي هما فيها دي أسوأ فترة في حياة أي بنت تقريبًا، هما مفكرين نفسهم كدا جامدين بس محدش بيتأذي غيرهم..
تسائلت ريوانة وكأنها تُفكر بصوتٍ مرتفع:
- إذن لماذا لا ينصحهم أحد؟ إنها فترة صعبة كما قولتِ لكننا يُمكننا أن ننقذ الفتيات وستصبح حياتهن أفضل بعدها، لكن إذا تركناهم ووقفنا ننظر إليهن من بعيد لن يتغير شيء..
كان كلام ريوانة صحيحًا ولكنه لم يكن جديد على أُذن مريم، فَهي تجلس طوال الليل تُفكر في فكرةٍ ما تنقذهن ومثيلاتهن من تلك المرحلة الخطرة، وقد أتت الفكرة إليها أخيرًا ولكن بقى فقط التنفيذ..
قررت أن تُطلع ريوانة على ما هي مُقدمة على فعله، فقالت بصوتٍ جاد قليلًا:
- بصي أنا بحاول على قد ما أقدر أغير ده، سواء عن طريق كتابة، كلام مثلًا وحاجات كتير بس التغيير إلي بشوفه بطيء جدًا يا ريوانة جدًا.
جملتها الأخيرة كانت توحي كم هي يائسة من قلة عدد من يتأثر بحديثها، فَتابعت بضحكة مصتنعة:
- عارفة أنا اكتشفت إننا بنتغير للوحش بسرعة جدًا، بس بناخد وقت طويل علشان نعرف نبقى حلوين..وحقيقي معرفش ليه.
أصغت إليها ريوانة بإهتمام، فَيبدو أن مريم تُريد تغيير أشياء كثيرة ولكن ليس هناك من يُشجعها على هذا..ألقت نظرة مرة أخرى على الفتيات وجدتهن لم يكفوا عن الثرثرة! ولكن هذه المرة أشفقت عليهن حقًا فَأعمارهم صغيرة على هذا الحديث يجب أن يُعلمهم أحد كيف يُفرقوا بين السيء والجيد، كيف يخترن ألفاظهن..والعديد من الأشياء يجب أن يتعلموها من جديد.
أخرجها من أفكارها حركة مفاجئة كأن تلك المعدية صدمت شيئًا ما! نظرت إلى مريم بذعر ولكن وجدتها هادئة، فأردفت متسائلة:
- ماذا حدث ما هذه الحركة؟
صمتت مريم قليلًا كأنها تحاول فهم سبب ذعرها، ثم تحدثت وهي تقف من مكانها:
- متخافيش ده كده معناه إننا وصلنا خلاص.
ثم تابعت وهي تفرد إحدى يداها أمام ريوانة:
- امسكِ إيدي بقا ومتسيبيهاش خالص علشان ميحصلش حاجة، ومش عايزة أي إندهاشات يا ريوانة مهما شوفنا!!
*غير مدقق علشان مكنتش عايزة أطول عليكم أكتر من كدا فَبعتذر عن أي غلطة*
مستنية رأيكم جدًا علشان ده إلي بيديني طاقة أكمل حقيقي🤍
#يتبع
#تدمير_ذاتي
#منةالله_محمود

تدمير ذاتي Where stories live. Discover now