خيانه وغرابه

40 4 0
                                    

كان هناك مجموعة من الفتيات يسبحن في زهرة كبيرة وهناك واحدة منهن تقول لصديقتها:
- أما زلت تشاهدين حبيبك في الأحلام ؟
- نعم أشاهده كل ليلة وأتكلم معه وأضمه إلى صدري ونفعل كل ما يحلوا لنا.
- هههه أنت تعيشين في عالم الأحلام يجب أن تستفيقي لقد دعاك أحد الشبان لحفلة الليلة تمتعي بالحقيقة والواقع.
- عندما أكون مع حبيبي في أحلامي أجمل ألف مرة مع غيره في الحقيقة.
- أنت صعبة المراس افعلي ما يحلو لك.

عندما عاد لوك وبن من زمنهما القديم قال بن:
- كادت الذئاب أن تأكلنا. لكن كيف استطعت أن تفعل ذلك أخبرني بالتفصيل.
قصّ لوك ما حدث له في العراق في مدينة هيت وما توصل إليه من استنتاجات لحالته بكامل التفاصيل. قال بن:
- إن ما حدث لك نعمة كبيرة وهبك إياها القدر
- إنها نقمة أشعر أن هناك مكروها سيحدث كما وأني مختلف عن ذي قبل.
- لا تنظر إلى تلك الخيارات البائسة وانظر إلى الخيارات الإيجابية فمثلا تستطيع أن تعرف أسعار البورصة في المستقبل أو المراهنات سواء كانت في لعب القمار أو سباق الخيل وبتلك الطريقة ستصبح من الأغنياء في يوم واحد.
- ما فائدة المال وقد خسرت سارة. هي من هونت علية المصاعب التي شاهدتها في حرب العراق
- عندما تصبح غنيا ستعود سارة إليك وهي نادمة.
- لا أريد حبها لكوني غنيا أريد حبها لكوني لوك فقط.أنا أحبها لكونها سارة مجردة من أي شيء
- اووووه أنت مزعج فكر في نفسك وأخوك وعائلته مليا تصبح على خير
خرج بن من الغرفة وأخذ لوك يفكر في حديث بن وعرف أن ما يشاهده عندما يدخل في الفقاعة حقيقي مئة بالمائة. أخذ يفتح فقاعة تلو الأخرى ويذهب إلى نوادي القمار ويعود بين الماضي والمستقبل ويربح نقود كثيرة وكلما فتح فقاعة ازدادت سيطرته عليها وكان يختار الزمان والمكان بدقة فيذهب إليهما دون أي عوائق. عاد إلى غرفته مع منتصف الليل ومعه نقود كثيرة وضعها في حقيبة جلدية كبيرة إلى جانب سريره وخلد إلى النوم.

شاهد في منامه نفسه يفتح فقاعة ويعود إلى مدينة أد القديمة (هيت) ويجد نفسه مستقر في نفس المعبد. كان الكاهن يسجد للآلهة لكن هذه المرة لوك لم يفر منه وإنما ذهب إليه ووقف أمامه وعندما رفع الكاهن رأسه قال لوك:
- ماذا تريد مني أيها الكاهن لماذا تطاردني؟
تكلم الكاهن باللغة نفسها والغير مفهومة بالنسبة للوك. قال لوك:
- لا أفهم أي كلمة مما تقول كيف سنحل هذه المشكلة؟
أشّر الكاهن له فوضع سبابته أمام فمه علامة على السكوت فسكت لوك. بدأ الكاهن يتكلم معه دون أن يفتح فاه قال:
- أهلا بك في مدينة أد أدعى الكاهن الأعظم مردوخ. سنتكلم من خلال الأفكار فلغتك غير لغتي عندما تريد الكلام فكر به وسأسمعه والعكس صحيح.
أغلق لوك فمه وبدأ يطبق ما سمعه قال بأفكاره:
- أنا أعرف أيها الكاهن لماذا تطاردني ماذا تريد مني؟
- أنا لا أطاردك لكني أراك تتنقل بين الأزمان والأماكن وهذا فيه محاذر كثير وأخطار لا تعرفها.
- إذا كان هناك أخطار فهذا بفعلك وآلتك وفكرتك لإحياء ملكك دانيال لقد سقطت في قبره وعدت للحياة بدلا منه بعد أن حدث الخسوف الكبير وذلك كله حدث بعد مرور آلاف السنين.
جلس مردوخ على الأرض تعظيما لتمثالي الآلهة التي أمامه وقال:
- عذرا منك أيها الإله العظيم إيل لقد ارتكبت خطا كبيرا.
ثم التفت إلى لوك وقال:
- أحذر لا تتنقل بين الأزمان فهناك أخطار كبيرة ستقع
- لقد تنقلت في مختلف الأزمان والأماكان ولم يحدث شيء
- إني أحذرك
في تلك الأثناء كان بن واقف إلى جنب سريره في غرفته ويقول:
- لوك استيقظ لوك استيقظ الساعة الحادية عشر صباحا.
استيقظ لوم من منامه وقال:
- لماذا لا تتركني نائم لقد تأخرت في النوم ليلة البارحة.
- ما هذه النقود التي في الحقيبة إلى جانبك وكيف حصلت عليها؟
- لقد نفذت ما قلت لي وجمعتها ليلة البارحة.
- يا إلهي نحن أغنياء أنا سعيد جدا. أووه لقد نسيت أن أخبرك إن سارة تنتظرك في الصالة اذهب إليها بينما أقوم بعد النقود.
نهض من فراشه وارتدى ملابسه وغسل وجهه وعرف داخل نفسه أنه شاهد الكاهن في الحلم ولكنه حقيقة وأنه يستطيع أن يفتح الفقاعة الزمنية في المنام أيضا. ذهب إلى سارة وعندما وصلها قال:
- صباح الخير
- صباح الخير لوك هل أيقظتك من منامك؟
- لا عليك. لقد اشتقت إليك كثيرا أمضيت أيام خدمتي في الجيش وأنا انظر إلى صورتك وأحدثها وأعد الأيام كي أعود وأتزوجك.
- انا أيضا اشتقت إليك لكن هناك أمور كثيرة تطورت في غيابك.
- أتقصدين الشاب الأشقر الذي تمارسين الجنس معه في شقتك؟
- كيف علمت بالأمر ومن أخبرك بذلك!؟
- لقد عرفت بأمركما وانتهى. كل ما أريد معرفته هل ما قمت به مجرد نزوة ولا زلت تحبيني أم لا؟
- سأقول لك الحقيقة أنا أحب كروز الشخص الذي تتكلم عنه لكني لا زلت أحبك كصديق لي لا أكثر و أرجو أن تستمر صداقتنا.
- لكنك قبل أن أسافر كنت تحبيني وكنا ننام في فراش واحد ما الذي تغير؟
- كلامك صحيح لكن عندما تعرفت على كروز فقد وجدت توأم روحي قد يكون كلامي جارح لكني أرغب في قول الحقيقة كي نبقى صديقان.
- ألا تعتبرين نفسك خائنة؟
- كلا لم أخنك منذ أن كنا صغيرين لكن عندما تعرفت على كروز شعرت معه بأحاسيس لم أشعر بها معك. قد يكون حبي لك نتيجة العشرة الطويلة وحياة الطفولة التي أمضيناها معا.
- أفهم من كلامك أنا مجرد صديق قضيتي معه أوقات سعيدة وعندما وجدت حبك ضربته عرض الحائط دون التفكير في مشاعره وأحاسيسه التي قضاها معك اعترفي سارة أنك خائنة.
سكتت سارة ولم تتفوه بأي كلمة ووجهت نظرها إلى الأرض قال لوك:
- اسمعيني جيدا أنا أحبك من أعماق قلبي وأتمنى لك حياة سعيدة وللحب الذي أكنه لك أسامحك على خيانتك لي أما الصداقة التي تتحدثين عنها فقد انتهت بيني وبينك إلى الأبد وشكرا على الزيارة.
كان لوك يتحدث والدموع تملا عيناه. نهضت سارة ورافقها حتى باب المنزل وخرجت وعندما أغلق الباب اتكأ عليه ثم ضرب الحائط المجاور لباب المنزل بقبضته فحطّم الأسمنت ودخلت يده في الحائط ثم سحبها جاءت سلين مسرعة وكانت تقف على جنب وسمعت كل الحديث الذي دار بينه وبين سارة تفحصت يده فلم تجد شيئا أصابه احتضنت لوك وقالت:
- إنها لا تستحق الحب الذي تكنّه لها أنت شاب مميز ستجد من تحبك بإخلاص وصدق
- إن ما يحزنني أنها تحاول تبرير خيانتها
- أنا أيضا امرأة وأعرف جيدا أن الواحدة منا لا تستطيع أن تحب إلا مرة واحدة وما قالته سارة لا يمت للحقيقة بصلة
في تلك الأثناء خرج بن من غرفة لوك وهو يحمل النقود فشاهد أخوه على غير طبيعته وزوجته تواسيه وضع النقود على الكنبة التي في الصالة وقال:
- ماذا حدث سلين وما ذلك الصوت الذي سمعته؟
- لا شيء حبيبي. لوك ضرب الحائط بيده وهو بخير إنها سارة.
نظر بن إلى الحائط وإذا به محطّم قال:
- يا إلهي كيف استطعت أن تحطم الإسمنت بيدك.
قالت سلين:
- كف عن الثرثرة بن قل لي من أين حصلت على كل تلك النقود؟
- إنها ليست لي إنها للوك.
نظرت سلين إلى لوك نظرة غريبة قال:
- لا تنظري لي بهذه الطريقة. لقد كسبتها بطرق مشروعة انظري إلى الإيصالات كنت أراهن وأقامر منذ أن كنت في الجيش وربحت كل تلك النقود.
أخذت سلين تقرأ الإيصالات والتكتات قالت:
- ألان اطمأن قلبي
قال لوك:
- أنها لكي وبن وطفليكما
- شكرا لوك لكنها كثيرة
- لا داعي للشكر أنت طيبة القلب وتستحقين كل خير.
قال بن:
- لا تقلق لوك أصبحنا أثرياء سوف تجري خلفك أجمل نساء جاكسونفيل
- لا أبحث عن النساء وإنما عن الحب.
دخل إلى غرفته معكر المزاج. جلبت سلين الفطور وأجبرته على تناول القليل منه ثم خرجت. كان لوك مشوش التفكير أخذ يفتح عدة فقاعات ويتفحصها بإدخال رأسه داخلها شاهد في إحداها معارك قد شارك فيها وفي أخرى أناس يرقصوا وآخرون يلعبون القمار وصوت ضجيج عالي. اخرج رأسه من كلا الفقاعتين وأدخله في أخرى فشاهد مكان مرتفع تحيطه المياه من كل الجوانب وفيه نباتات جميلة وغريبة وزهور كبيرة لم يشاهد لوك مثلها من قبل وهناك أناس يعملون في كل مكان وكأن هذه الجزيرة حية. انتبه لوك إلى بناية فيها على شكل قلب الحب وفيها أشخاص يحملون الكتب عرف إنها مدرسة .شعر داخله بأن هناك شيئا غريبا يدفعه للذهاب إلى هناك. فعلا دخل في الفقاعة وجد نفسه مستقرا في تلك البناية أمام ممر عرضه حوالي ثلاث أمتار. مشى به إلى الداخل وهو يتلفت حوله و كل من يمشي معه في الممر هن فتيات ينظرن إليه بتعجب واستغراب ويتهامسون فيما بينهن. تلفت لوك يمينا ويسارا محاولا إيجاد شاب أو رجل لكنه لم يشاهد سوى الفتيات. وصل إلى نهاية الممر ودخل إلى قاعه كبيرة مكتظة بالفتيات وفيها كتب كثيرة. عرف انه داخل مكتبة في مدرسة للفتيات فقط. اخذ يفكر بالرجوع إلى زمنه ظهرت الفقاعة أمامه وعندما حاول الدخول فيها وقفت أمامه فتاة كل حيوية الشباب في وجهها الأبيض المدور وعيناها العسليتان وشعرها الأسود القصير. كان زلفها الأيمن يلامس خدها الوردي أما الثاني فقصير. قالت:
- لوك كيف وصلت إلى هنا؟
نظر لوك إليها وأمعن النظر هو لا يعرفها ولم يشاهدها في حياته قال:
- كيف تعرفين اسمي يا آنسة؟
- أنت حبيبي وفارس أحلامي.
- ابتعدي عني لقد اكتفيت مما حصل لي منكن.
حاول لوك الدخول إلى الفقاعة لكن الفتاة التي أمامه سقطت مغشيا عليها. تقدّمت فتاتان إليها وحاولا أن يرفعاها عن الأرض لكنهما لم يستطيعا ذلك قال إحداهن متوسلة:
- أرجوك أيها الشاب يبدو أنك رجل شهم وطيب القلب احمل صديقتنا إلى غرفة الطبيب إنها في الخارج لا نستطيع حملها.
هز كلام الفتاة مشاعر لوك وعرف أنهن لا يستطعن حملها فصرف النظر عن الدخول في الفقاعة واختفت وحمل الفتاة ذراعيه واتجه إلى الممر وكانت احدى صديقاتها ترشده إلى غرفة الطبيب التي تقع خارجا. كلما مر من جانب مجموعة من الفتيات سمع كلامهن وهن يقلن:
- من هذا الشاب الذي يحمل فتاة بين ذراعية وكيف دخل إلى هنا؟
كان لوك ينظر إلى الفتاة ومتعجب كيف عرفت اسمعه وانه متأكد بأنه لم يشاهدها في حياته. وصل غرفة الطبيب فلم يجدوا أحد بها قالت إحدى صديقاتها:
- ضعها على السرير سأذهب وأجلب الطبيب.
وضعها لوك على السرير ففتحت عيناها وقالت:
- لا أريد طبيبا إذا قبلني حبيبي لوك سأشفى حالا.
- كيف تعرفين اسمي! أنا متأكد بأني لم أراك في حياتي.
- إذا أردت معرفة ذلك عليك تقبيلي. ماذا بك ألا تجدني جميلة؟ تمعن بالنظر إلى وجهي وأنا متأكدة بأنك ستعرفني في داخلك.
نظر لوك إلى وجهها وشعر أن كلامها نابع من قلبها وأثاره الفضول لمعرفتها له.فقام بتقبيلها من شفتيها وبعد أن انتهى قال:
- الآن أخبريني كيف تعرفين اسمي؟
- هل تصدّق إذا قلت لك من الأحلام؟ أنا أشاهدك كل ليلة في منامي واسأل صدقتي هاتين فأنا أقص عليهم ما أرى.
- ما تقولينه عجيب غريب.
- لا تتعجب كما وأعرف قصتك مع سارة وعن أخوك بن وعائلته.
- في أي عام نحن؟
- نحن في عام 2211.
رجع لوك إلى الخلف وقال:
- يبدو أني سأجن
فتح فقاعة زمنه ودخل فيها وعاد إلى منزله وهو مصدوم لما سمع.
قالت الفتاة التي على السرير لزميلتيها:
- أين لوك أين لوك وكيف اختفى بهذه السرعة؟
أجابت إحداهما:
- لقد اختفى فجأة إن ما نراه ونسمعه منك وحبيبك يخرج عن حدود العقل!

روايه المتحكمWhere stories live. Discover now