لم تتحمل بلسم زوجة نقيب حسام ان ترى زوجها قابع في السجن منذ سنتين على تهمة لا تستحق كل هذه العقوبة وهو الذي دافع عن وطنه مع طائرته في حرب أيران لهذا عملت المستحيل لانقاذه من السجن حتى أستطاعت الحصول على موعد لمقابلة صدام بعد ان أوصلت احدى صديقاتها "عريضتها " عن طريق عمها الذي يعمل موظف كبير في ديوان الرئاسة وكان حظهم حلو عندما همش صدام على العريضة " تحدد لها موعد للمقابلة "
وبالفعل بعد أسبوع جاءهم أتصال من ديوان الرئاسة يبلغ بلسم بموعد المقابلة .أرتدت بلسم أجمل الثياب وتعطرت بأجمل العطور وذهبت لملاقات حاكم العراق الأوحد الذي بيده " الحياة والموت . الفرح والحزن "
عندما وصلت الى استعلامات القصر الجمهوري أخذتها سيارة مع اكثر من عشرة اشخاص " نساء ورجال " وتبين لها ان هؤلاء أيضا لديهم مقابلة معه . جلسوا في قاعة كبيرة وأنيقة وقُدمت لهم العصائر وكان قلبها يرتجف كل لحظة من الخوف ! كيف تتكلم معه وماذا تقول له اذا غضب وقال لها " ان نقيب حسام خائن لو كنت اعلم بقضيته لكانت عقوبته الإعدام رميا بالرصاص لانه أراد الهروب في ظرف كان الوطن يحتاج رجاله " أو أنه سيكون ودودا معها وسيأمر بإطلاق سراحه !! قطع تفكيرها صوت مدير التشريفات وهو ينادي " بلسم صالح " نهضت بدون وعي " نعم " تفضلي معي .
سارت خلف المدير في ممر طويل وگان الوقت يمر عليها كأنه دهر وليس لحظات معدودة وبعدها دخلت في مكتب أنيق ووجدت شخص يرتدي الزيتوني بدون رتبة عسكرية يجلس خلف طاولة بيضوية الشكل وقال لها تفضلي بالجلوس
ما هي الا دقائق معدودات ويخرج عسكري برتبة مقدم يقول لها تفضلي بالدخول . دخلت الى مكتب صدام وقد وجدته جالسا وحده . تقدمت خطوتين واقتربت من مكان جلوسه فنهض من الكرسي فاذا هو طويل القامة يرتدي بدلة سوداء أنيقة ومد يده للتحية .. اهلا سيدي شلونك !! تفضلي أستريحي
! لم تصدق بلسم انها جالسة امام صدام هذا الأسم المرعب لكل العراقيين خلال ثلاثين سنة مضت ويشاهدوه يوميا من خلال التلفزيون حتى كانت هناك نكتة تقول " عطل تلفزيون أحد الفلاحين وذهب الى المصلح لتصليحه " وعندما انتهى المصلح من تصليحه أخذ الفلاح تلفزيونه الى البيت واكتشف ان المصلح وضع على الشاشة صورة صدام !! وعندما ذهب ليعاتبه قال له المصلح " حجي هو بس صدام يطلع بالتلفزيون فاني خليت صورته حتى ترتاح " وكانت فعلا نكته حقيقية فالتلفزيون له صباحا ومساءا ! لكن الان بلسم تجلس امام صدام ولم تشاهده في التلفزيون .. ترى رئيس دولة أمامها . صفقت وهتفت باسمه في المدرسة وفِي المسيرات . رجل كان يحكم العراق بالحديد والنار وكلامه قانون ودستور ينفذ خلال ثوانيكان صدام يقرأ بأضبارة وضعت أمامه وسألها " شلون الأمور " فأجابت بلسم سيدي اني جيت إنخاك على زوجي المسجون صحيح أخطأ بتصرفه بس عقوبته قاسية وبعده بداية حياته والجميع يشهد بشجاعته وكفاءته بالقوة الجوية وأني چايه عليك سيدي ماعندي غيرك !! هز صدام رأسه وقال لها " كان تصرفه غير صحيح وأستحق العقوبة مع ذلك هاي السنتين بالسجن درسآ له واني طلبت معلومات عنه وكانت كلها بصالحه وما عنده شي ضد الحزب والثورة سجله نظيف ولهذا " سيطلق سراحه ويعاد الى وظيفته العسكرية لكن ينقل من القوة الجوية الى وزارة الدفاع وحسب تنسيبه .
بدون شعور نهضت بلسم وذهبت باتجاه صدام وهي تشكره على هذا القرار . ودخل أحد المرافقين وأمره صدام ان ينفذ هذا الامر حالا . وقال لها خلال يومين يكون بالبيت يمكم لكن في المستقبل " لا يلعب بذيله هاي دولة تعرف كلشي " شكرا سيدي الله يطول بعمرك .
لم تصدق بلسم ماذا حدث معها . فهي غير مصدقة انها قابلت صدام هذا الجبروت الذي يحكم العراق . في مكتب الرئاسة تحدث معها احد المدراء " سيكون زوجك خلال يومين في البيت . وصلت بسرعة الى بيت زوجها لتخبر عمها وعمتها وأبنها منصور الذي اصبح عمره ٨ سنوات بالخبر المفرح .
كانت الهلاهل والدموع في بيت حسام والفرحة لا تسع الجميع وحضنت بلسم أبنها منصور وتقول له " بابا بعد يومين يجي يمنا وبعد ميروح "
لم يعرف نقيب حسام بهذه التفاصيل عندما نادى عليه مدير سجن أبو غريب وهو يقول له " مبروك تم اطلاق سراحك بأمر من الرئيس " صدك ! نعم وصلني كتاب ديوان الرئاسة اذهب الى المكتب لإكمال إجراءات الخروج من السجن .
خرج من السجن وصعد في أول سيارة تكسي وقال للسائق " وصلني للسيدية " شعر حسام بطعم الحرية وهو يرى بغداد مرة ثانية . وصل الى بيتهم وما ان طرق الباب حتى وجد كل اهله وزوجته وابنه وأقرباءه ينتظرونه على احر من الجمر . وحكت بلسم لقاءها مع صدام وكيف قابلته وأمر بإخراجه من السجن
وللقصة بقية