و يمضي يوم اخر قبل موعد الرحلة المنتظرة ... و تمر الساعات القليلة و كأنها دهور من الانتظار ، ها هي تجلس على مقعدها في الطائرة و تجاورها شقيقتها النائمة ، ظلت سيلينا تسبح بأنظارها في زرقة السماء ، تطير بخيالها لعالمها الخاص ، حيث اللوحات الجميلة و المعارض المبهرة ، و اخيراً ستصل للمدينة التي يا طال ما حلمت بزيارة معرضها الشهير ، تتجول بين زواياه و تتأمل تلك الفنون المعلقة على جدرانه بشموخ ، تلك الحماسة منعت النوم من ملامسة جفونها المرهقة ..
هبطت الطائرة و اوصلتهم سيارة الأجرة لفندق قريب ، حيث تركوا اغراضهم و قرروا الذهاب لتناول الغداء في مطعم معروف و الذي صادف انه مجاور لأحد المعارض الفنية ، اخذت تتناول طعامها في ذلك المطعم الفاخر و كل ما تفكر به هو تحقيق حلمها ، انتبهت والدتها لسرحانها فقالت بلطف : سيلينا ... بماذا تفكرين ؟؟
حركت انظارها لتستقر على والدتها الحنون و تحدثت بحماسة : في الواقع ... زيارة المعرض هي حلمي ، و المعرض مجاور لهذا المطعم !!
تبادل والديها الانظار ثم تبسما و اعادا النظر إليها و تكلم والدها : بالطبع سنذهب للمعرض ... فنحن هنا لأجل اسعادكما !!
اعادت نظرها للطبق و قد قررت انهائه بسرعة ، و كما كانت تتمنى توجهوا مباشرة لذلك المعرض ، هنا اخذت سيلينا تتأمل كل رسمة لفترة طويلة ، بينما دار افراد اسرتها في المعرض كاملاً عدة مرات و بعد آخر جولة عادوا إليها و تحدثت شقيقتها بضجر : هذا يكفي !! لا افهم لمَ تقضين كل هذا الوقت امام كل لوحة !! لا يزال امامك المعرض كاملاً !!
التفتت سيلينا إليها و قالت بسخط : لن تفهمي لأنكِ لا تقدرين الفن !! هذا الابداع يستحق الوقوف امامه لدقائق ... بل لساعات ايضاً !!
- انت تمزحين بلا شك !! لن اقضي اجازتي اتأمل هذا المعرض الممل !!
غضبت سيلينا و قالت : لكنني اتيت لأجل هذا !!
عندها تدخلت الوالدة : توقفا عن الشجار حالاً !!
ثم نظرت لسيلينا و قالت بهدوء : عزيزتي ، ألا ترغبين في التجول و مشاهدة معالم المدينة ؟؟ .. فلا وقت نضيعه في مكان واحد !!
كتفت سيلينا يديها و تحدثت بعناد : امي ... ابي ، انا اود البقاء في المعرض لوقت اطول ، يمكنكما الذهاب برفقة مانيت لرؤية معالم المدينة ..
تردد الوالدان و قد اخذا يتبادلان نظرات الحيرة حتى نطق والدها : لكن سيفوتك الكثير ، و من الصعب أن نقوم بأكثر من جولة للأماكن ذاتها !!
ابتسمت سيلينا و رفعت نظرها لحيث اللوحة التي امامها و قالت : لا بأس ... ليس عليكم زيارة الأماكن اكثر من مرة ... يكفيني تأمل المعرض ...
لم يقل والداها شيئاً فامسكت والدتها بيدها و قالت : لكن لا تنسي الاتصال بنا إن احتجت إلى أي شيء ...
اومأت برأسها : لا تقلقِ علي ...
تحرك والداها و شقيقتها مبتعدين بينما بقيت هي لاكمال جولتها الممتعة ، و لأنها لا تتخلى عن ادوات الرسم فقد كانت برفقتها حقيبة بها الكراسة و غيرها من المستلزمات ، و بينما كانت تسير بهدوء داست على شيء ما ... ابعدت قدمها بسرعة لتجدها كراستها ، تعجبت و تساءلت متى سقطت منها فانحنت بسرعة و حملتها و اخذت تنفضها قائلة : كدت افقدها ...
و عندما اعتدلت في وقفتها و قررت ادخال الكراسة للحقيبة اكتشفت ان كراستها موجودة في الداخل بالفعل !! ، لم تصدق ما تراه و اخذت تتأمل الكراسة الاخرى باستنكار ، عاينتها من الأمام و الخلف لكنها لم تجد عليها اسماً ، و لكونها لم ترد التطفل فلم تقم بتصفحها بل اكتفت بمتابعة التجول و قد قررت تقديم الكراسة لأحد عاملي المتحف كشيء مفقود وجدته ليتكفلوا باعادتها لصاحبها ، مضى بعض الوقت فتعبت و قررت الجلوس على احد المقاعد ، وجدت ساحة في منتصف المعرض بها مقاعد ، اتجهت لأحدها و الذي كان عبارةً عن مقعدٍ معدني طويل غريب الشكل يتناسب مع الديكور ، يجلس شاب على احد طرفيه و بجواره حقيبة ظهر سوداء ، لم تكترث لأمره و جلست على الطرف الآخر ثم اخذت تبحث في حقيبتها عن قلم الرصاص ، لم تستطع ايجاده فأخذت نفساً عميقاً ثم زفرت لتخفف من الانزعاج الذي تشعر به ، إلتفت الشاب إليها بفضول فقد لفت تصرفها نظره ، شعرت بالخجل فانزلت نظراتها و هي تحدث نفسها قائلة : إنه ينظر ناحيتي !!
يتبع ...
أنت تقرأ
رحلة لعالم الفن
Romanceأن تجتمع مع شخص يشاركك هوايتك هو امر ممتع حقاً .. لكن ماذا إن إلتقيت به في مدينة اخرى او بلد آخر ؟؟ هل ستبقيان على تواصل ؟؟ | اذا قرأت و لم تحب القصة اخرج دون كتابة رأي أو انتقاد ، ابحث عن غيرها فالواتباد ملئ بالروايات ! |