الكراسة المفقودة

504 91 13
                                    

ابتسم الشاب و ابعد نظره عنها قائلاً : لا بد من انك مهوسة بالرسم ... و إلا لما احضرت الكراسة معك ...

نظرت اليه بثقة و اجابت : اجل انها هوايتي ... كراستي ترافقني اينما ذهبت ... هل هو أمر غريب ؟؟

اتسعت ابتسامته و سرعان ما تعالت ضحكاته و نطق : لا ابداً .. كيف و انا مثلك تماماً !!

فأمسك بحقيبة الظهر التي بجواره و تابع : لا اخجل من كوني اعشق هوايتي ... و اسير بهذه الحقيبة طوال الوقت !!

تبدلت ملامحه للحزن و كذلك نبرته : لكنني فقدت كراستي اليوم ، ذلك يشعرني بالاحباط فعلاً .

استمعت لكلماته و صورة الكراسة التي وجدتها لا تفارق مخيلتها و قد شعرت بأنه صاحبها !!

بينما تابع الشاب بأسى : تحدثت للعاملين و سألتهم ... لكن يبدو انهم لمْ يجدوا شيئاً ... قدمت لهم رقم هاتفي للاتصال بي حال ايجادها ...

اخرجت كراسته ثم قدمتها له و هي تقول بارتباك : انها معي ... اردت وضعها عند المفقودات بعد نهاية جولتي ... آسفة حقاً ، لا بد من انك قلقت عليها !!

امتلأت ملامحه بالسعادة و هو يأخذ الكراسة من بين يدها و يهمس بعدم تصديق : وجدتها اخيرا !!

ثم اخذ يتفحصها بسرور و هو يتحدث : قد لا تعلمين ماذا تعني لي هذه الكراسة ... انا حقا ممتن لأنني وجدتها !!

قامت بحك رأسها و اردفت : اشاركك المشاعر ، انا ايضا احب كراستي بشدة ، و ضياعها يسبب لي كآبة شديدة ...

- هذا تماما ما يحصل معي !!

تبادلا النظرات ثم اخذا يضحكان معاً و عندما هدآ اخرج قلم رصاص و قدمه لها بابتسامة : لقد فقدتِ القلم الخاص بك ... أليس كذلك ؟؟

بادلته الابتسامة و هي تلتقط قلم الرصاص : اجل ... شكراً جزيلاً ...

- لا شكر على واجب ...

ثم قام بفتح كراسته و اخذ ينظر للمكان امامه و يرسم خطوطا اولية ، اندماجه في الرسم شدّ انظارها بشدة ، حدقت بحماسته فانتبهت لملامحه ، تلك العينان الزرقاوان الحالمة التي يحملها بها كمية جاذبية لا يمكن التعبير عنها حتى بالرسم ، خصال شعره البنية الناعمة و التي يسرحها بشكل عشوائي نوعا ما ، تعطي لمظهره المزيد من الجمال !!

هذا ما يخص مظهره الخارجي ، أما من الناحية الأخرى فهو يتوافق معها و يشابهها في الاهتمامات !!
يتفهم مشاعرها و يملك حساً فنياً ، تساءلت كيف لكل هذه الصفات المميزة أن تجتمع في شخص واحد !!
و رغم انهما التقيا للتو فقط إلا انها شعرت بالاعجاب و لأول مرة تجاه شخص حقيقي يجلس بجوارها ، فقد كانت دائما معجبة بالرسامين الشهيرين و اولئك الذين يشاركون رسوماتهم في موقعها المفضل ..

اخرجت كراستها و خطت عدة خطوط بينما اخذت تسترق النظر لما يرسمه بين فينة و اخرى ... حتى انهى رسمته تقريباً ... فقام بوضع توقيعه في آخرها ، توقيعه المميز الذي لم يكن بغريب عليها لسبب ما ، حاولت التذكر إلا أنه وقف و قطع سلسلة أفكارها بقوله : لم اكمل التجوال بعد ، اذا ارجو المعذرة ..

تحرك و قبل ابتعاده نطق : سعدت حقاً بلقائك ، و آمل أن اراك لاحقاً ..

ابتسمت بخجل و هي تجيب بصوت مرتفع نسبياً ليسمعها فقد كان يبتعد : و أنا كذلك سعدت بلقائك ..
ثم اعادت نظرها لكراستها و هي تحدث نفسها : ذلك التوقيع ، لماذا اشعر أنني شاهدته من قبل ؟!

رفعت انظارها و اخذت تحاول التذكر فقد أثار الأمر اهتمامها ، و عندما شعرت أنه لا جدوى من ذلك ، فقررت تجاهل الأمر ..

ادخلت يدها للحقيبة و اخرجت هاتفها و فتحت على الموقع الذي تحبه لترى التحديثات ، فاجأتها صورة لتلك الرسمة التي كان يرسمها الشاب قبل لحظات و هي تتقدم التحديثات ، كانت تخص حساب الشخص الذي يا طال ما اعجبت بجديده و فنه "عالم الفن" .. وقفت لا ارادياً و قد شعرت بالذهول ... فقالت بعدم تصديق : الشاب الذي رأيته ... هو نفسه " عالم الفن " ؟!

يتبع ..

رحلة لعالم الفنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن