روايه المتحكم

مغامره

بدأ لوك وكارلي بالصعود إلى حافة الزهرة واختارا الصعود على السلالم رغم وجود مصعد كهربائي حتى تحدّثه عن مميزات تلك الزهرة. قالت:
- إن زهرة السوزن تتمتع بخاصية التوازن والجاذبية إضافة إلى مرونتها الكبيرة.
- وضحي أكثر
- إنها أكبر الأزهار الموجودة في العالم وفيها جاذبية في كل جوانبها فإذا انحنت يمينا أو يسارا فإن الماء والسبّاحين داخلها لا يسقطان أرضا وبفعل مرونة الساق فإنها تستعيد توازنها بوقت قصير إذا انحنت دون حدوث أي أذا.
- كيف تنحني تلك الزهرة العملاقة؟
- هناك بعض المدربين القدامى يستطيعون أن يُصلوا حافة الزهرة إلى الأرض بطريقة لا يعرفها إلا هم فينحني الساق ويتقوس بشكل كبير ويعود إلى حالته الطبيعية دون أي أذا.
وصلا إلى حافة الزهرة وكان مكانا جميلا تحيطه الطبيعة من كل مكان وكان حجم الزهرة من الأعلى مذهل حيث إن الناظر لها لا يعرفها زهرة وإنما مسبح كبير جدا. كان خلف الزهرة إلى الجانب الأيمن مكان مرتفع وتحته أشجار مختلفة ثم يأتي بعدها البحر والمساحة التي تفصل البحر عن المكان المرتفع بعيدة حيث لا يستطيع الإنسان العادي القفز إليه. لكن الغريب أن لونه كان بني ولا توجد فيه حركة البحر إضافة إلى إن ساحله مهجور لم يتعرف لوك إليه سأل كارلي قائلا:
- ما هذا اللون البني البعيد؟
- إنه البحر
- لماذا لونه بني ولا توجد فيه حركة أو حياة؟
- لونه الحقيقي أزرق لكن ما تراه هو ظهور حيوانات (البانا). رجعت ثانية تسأل أسئلتك الغريبة وكأنك من كوكب آخر. أنا أيضا أريد أن أسألك عدة أسئلة.
- سأجيب على كل أسئلتك في الوقت المناسب أرجوك أجيبيني الآن لماذا لا تكافحون تلك الحيوانات؟
- إنها مصدر طعامنا إضافة إلى فوائدها الأخرى الكثيرة والمتعددة التي تدخل في مختلف الصناعات.
- كيف تسبحون في البحر إذا؟
- حلم حياتي أن أسبح على سطح البحر لكن حيوانات البانا تسدّه فلا نستطيع ذلك. إلا إذا وصلنا في عرض البحر فهو خالي من البانا
- لقد حيرتني ألم تقولي إن كل طلاب مدرسة أو معهد يجب أن يكونوا سباحون ماهرون؟ لماذا تتعلمون السباحة؟
- نتعلم السباحة خارج البحر وفي حالة وجود أمواج عالية تضرب المكان نستطيع النزول إلى القاع وندخل الملاجئ.
- لا أفهم كلامك لكني أستطيع أن أقفز من هذا المكان المرتفع وأبعد تلك الحيوانات بيدي وأسبح في البحر.
- إياك فعل ذلك وغلا سوف تموت لان تلك الحيوانات تزن مئات الأطنان سوف تسد السطح عليك وتموت غرقا.
- لماذا هناك ملاجئ في قعر البحر؟
حاولت الإجابة لكن حضر شخص بصحبته بعض الفتيان ووصل بالقرب منهما وقطع كلامهما قائلا:
- كارلي فتاتي المفضلة صباح الخير.
- صباح الخير عمي رايموند أرجو أن تكون بصحة جيدة.
- أنا بخير من هذا الشاب الذي بصحبتك؟
- إنه صديقي لوك. لوك هذا العم رايموند.
قال لوك:
- سررت بالتعرف إليك سيدي
- وأنا أيضا هل ترغب في السباحة مع طلابي؟
أجابت كارلي:
- أتى من أجل ذلك. لقد وعدته بأن نسبح سوية لكني أعاني من شد عضلي فلا أستطيع السباحة أرجو المعذرة منك لوك.
- لا عليك
قال العم رايموند:
- إذا لوك اخلع ملابسك وتعال معي.
انطلق العم رايموند ومعه طلابه وقفزوا داخل الزهرة المسبح.
كان العم رايموند في الأربعينات من عمره خط الشيب شعر رأسه لكنه حسن المظهر جميل الشكل قوي البنية قال لوك:
- كارلي من هو العم رايوند؟
- إنه صديق والدي وهو الشخص الذي اعتنى بي بعد وفاته إضافة إلى إنه من أساتذة الجامعة لكنه مولع بالبحر ودراسة الأمواج وحبه للسباحة وتدريب الطلاب من أولوياته.
كان العم رايموند ينادي:
- هيا لوك اخلع ملابسك واقفز فالمياه رائعة.
ذهب لوك إلى مكان نزع الملابس وارتدى ملابس السباحة التي كانت مختلفة وقديمة الطراز بعض الشيء وكان المكان قريب جدا وعند خروجه كانت كارلي تنظر إليه وهي مبتسمة لملابسه ومفتونة بعضلات جسمه الجميلة والتي يبدو عليها القوة والرشاقة. لم يقفز من الأرض إلى الزهرة وإنما بحث بناظره عن القفازة المرتفعة وذهب إليها وصعد كانت كارلي تراقبه إلى أن وصل إلى حافتها هزها بحافة قدميه وارتفع في الهواء ثم حنا جسده ونزل في الماء رأسا على عقب قفزة جميلة ومميزة. ما تزال عيني كارلي عليه وهو يسبح بخفة ورشاقة ويغطس تحت الماء لفترات طويلة أثارت إعجاب الفتيان الذي يسبحون داخل الزهرة. تقدّم أحدهم باتجاهه وقال:
- إنك تسبح بشكل جيد لكنك لا ترتقي إلى مستوى المدرب رايموند.
- شكرا لك لكني أفضل سباحين العالم.
- من أنت؟ أنا أعرف كل السباحين الأوائل؟
- لا حاجة إلى أن تعرف اسمي لكن انظر إلى تلك الحركات وستعرف إنني الأفضل هههه.
بدأ لوك يسبح بسرعة ويقوم بحركات غريبة وقوية أثارت الفتيان جميعا. اتجه المتحدّث معه
إلى المدرب رايموند ولوك ينظر إليه بطرف عينه. بدأ بمكالمة العم رايموند وشاهد لوك العم يهز رأسه بالموافقة على شيء ثم اتجها باتجاهه قال رايموند:
- لوك قد تكون سباحا ماهرا لكن ليس كفاية لتفوز عليّ أنا المدرب رايموند يرغب طلابي في مشاهدتي وأنا أتفوق عليك في السباحة. هل تقبل التحدي؟
أثار كلامه الحماس لدى لوك إضافة إلى محاولته إعجاب صديقته كارلي فقال:
- فلنبدأ السباق إذا.
- حسنا سنبدأ السباقة من حافة الزهرة إلى الحافة الأخرى ومن يعود أولا هو الفائز.
بدأ أحد الطلاب يصيح قائلا:
- سباق سباق سباق.
اصطف الأشخاص الذين يسبحون داخل الزهرة لمشاهدة السباق كما وأن كارلي ومن خارج الزهرة كانوا يشاهدون أيضا. ثم قال أحدهم:
- فليبدأ السباق.
انطلق الاثنان سريعا وكان لوك يتقدّم على منافسه بمسافة ليست طويلة وكان يستطيع أن يجعلها أطول لكنه أراد أن يحافظ على هيبة المدرّب أمام طلابه وأن يبدو السباق بشكل طبيعي حافظ على تلك المسافة حتى وصل إلى الحافة الثانية وكان هو الفائز وعندما توقف رفع رأسه وكان كل من حوله غير فرحين وينظروا إليه بتعجب ما عدا كارلي التي كانت تقفز فرحا لفوز حبيبها. قال العم رايموند:
- لقد فزت عليّ أيها الشاب لكوني رجل عجوز لكني أتحداك في المهارات الأخرى.
شعر لوك بالحماس وحب المنافسة دون معرفته ما هي تلك المهارات الأخرى لكن ثقته بنفسه والقوة داخله دفعته لقبول العرض. أجاب:
- موافق أريني تلك المهارات أيها المدرب.
بدأ المدرب بالسباحة بشكل سريع وجميل بجانب جدار الزهرة كان لوك ينظر إليه بتمعن بقى المدرب يسبح إلى وصل إلى نصفها تقريبا ثم قفز ووضع قدمه اليمنى على جدار الزهرة ثم أتبع قدمه ليسرى وصعد إلى الحافة وقلص جسده ويبدو أنه بدأ يضغط على الحافة ثم فتح ذراعيه بشكل أفقي أخذت الزهرة بالانحناء باتجاه الأرض وبدأ من بداخلها يشاهدون الأرض وهي تقترب منهم إلى أن لمس جدار الزهرة الخارجي الأرض من دون أن تسقط قطرة ماء أو أحد الأشخاص الذين داخلها بفعل التوازن والجاذبية تذكّر لوك كل كلام كارلي الذي قالته مسبقا. رفع المدرّب قدماه عن الجدار وعاد إلى الداخل فرجعت الزهرة شيئا فشيئا إلى وضعها الطبيعي. قال العم رايموند:
- هل تستطيع فعل ذلك؟
نظر لوك إلى المدرّب ثم بدأ يسبح ويقلد ما فعله المدرّب وعندما وصل إلى منتصف الزهرة قفز ووضع قدماه كما فعل المدرب من قبل على جدارها الداخلي فبدأت بالانحناء باتجاه الأرض بسرعة أكبر من التي فعلها من قبل وعندما وصلت الزهرة إلى أكثرمن نصف المسافة وأخذت تقترب من الأرض شعر لوك أن ساق الزهرة لم يتحمّل ضغطته وقوتها خاف على الأشخاص الموجودين داخلها لأنه كان يعرف مدى قوته وعلى الرغم من أن ساق الزهرة قد يتحملها لكنه قرر عدم المجازفة بالأرواح الموجودة رفع قدماه عن الجدار وعاد إلى داخل الزهرة وكان المدرّب يركز على حركاته بدأت الزهرة تعود إلى حالتها الطبيعية وعندما استقرت نظر لوك إلى كارلي وإذا بها تتوقف عن القفز ويبدو على وجهها خيبة الأمل وكان الفوز للمدرّب بدأ الطلاب يتجمعون حوله ويهتفون:
- رايموند رايموند ...
سبح المدرّب من جانب لوك وقال له:
- قد تكون ماهر في السباحة لكني الملك هههه
نظر لوك إلى كارلي وكانت غير سعيدة كما وأن كلام المدرّب أثاره بدأ يسبح بشكل كبير غير طبيعي حتى أن الأمواج التي كان يحدثها من جانبه وهو يسبح تحرك الموجودين داخل الزهرة وبدأ يتصرف دون حكمة وأخذ الجميع ينظرون إليه قفز من المسبح إلى اليابسة قفزة غير طبيعية ثم أتجه إلى مكان مرتفع وعيناه على البحر نظر عن بعد إلى كارلي التي عرفت نواياه قالت بصوت مرتفع:
- لا تفعل ذلك لوك سوف تسقط على الأرض أرجوك لا تفعل.
تبسّم لوك لها ابتسامة خفيفة وبدأ يجري بسرعة كبيرة ثم قفز قفزة طويلة جدا يعجز الإنسان الطبيعي عن فعلها ثم حدد المكان الذي أراد النزول به في البحر فحنا جسده ووضع يده أمام رأسه وعندما لامست حيوانات البانا دفعها بقوة كبير حيث اندفعت الحيوانات إلى دخل الماء وبدأت إحداهن تنقلب على الأخرى وأحث لنفسه فسحة سمحت له الدخول في ماء البحر ثم عادت الحيوانات إلى وضعها الأول.
عكس لوك جسده وفتح عيناه وعلى الرغم من ملوحة ماء البحر إلا أن ذلك لم يؤذيها. نظر إلى تلك الحيوانات وكانت بطونها بيضاء وصغارها ترضع منها بدأ يلامسها ويداعب صغارها. نظر إلى الأسفل فشاهد أضواء تصدر من أبنية في قاع البحر. غطس باتجاهها وصل إليها كانت جدرانها من الزجاج مسحه بيده وأخذ ينظر داخل تلك الأبنية. كان فيها مختلف المكاتب عليها أجهزة كومبيوتر وأجهزة أخرى غير معروفة للوك. بينما هو ينظر ويحبس أنفاسه دون أي جهد شاهد كارلي تنزل مسرعة من على سلالم في نهاية المكان وتتجه إليه مسرعة وفور وصولها أخذت تحدثه لكنه لا يسمع شيء وفهم أنها تحاول الاطمئنان عليه. أشار إليها بإبهامه علامة على إنه بخير ثم ذهبت وجلست على أحد المكاتب وفتحت الكومبيوتر وبعد قليل فتحت الزجاجة التي ينظر من خلالها فدخل هو وماء البحر داخل الغرفة ثمّ انغلقت الزجاجة مرة أخرى واختفى الماء في أرضية الغرفة الكبيرة. أتت كارلي مسرعة إليه وهي تبكي وبدأت تحتضنه وتقول:
- هل أنت بخير حبيبي هل أصابك مكروه؟
كان كلامها يختلط مع البكاء فيصدر من حنجرتها بصورة مغرية قال لوك:
- لا تخافي أنا بخير كنت أستطيع أن أبعد حيوانات البانا بيدي وأخرج إلى اليابسة.
- أيها المعتوه كيف تخاطر بحياتك من سمح لك ؟ لقد وجدتك من عدم ولا أريد أن أخسرك.
شعر لوك بحبها الكبير له فأمسك رأسها ثم مسح الدموع عن خديها وبدأ يقبلها من شفتيها الجميلتين هي أيضا بادلته القبل. شعر بالحب يتدفق من أعماقه وأعماق كارلي وبعد أن أنهى قبلاته ضل ينظر إلى تلك العينين الجميلتين حتى سمع صوت أرجل على السلالم نظر باتجاهها كان العم رايموند ومعه ثلاثة الرجال يلبسون ثيابا متشابهة اتجهوا نحوه وأخذ الرجال يقلبونه يمينا ويسارا لكنه كان سليما ومعافى قال المدرب رايموند:
- هل أنت بخير؟
- نعم أنا على ما يرام.
نهض لوك من مكانه وإلى جابه كارلي. أشار المدرّب إلى الرجال برأسه فخرجوا من الغرفة وقال:
- كيف استطعت أن تفعل ذلك إن المسافة بعيدة جدا.
- شعرت داخلي أني أستطيع أن أقفز ففعلت.
- إنك مجنون ولكنّك طيب القلب أعرف أنه كان باستطاعتك أن تفوز علي وأن تجعل الزهرة تلامس الأرض لكنّك امتنعت عن ذلك لسبب أجهله. ربما لتحفظ ماء وجهي أمام طلابي لهذا السبب جئت للاطمئنان عليك كما وان كارلي ابنة أعز أصدقائي.
- شكرا لك أيها المدرب
- سررت بالتعرف إليك وأنا سعيد لأني لم أقابل رجلا جسورا مثلك.
ودّعهما المدرب وخرج من الغرفة. أخذ لوك ينظر إلى المكان من حوله قال:
- أين نحن كارلي؟
- أنت في المركز الرئيسي لصد الأمواج وإلى جانبنا توجد الملاجئ التي نحتمي فيها وهنا نقوم بمراقبة البحر وأمواجه ومدّه وجزره.
- لماذا هو تحت الماء وليس فوق اليابسة؟
- عدنا للأسئلة الغريبة.
- أرجوك أجيبيني.
- حسنا سأجيب على كل أسئلتك لكن دعنا نذهب إلى مكان جميل نتناول الغداء ثم نتحدّث.
- حسنا هيا بنا نذهب.
خرجا من الغرفة واستبدل ملابسه وخرجا من النادي باتجاه المطعم.