الفصل 3 :
و في صباح مُشرق من أيام تشرين الثاني/نونبر،أفاقَ الصباح بهواء نقي أنعَش بهِ مُستَنشِقيه.بَدتِ السماء مألوفة لها.بالطبع هي كذلك،لكن ماأثار انتباهها في الأصل،ليست تلك الغيوم الممزوجة ببعضها أو تلك الشمس الساطعة بعد مَطَر رَوى أجزاء التربة الطّرية.بل وجود شجرة صنوبر عِملاقة ذكّرتها بالدِّيار.إذ كانت تقطُن جانب محيط من الطبيعة.كان المَطار شاسِعا عند نزولها من الطائرة إذ قالت مستغربة:
- يال هذا المكان الواسع!كم سيارة تكفي لملإه؟!
كان مِنَ الواجِبِ عليها ركوب الباص للوصول إلى المقر لأن كلفة سيارة الأجرة باهضة الثمن هناك .ارتدت قميصا أبيضا مثني الأكمام و سروال جينز واسع بالغ الطول و كأنها كانت تعلم تقلب الطقس بكوريا الجنوبية.ففي الليل تكون درجة الحرارة كالإنتقال من فصل لآخر في ظرف ساعات فقط،بدا لباسها مُشابها للكوريين إذ لم تشعر بالإحراج أبدا.
كان الشارع مكسياً بالناس حيث لن تشعر أبدا بأي خوف يرتابها،ليتها مع صفاء في مثل هذا مكان بالمغرب.متى ستعتاد العيش بمفردها وأن تعتمد على نفسها.شعَرَت بالجوع و بدأت معدتها تُقرقر طلبا للأكل.اتجهت نحو بائع متجول بالرصيف،يجتمع حوله عدد من الزبائن.لابد أنه يُقدم أكلا لذيذا.كانت الوجبة على شكل حلوى تشبه العجين غير المَطهُوّ.لكن لو أرادت معرفة اسمها،لن تستطيع لأنها لا تجيد اللغة الكورية.لم يكن بوسعها سوى تذوقها لتعلم ماتكون....بدا طعمها غريبا و مألوفا في بادئ الأمر و سرعان ما شعرت بطعم حلو...إنه الأرز،لكنه غير الذي تعرفه هي.إنها عجينة الأرز المطهُوة على البُخار.أسكتت جوعها بها،ودفعت للرجل قطعتين من القطع النقدية التي حولتها للعملة الكورية في المصرف خلال طريقها.عندما وصلت للمقر كان موعد الإقفال قد اقترب.لكنها أسرعت مهرولة عند علمها لذلك.حمدا للّه أنه كان هنالك مُترجم للغة الإنجليزية.زَوّدوها بكل المعلومات التي تحتاجها:محل سكنها ،مصاريف أكلها ودراستها...الخ.كانت الأمور غاية في السهولة حيث كان بإمكانها الإلتحاق بسكنها فور استلامها المفاتيح و البطاقة الخاصة بذلك. عندما وصلت،كان الحي نظيفا و عريضا.لم يُقل لها أن لديها شريكة سكن.رَحّبت بها جيدا و قدمت لها شراباً دافئا و كذلك بعض الحلوى الشهية الكورية.تعرّفتا على بعضهما البعض و تبادلتا حديثا شيقا حول ثقافة البلدين.لكن نردين لم تُخبرها بالقصة الحقيقية و أنها جاءت لكوريا صُدفة موَفقة.
- إذن يا كيم جيسو،هل لَفظتُه جيدا؟! ياويلي أنا سيئة الإستيعاب.
أجابتها جيسو ضاحكة:
- لا تقلقي،ستتعلمين بسرعة.وأيضا يمكنكي مناداتي "جيسو"فقط.لا أحب الرسميات يا فتاة.
- ههه!فهمت الآن حسنا.
- تعالي لأريكي غرفة النوم.لا تقلقي إن كنتي تخشين المرتفعات فإن السريرين منفصلين تماما!
﴾14﴿