تجلس قبالة المرآة تشعر بأنامله التي تعبث بشعرها كلسعات كهربائية مؤلمة، مقلتيها منصبّة أرضاً، مشغولة بتأمّل السجادة الفاخرة تحت قدميها، يقشعر بدنها، تحوم بذاكرتها صورها وهي جاثية فوقها على ركبتيها، طائعة تنتظر قدومه اليها، كفيها منبسطين فوق ركبتيها، رأسها منحني، عينيها منصبتين أرضاً، ظهرها مستقيم، خاضعة وخانعة وعاجزة......
إنّه يحل مكان أمينة التي كانت تتولّى مسؤولية إعدادها له، فهي دائماً كانت تسلّم نفسها لها وتغيب عن الواقع، تترك لها دفّة القيادة، تصفف لها شعرها وتختار لها الثياب التي يأمر عماد بها......
ولكنّ أمينة غادرت بلا عودة، إعتذرت عن العودة للعمل بالقصر، وإبنها إستقال من منصبه بالشركة وغادر البلاد مع عائلته ووالدته.....
تركتها وحيدة، تشعر بالخوف والخواء، تشتاقها وتحتاج لها، ولكنّها لم تجرؤ على طلب بقائها، خوفاً من ردّة فعل عماد، فإدّعت عدم الإكتراث، وبأنّ وجودها يعوّضه أي إمرأة تملك مؤهّلاتها، ولكن الحقيقة مغايرة، إذ سيستحيل على أي إمرأة مهما كانت مؤهلاتها أن تتمكن من حل مكانها عندها......
إنّه يصنع لها ظفيرة، كالعادة، شعرها هذا ممنوع على أحد رؤيته طليقاً غيره، ممنوع على أحد التمتع بمظهره الخلاّب غيره، وللصراحة لا تكترث، لا تكترث لمن يراه أو لا يراه، ما عادت تكترث لشيئ بهذا الوجود، خاصّة بعد أن حرمها من صغيرها وحرمه من حضنها، فأصبحت تتسوّل اللحظات التي يشفق فيها على حالها لأخذها لزيارته كغريبة، تشعر بقلبها ينخلع من مضجعه في كل مرّة تضطر لمفارقته عائدة الى القصر من دونه....
رفعت بصرها اليه ترمقه بحقد، تستغل إلتهائه عنها بشعرها تقذفه بنظرات متقافزة بشرارات الغضب والكره، لكم تكرهه، ولكم تتمنى زواله من هذا الوجود، لكم ترفع كفيها نحو السماء وتدعوا الله أن يأخذه، أن يتسبب بمقتله، أن ينقذها منه، بأي طريقة، المهم أن يختفي من هذا الوجود ويرحم البشرية من جبروته.
إرتبكت لحظة فاجأها برفع بصره اليها، تلتحم مقلهما عبر المرآة، نظراته ماكرة وثاقبة، محذّرة، فسارعت بإحتواء مشاعرها ببراعة، ترتدي قناع الثبات، تبتسم له بلطف مغاير للحقد الذي يعتمل بجوفها إتجاهه.
إنتهى من عقص جديتلها يطلق سراحها، فترتاح على ظهرها تصل لأسفل مؤخرتها، بسط كفّيه على كتفيها، يدلّكهما بلطف، فكافأته بتصلّبهما، تتمزّق أعماقها من شدّة الصراخ، تفيض حقداً وكرهاً يتآكلها من الداخل الى الخارج....
لقد فاز بالإنتخابات، وأصبح النائب عماد الفايد، وقريباً جداً سيصبح الوزير عماد الفايد.
سابقاً كان يظن نفسه ملكاً على عائلته وقصره وشركاته، والآن أصبح ملكاً على فئة كبيرة من شعبٍ لا يراه سوى مثالاً للرجل الكريم والخدوم، يسعى جهده لخدمة الشعب، يحبونه ويحترمونه.....
أنت تقرأ
مشاهد سجينة جدران قلبه لكاتبة أمل القادرى
Romanceسجينة جدران قلبه قبض على ذراعها بقسوة، يدفعها ناحية الجدار، يثبّتها هناك، يحتويها بجسده، قبض على فكّها بعنف يدنو بوجهه من وجهها، يكتفي بتأمّل الذعر والألم يجتاح ملامحها، ولكنّها بذات الوقت تتحلّى بالتحدّي، تعلمه بأنّه إذ حرمها من يزن ستحوّل حياته ل...