" على شفيرِ الموت"

17 3 1
                                    

عادَت مِن عملِها و هي تُمسِكُ بسُترَتِها بيدٍ و زجاجةٍ كبيرةٍ من النبيذِ باليدِ الأُخرى و طغى ملامِح وجهها الإحمِرار.. لتقوم بفتحِ بابِ مَنزلها بصعوبةٍ لكثرةِ تَرنُحِها يميناً و يساراً.. ثم تقومُ برمي جسدها على الأرضِ لِتجعَل من الأريكةِ خلفها مُتكَئاً لها حيثُ تَقعُ أمامها الطاولة التي رُتِبت عليها بعضُ الكتب و أواني الزهور مع بعضِ فناجين القهوة الفارِغة.. نظرَت حولها و هي تبتسم بشكلٍ باهِت تزامنَ مع وضعِها الزجاجة بقوةٍ كبيرة على الطاولة حتى تكسّرَت بيدِها و قلَبت الطاولة ليتحطم كُلُّ ما عليها و تتناثر قطع الزجاج في الأرض .. للتعالى أصواتِ ضَحِكِها مع أصواتِ تَحطُمِ الزجاج.. فبدأت دموعها بالتساقط و تتعالى شهقاتها..

_ بعدَ نهايةِ يومٍ طويلٍ و متعب أعود لمنزلٍ فارغ.. ايُّ منزلٍ هذا الذي لا أهلَ فيه!.. لا صوتَ بهِ لا ضوء لا شيء فقط جدران.. أحاولُ إقناع نفسي يومياً، اليوم او الغد سأنهض سيتحسن كل شيء لكن لا فائدة، أنا عشتُ وحيدةً... و سأموتُ وحيدة..

قامت بأرجاعِ رأسِها للخلف و هي تُحدِّقُ بالسقفِ بنظراتٍ فارِغة لا حياةَ بِهما بينما حركت قدماها بأتجاهاتٍ مختلفة حتى تقرحت من الزُجاجِ المُتناثِرِ تحتهما لتُصبِحانِ داميتان...

_ هل سأنجوا يوماً آخر في هذهِ الوَحدة!!.. ماذا عن أُمنياتِ قلبي!!.. هه جميعها تحطمت.. إبتسامَتي الجافة هل ستُزهِر في هذهِ الوَحْشَة!.. لقد دعوتُ فقط من اجلِ شُعاعٍ واحِدٍ مِن النور.. لكن الظلامَ هو فقط من زارني..

قامَت بأحتضانِ نفسِها لتضع رأسها بينَ قدميها بينما دموعها تتساقط من غيرِ أن تُصدِرَ صوتاً أو تُبدي أيَّ ردودِ فِعل.. و بدأت تُحدِثُ نفسها مُجدداً..

_ ليتَ لي مأوى يَحتضِنُ كياني.. فلعلها تزولُ سموم هذه المشاعر التي بداخلي..

°°°°°°°°°°°°*
الوَحْدَة.. كَلِمَةٌ أُخرى مَثلَت قسوةَ العالَم.. مشاعر الوَحدة إن دخلت لجوفِ الأنسان عاثت بداخلهِ دماراً..قد يشعر بها حتى و إن كانَ حولهُ الملايينَ من البشر، فهو شعورٌ يعتري الإنسان عندما يَشعُر إنهُ لا قيمَةَ له و إنَّ ليس هناك من يهتمُ لِأمرِهِ سيشعر إنه وحيدٌ، منبوذ و غيرُ مرغوبٍ بِهِ.. و هذا كفيلٌ بإن تسيطر على الإنسان جميع انواع المشاعر من الحزن و اليأس و الرغبة بالإنعزال و ربما تصل للموت.. جميعها مشاعِرٌ خانِقة تُثقِل الروح حتى تصل لمرحلة الجفاء و عدم الإهتمام بشيء

العالَم خِلال كَلِماتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن