قصه منصور الجزء الثاني

13 5 0
                                    

بدأت الحرب يوم ١٧/١٦ من عام ١٩٩١ بغارات أمريكية على العراق وخاصة بغداد وبلغت في اليوم الواحد اكثر من الف طلعة جوية قصفت خلالها امريكا محطات الكهرباء والمطارات العسكرية ومعسكرات الحرس الجمهوري وكان قصفهم انتقامي وتدمير شامل للعراق . في حين كان حسام وغيره من ضباط القوة الجوية قابعين تحت الارض مع طائراتهم لا يستطعيون مواجهة عدو يتفوق عليهم بالقوة العسكرية والمعدات والسلاح


بعد أسبوع من القصف المستمر على العراق وقطعات جيشنا في الكويت أمر صدام بان تذهب كل طائراتنا الحربية الى ايران لضمان عدم قصفها من العدو الامريكي ! لم يصدق الخبر ملازم اول حسام عندما أبلغه أمر السرب بتجهيز طائرته والذهاب فيها الى ايران . مستحيل سيدي أكيد انها كذبة نيسان كيف أرسل طائرتي الى عدو قاتلناه ٨ سنوات والان اذهب لهم برجلي وأعطيهم طائرتي التي هم بمعزة أبني منصور !!

كان جواب أمر السرب حاسم . تاخذ طائرتك وتذهب بها الى ايران واذا ترفض سأبلغ قائد القوة الجوية وانت بعدها تعرف مصيرك !! أذهب ياحسام بطائرتك انا مثلك اعرف ان القرار خاطئ وياليت امريكا تقصفها لكان افضل من نهديها لعدونا وأنت تعرف كل من يعارض مصيره الموت .

ودع حسام زوجته بلسم وأبنه منصور وقال لها " أذا لم اعود أنتٍ حرة في حياتك وامانة تهتمين بأبني منصور فهو قطعة من كبدي . اعطته قرآن صغير وزنجيل فيه أية الكرسي وصورتها مع ابنها وقالت له " سأنتظرك طول العمر "

ذهب الى قاعدته الجوية وامتطى طائرته لا ليقصف ايران وانما ليعطيهم سلاحه وهو الممنون
ذهب ملازم اول حسام بطائرته الى ايران وهبط باحدى مطاراتها العسكرية وشعر بالشماتة من قبل الإيرانيين وكأنهم يقولون له " انت چيت برجلك وچبت طيارتك "

أكثر من ١٥٠ طيار عراقي ذهبوا بطائراتهم الى أيران على أمل أسترجاع الطائرات بعد انتهاء الحرب مع امريكا لكن أيران اعادت الطيارين الى العراق وأبقت على الطائرات بحجة انها غنائم حرب

عاد حسام وكانت لهفته للقاء أبنه منصور وزوجته بلسم تعادل كل كنوز الارض رغم الحزن والغضب على فراق طائرته الغالية والعزيزة لكنه عسكري لا يستطيع ان يعترض حتى وأن كان القرار خاطئ فهو في دولة رئيسها دكتاتور يقتل أو يسجن كل من يعارضه حتى لو بكلمة صغيرة فينفيه من الوجود

أنتهت الحرب وبدأ حصار أقتصادي عاى العراق وأصبحت الحياة المعيشية صعبة جدا ولأول مرة بدأ حسام يفكر في الهجرة خارج العراق خاصة بعد أن وصلته رسالة من صديق له كان معه في إعدادية المنصور هاجر الى هولندا وقال له " العراق شغلته طويلة " فهم حسام هذه العبارة جيدا . لكنه كيف يتخلص من العسكرية فهو ضابط وأصبح الان برتبة نقيب وقد لا يسمح له بالسفر حتى لو أحيل على التقاعد

فاتح زوجته بلسم بمسألة السفر والهجرة . والله يا حسام أنت كيفك واني مثلك حايرة صعبة فراق الاهل والاصدقاء وبنفس الوقت الحياة لا تطاق وأظن أكو بعد حروب تنتظر العراق ! هذا البلد مكتوب عليه القهر والحزن .

تردد حسام في اتخاذ قرار في مسألة الهجرة خارج العراق وسبب تردده هو أنه مازال ضابط وممنوع من السفر . بدأت بعض الأمور تنكشف عنده بعد حرب الكويت . أبتعد عن العاطفة عندما يحلل الأمور العسكرية !! وحربهم ضد امريكا جعلته يعرف الكثير من الأمور المخفية التي لم تكن في باله وتمنى لو أنه لم يلتحق بكلية القوة الجوية وذهب الى اكمال دراسته في أيطاليا ! لكن الان لا مجال للوم فقد وقع الفأس بالرأس وأمامه خيارين ام البقاء في العراق أو السفر وكلاهما أصعب من الاخر

بعد السنة من التفكير والقلق حسم أمره وقرر السفر عن طريق شمال العراق ومن هناك يصل الى تركيا وبعدها يذهب الى هولندا حيث ينتظره صديقه . اخبر أمه وأبيه الذي أيد هذه الخطوة اذا كان متاكد من الوصول أما أمه رفضت الفكرة نهائيا وقالت له " تعيش بوطنك فقير أفضل من تعيش في الغربة " كان جواب حسام لها " المسألة مو شغلة غني وفقير أني بعد ما أحب العسكرية ثقتي اهتزت عندما أخذت طائرتي الى ايران وشاهدت انكسار جيشنا في الكويت كل هذا أحدث صدمة في نفسي . أريد أتنفس الحرية يا امي مللت الحروب والقتل والرصاص لا اريد أبني منصور يعيش قلق أبيه "

أتفق مع صديق كردي يعرفه حق المعرفة أن يتكفل بإيصاله الى تركيا عن طريق مهرب مقابل مبلغ من المال . وهكذا بدأ حسام بتصفية اموره . عرض بيته للبيع وأثاثه لكن بشكل سري حتى لا احد يعلم أنه يريد الهروب خارج العراق خاصة ان جيرانه أبو عصام رفيق حزبي ويعشق التقارير السرية فكيف اذا وصله خبر أن نقيب حسام يريد الهروب من حب القائد صدام وأكيد سيكون هذا عنوان تقريره الحزبي

بعد شهرين أنهى حسام كل اموره الشخصية باع بيته وأثاثه واخذ أجازة مرضية من القوة الجوية ورتب كل أموره وودع أمه وأبيه في مشهد تراجيدي كانت الدموع هي القاسم المشترك بينهم وكذلك فعلت بلسم في وداع اهلها .

ذهب نقيب حسام وزوجته وأبنه الى كركوك حيث ينتظره صديقهم الكردي الذي سيتكفل في أيصالهم الى أربيل ومن هناك يذهبون الى تركيا عن طريق مهرب تم الاتفاق معه مقابل مبلغ معين

ولقصة منصور احداث مشوقه

قصه منصورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن