"لَهيبُ الأشتياق"

49 5 18
                                    


سارَ بخطواتٍ مُتباعِدة حتى وصلَ لِذلك المكان القاحِل حيثُ أشعةِ الشمس الحارِقة... جلَسَ بجوارِ إحدى تِلكَ القبور و بدأَ يُحدِثَهُ قائِلاً...

_ كيفَ حالكَ بعد ما أصبحتَ تعيش هنا!؟.. هل أعجبكَ المكان كثيراً حتى نسيتني و بقيت هنا تحت فراش الأترِبة!..

فاضت عيناهُ المتورِمتان بالدموع.. و أكمل قائِلاً..

_ أُنظر كيف حالي انا!! أنا لا شيء من بعدِ هجركَ لي..
تركتني و سكنت وسط هذهِ القبور.. قُم يا أخي فهذهِ
النومَةُ ليست لك.. قُم فلدي أحاديثٌ طويلَةٌ معك..
قُم فنيران فراقكَ تَأكُلني.. قُم فهذا الهجرُ أحرقني..
قُم فقد أخذتَ معكَ ضياء حياتي... إن لَم تَقُم إذاً
فخُذني معك.. فأنا الآن بِتُ أعيشُ في لُعبَةٍ خاسِرة..
و أصبحَ حتى الحُبُ بها يرتدي الأقنِعة... أصبحت لا نهارَ بِها فهي دائِماً مُظلِمة كعروسٍ أرتدت السوادَ بيومِ فَرحِها.. أنا قررتُ العيشَ هُنا بجوارِ قبرك.. فلا حياة لي أبداً بعدك و لن يَحتمِلَ قلبي بعد الآنِ عذابَ فُراقَك..

و رمى جسدهُ بجوارِ قبرَ أخيهِ و هو يضُم قدميهِ لصدرِه بعدَ أن أصبحت ثيابَهُ مملوءةً بالتُراب.. و أغمضَ عينيهِ المتورِمتان و هو مازالَ يجهشُ بالبُكاء... ففي داخلِهِ ألمٌ ينهشُ صدره.. و تغلغلَ عميقاً في داخلِ جوفَه فلم يعُد يعرف كيفية التحكم به.. فقام بألتهامِه.. لتكون آخر كلماته...

_ أشتَقْتُ لَكَ كثيراً يا أخي..

°°°°°*

الأشتياق... كَلِمَةٌ ثانية تَصِف قسوة العالم، مرارةُ
الشوق الذي يأكلُ صاحبَهُ رويداً، رويدا... يَلتهِم هذا
الشعور جوفَ الإنسان و يَكتِم على نَفَسَه و يُحيلُ
داخِلَهُ دمارا... و لا فائِدة ، فمَن رحلَ قدْ رَحل و الشوقُ لَن يُعيده..

العالَم خِلال كَلِماتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن