عالم الفن

512 88 2
                                    

و دون ان تفكر جمعت اغراضها في حقيبتها بعشوائية و ركضت للطريق الذي سلكه ، ذهاباً و اياباً اخذت تجول المعرض دون ان تجد له اثراً ... شعرت بخيبة الأمل و في نفس الوقت بالدهشة ، فمن كان يتوقع انها ستلتقي بذلك الفنان يوماً !!

خصال شعرها البني انسدلت على وجهها فقامت بإرجاعها لخلف اذنها ثم نظرت لهاتفها لتعرف كم هي الساعة ، مضت نصف ساعة على بحثها عنه ، اعتلى الحزن ملامحها و تمتمت : يبدو أن علي الاستسلام ...

ثم تابعت جولتها في المعرض و التقطت عدداً من الصور لما كان يسمح تصويره ، مضى الوقت و اتصل بها والدها فردت عليه : اهلاً أبي ...

وصل لمسامعها صوت والدها اللطيف : اهلا ابنتي ...

ثم سكت لوهلة و اردف : سنأتي لاصطحابك الآن ... ستغرب الشمس قريباً و نود ركوب قارب جميل و هناك سنتناول العشاء ...

اجابت بابتسامة : حسناً ، سأكون بانتظاركم ...

و حالما اغلقت هاتفها تأكدت من وجود اغراضها في الحقيبة ثم حملتها و خرجت ، جالت بنظرها حتى وجدت نافورة الماء التي تقع امام المعرض و حولها عدد من المقاعد الأنيقة و التي تشابه هيكل تلك النافورة البيضاء ، جلست على اقرب مقعد و ظلت تنظر لتلك القطرات المتساقطة بخفة ... و قد بدى ان هناك شخص ما على الناحية الأخرى ، اتكأت على الكرسي و اخذت نفساً عميقاً و هي تحدث نفسها : كم كان امراً ممتعاً ... لن انسى هذه الزيارة ما حييت !!

ثم وقفت لتلتقط صورة لنفسها بجوار النافورة ، و عندما رفعت الهاتف ظهر ذلك الشخص في الصورة ، و قد كان ذاته "عالم الفن" ، اعتلت وجهها ملامح الاندهاش ، انزلت هاتفها بسرعة و التفتت للخلف لتجده يرفع نظره ثم ينزله ليكمل رسمه ، ركضت ناحيته و قبل أن تصل خففت من سرعتها و تحدثت بخجل : المعذرة ...

رفع نظره و سرعان ما ارتسمت ابتسامة على وجهه و هو يقول : اهلاً ، يبدو اننا التقينا مجدداً اسرع مما توقعت !!

اخذت تعدل خصال شعرها بخجل : في الواقع ... انا سعيدة جداً لأنني التقيت بك ...

تعجب الشاب فترك كراسته جانباً و وقف و هو يحك رأسه بخجل و بارتباك : و انا كذلك ، فمن الممتع أن تجد من يشاركك هوايتك !!

مدت يدها لمصافحته و الحمرة تعتلي وجنتيها : انا سيلينا ، لدي حساب في موقع مشاركة الصور بنفس الاسم ...

ظهرت علامات الاندهاش على ملامحه ثم صافحها بسرعة و هو يقول : انا من المعجبين برسمك حقاً ، انتِ فعلاً فنانة !!

ثم انزل نظره بخجل و تابع : لا بد من انكِ تعرفتِ الي ...

- طبعاً ، "عالم الفن" ...

ثم اردفت بسعادة : اتابع جديدك دائماً و لم اتخيل قط اننا سنتقابل صدفة !!

ثم تركت يده و تراجعت خطوة : كما انني لمْ اتخيل أبداً انك شاب ، فأنت لم توضح جنسك قط و ربما لأنني فتاة اعتقدت بأنك فتاة أيضاً !!

وضع كلتا يديه في جيبه و نظر لأعلى النافورة قائلاً : لم ارد أن تتابعني الفتيات لأنني شاب ، اردت ان ينتبه الجميع على ما ارسمه فقط ، لذا لم اتحدث لأحد قط ، كنت امتدح الرسومات او انتقدها و حسب ، حتى يتابعوني لرسماتي لا لشخصي أو جنسي ...

ضحكت سلينا و بابتسامة : وجهة نظر غريبة ، يا عالم الفن !!

- سام ...

ثم نظر اليها و اردف بابتسامة : هذا هو اسمي ...

ابعدت انظارها عنه باستحياء و هي تقول : سررت بالتعرف اليك كثيراً ، انا فعلاً فعلاً من اشد معجبيك !!

ابتسم و هو ينظر ناحيتها : و انا كذلك سيلينا ...

تبادلا النظرات ثم رن هاتفها المحمول شاهدت اسم التصل على الشاشة و التي كانت والدتها ، حركت انظارها ناحية الرصيف الذي كان بعيداً بعض الشيء لتجد شقيقتها مانيت تقف بجوار سيارة اجرة و تلوح لها ، اعادت نظرها إليه و قالت بسرعة : عليّ ان اذهب ...

ثم اخرجت كراستها و مدتها ناحيته قائلة : وقعها رجاء ، اود الاحتفاظ بذكرى !!

دفع الكراسة ناحيتها رافضاً : لا وقت لديك الآن أليس كذلك ...

طهرت ابتسامة لطيفة على وجهه و اردف بمرح : غداً صباحاً ... عند الساعة التاسعة بجوار هذه النافورة ، سأكون بانتظارك ...

لمعت عيناها بسرور : لن افوت ذلك !!

ثم احتضنت كراستها و ركضت لحيث سيارة الأجرة و حالما وصلت لوحت له ...

فلوح لها بكراسته و الابتسامة مرتسمة على وجهه الوسيم ..

يتبع ..

رحلة لعالم الفنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن