المشهد السادس

347 10 0
                                    

سجينة جدران قلبه

المشهد ٦
« ما الذي يبقيك هنا الى الآن؟» سألها تمسح أنظاره أرجاء الغرفة بخبث، وهي إقتربت منه تهمس« لقد نام للتو.» تتوجّه نحو الباب علّه يعود أدراجه ولا يطيل البقاء....

تجاوزها يتوغّل داخل الغرفة فحبست أنفاسها يتهيأ لها بأنّه سيسمع قرع نبض قلبها كالطبول داخل صدرها جزعاً، تتوسّل الله بأن لا يكتشف وجود عمر بالغرفة.

عادت الى السرير تلهي نفسها بلثم وجنة يزن، تعيد تدثيره تشعر به يقف خلفها، لم تجرؤ على الإستدارة اليه تدعي عدم إنتباهها له، تشعر به يقترب أكثر يقف بجوارها يراقب يزن بغموض، إنّها تعرف بأنّه لا يملك ذرّة عاطفة إتجاهه، لا يكثرت له، يعتبره غريمه، يسرق منه أهتمامها، ولكنّه لا يجرؤ على أذيته بأي شكل من الأشكال، لأنّه يعلم بأنّها حينها ستنقلب عليه، بل ستقتله دون الإكتراث لمصيرها من بعده.....

« أفكّر بأن يبقى هنا تحت رعاية والدتي وبإمكانه أن يأتي للزيارة يومين بالأسبوع» قال يتأمّل ملامح صغيره بتمعن، وهي التفتت اليه تعصر كفيها بعنف، تشعر بأظافرها تغرز براحتيها، تهتف قبل أن يسجل عقلها عاقبة كلامها....
« أنت تعرف بأنّ يزن هو السبب الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة، إحرمني منه وسأحرمك منّي عماد، إنّه وعد»

ولأوّل مرّة تشعر بالإنتصار، تشاهد الإضطراب يجتاح ملامحه لبرهة طفيفة قبل أن وأده يقبض على ذراعها بقسوة، يدفعها ناحية الجدار، يثبّتها هناك، يحتويها بجسده، قبض على فكّها بعنف يدنو بوجهه من وجهها، يكتفي بتأمّل الذعر والألم يجتاح ملامحها، ولكنّها بذات الوقت تتحلّى بالتحدّي، تعلمه بأنّه إذ حرمها من إبنها ستحوّل حياته لجحيم مستعر.

« إيّاكِ، إيّاكِ وتهديدي نايا، فأنت لست بالحجم الذي يسمح لك بتحديّي، هرّة صغيرة ذات مخالب ضعيفة، إذ حصل وخضتي معركتك معي ستجديني أمزقك بأنيابي وأنثر أشلائك الصغيرة بالأرجاء.....»

إندس بها يدفعها أعمق بالجدار يسألها« هل فهمتي؟»
ومأت له تغرق مقلتيها بالدموع، تدرك بأنّها خسرت جولتها معه، سيحرمها من يزن عقاباً لها، ما يزال لم ينتهي منها، وأنّ القادم أعظم.

توسّلته بصمت أن لا يحرمها من صغيرها، تعتذر على ما بدر منها، تعلم علم اليقين أن توسلاتها لن تزيده سوى إصراراً على قراره، ولكنّها عاجزة، ومستعدة لأي شيئ في سبيل إستعادة صغيرها لحضنها.

« إيّاكِ » حذّرها من أن تبدأ بالبكاء أو تتجرأ على توسّله.
حرّرها يتراجع عنها، يعيد ترتيب بدلته الأنيقة، يشير الى الباب « إنهم بإنتظارنا تحت على المائدة، تفضلي»

وبخطوات متثاقلة مشت أمامه، تتمزّق روحها الى أشلاء، تصرخ أعماقها طلباً للنجدة... نجدة لن تجدها أبداً.....

*** *** ***

« كيف حال حملتك الإنتخابية؟» سأل عادل ينقب طعامه بنهم، وزوجته بجواره تأكل نايا بنظراتها، تتأمّل خاتمها ذات فص الياقوت الأحمر بحسد لم تتمكن من مواراته.
هذا الخاتم لوحده يساوي ثروة خرافية.....
وهي التي ما تزال عروس حديثة العهد، لم تكمل سنة زواج من عادل، ما يزال لم يهديها ما هو بنصف ثمنه، ودائماً يتذمر من مصاريفها، فهي لا تفهم، كيف أنّها تزوجت من مليونير وبذات الوقت يتذمر من إسرافها بإنفاق المبالغ الزهيدة التي يضعها بحسابها الشهري....

مشاهد سجينة جدران قلبه لكاتبة أمل القادرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن