المشهد التاسع

241 8 0
                                    

سجينة جدران قلبه
مشهد ٩
بعد مرور أسبوع

طرقت باب مكتبه تنتظر إذنه بالدخول، التوتر يرهقها، مترددة، ولكنّها بحاجة لمواجهته.....
فتحت الباب ودخلت اليه بهدوء عندما سمح لها.

وعندما رآها ترك كل ما في يده يمنح نفسه متعة النظر اليها، يلتهمها بنظراته الولهة، لا يراها سوى ساحرة أسقطت عليه لعنتها كي لا يرى إناثاً غيرها على وجه هذا الكوكب.
يعشقها بكل تفاصيلها
لا بل يعشق أدق تفاصيلها
يعشقها بكل حالاتها، بصمتها وكبريائها، بهدوئها وصخبها، بضعفها وقوّتها، بخضوعها وتمرّدها........

تململ يشعر بغريزته تهتاج إتجاهها، برغبته الجامحة تدفعه لأن ينقض عليها كأسد ينقض على فريسته، يلتهمها بلحمها وعظامها، يستلذ بألحان تأوّهاتها العذبة تخترق أسماعه كسمفونية خلقت له وحده.....

إضّجع بمقعده الوثير يمتّع أنظاره بكمالها الفاتن، يهنئ نفسه على إختياره لفستانها الأحمر المثير، الذي يبرز تضاريسها بكل أريحية، يمنحه رؤية شاملة لساقيها الطويلين.......
وشعرها، شعرها ذاك هوس بحد ذاته، متعة خاصّة، يمنحه نشوة ليس بعدها نشوة، يعشق لفّه حول ذراعه وتثبيتها عبره تحت سطوته الكليّة......

تنهّد بعمق يعتدل بجذعه، يركي كوعيه الى الطاولة، يشبك أنامله ببعضها ينتظر ما عندها بفارغ الصبر......

تكون كاذبة إذ قالت بأنّها تجهل ما يجول بفكره، وما تبطنه تلك النظرات المشتعلة التي يراقبها بها منذ دخلت عليه، تشعر بها تعريها، وتعبث بحرمة جسدها، يستعيد لحظات الليلة الماضية بكل تفاصيلها...

ضمّت جسدها تشعر بجيش من النمل يجول تحت بشرتها، تنتفض شعيرات بدنها، تشعر بالنيران تنهش بكل ما ينبض لذكراها.

وقفت قبالته لا تعرف كيف ستفاتحه بالموضوع، تبدّل رأيها، تجبن، تفكّر بالهرب من أمامه.
« ماذا هناك نايا؟» سألها ينتشي بتوترها
« أتسمح لي بزيارة أمينة، لقد مرّ ثلاثة أيّام على وفاة إبنها، وأنا لم، لم أذهب لتعزيتها بعد» طلبت منه تتوسّله بسرها أن لا يرفض، لأنّها تحتاج لرؤية أمينة وجداً، تحتاج لأن تكون بجوارها بهكذا ظرف، المسكينة فقدت إبنها بحادث سير مروّع.

سألته تنتظر جوابه، تتوتر أكثر كلّما طال صمته،
هل يفكّر؟
أم أنّه أخذ القرار ويستلذ بوقوفها أمامه كتلميذة مشاغبة تنتظر عقابه.
اللعنة عليه!
والآن ماذا؟
هل تبقى هكذا واقفة الى أن يقرر حضرة جنابه؟

إرتدت تزرع ساقيها بالأرض، تحارب رغبتها بالهرب منه، تراه يهب عن مقعده، يستدير اليها، يقف قبالتها، يبتسم بطلاقة، كأنّها هي بعالم وهو بعالم آخر، حبست أنفاسها ينتفض قلبها بمضجعه وهي تتبع كفّه الذي يدنو من وجهها، تلامس أطراف أنامله وجنتها، تتسلل بعد ذلك الى عنقها فنحرها، ترتعش أوصالها إشمئزازاً، وتتوسّع مقلتيها رفضاً، وتصرخ أعماقها.....
إرحمني أرجوك.......... 

مشاهد سجينة جدران قلبه لكاتبة أمل القادرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن