العقل الباطني

276 20 9
                                    

على لسان احدى الفتيات قائلة ..
كنت من عشاق قراءة الكتب الخيالية والتي لا وجود لها على الواقع وبالأخص تلك الروايات الطويلة التي تجعلني اعيش معهم !
كنت اشعر بأنني اسافر الى عوالم مختلفة واتمتع بجولة في عقول الشخصيات ..
تقول عندما احصل على كتاب جديد يستنفذ اغلب وقتي حتى وان كنت مشغولة بشيء اخر فتفكيري يكون في الكتاب وفي الصفحة التي توقفت فيها
اعتقد ان عقلي كان يبالغ في الاهتمام بهذه الكتب ..
حتى بدأت اؤمن بوجود هذه المخلوقات الخيالة ومن هذه الاشياء المستذئبين ومصاصي الدماء وتلك التي قرأت عنها العالم السفلي !
بدأت اطرح على نفسي اسئلة دون ارادة مني
هل حقاً هناك وجود لهذه الشخصيات في عالمنا وماذا لو التقيت بأحداهم ؟!
ماذا عن العالم الموازي هل صحيحاً ما قرأت عنه هل بأمكاننا استدعاء اي شخص نرغب به ؟
بدأ عقلي الباطني يقترح ويطرح عدة اسئلة تحتاج الى نقاش طويل وكنت اجلس على الحاسوب ابحث عن الاجوبة واقوم ببحث شامل وتدوينها في البيانات والملفات ..
ثم شيئاً فشيئاً بدأت اصاب بصداع قوي يداهمني فجأة ويختفي
لم اكن اهتم وضننت انه صداع عادي
لم اكن اعلم ان عقلي الباطني قد اصيب بجهد نتيجة لما افعله !
تنهدت الفتاة قائلة لقد استدعيت احدهم دون علم !

داهمتني الكوابيس على مدى ثلاثة ايام متتالية حتى في المنام كنت اعاني من صداع ربما
حقاً لم يكن منام ربما كنت انا في عالم اخر ؟ لا اعلم

بعد مايقارب عشرة ايام بدأت اشعر بوجود احدهم بجانبي دائماً
انا لا اخاف من الجن وما الى ذلك ولكن اؤكد لكم من كان يستمر بالجلوس بجانبي لم يكن من الجن كنت اشعر به ويجعلني اشعر بطمأنينة .
في بداية الامر تجاهلت هذا الشعور قدر المستطاع حتى ذات يوم كنت حزينة بسبب انني لم ابلي حسناً في اختبار الكلية
بعد ان غيرت ثيابي وجلست شعرت بسؤال نبع من عقلي الباطني

_ لماذا انتي حزينة ؟!

انا سألت نفسي هذا السؤال ولكن دون ارادتي وانا اساساً لم اكن يوما من الفتيات الاتي يتحدثن مع انفسهن !
وبالرغم من هذا شعرت برغبة للأجابة وقلت سأفشل في هذا الاختبار على الارجح .. ورددت على نفسي تلقائياً بعد برهة
لا تقلقي سيكون كل شيء على مايرام انتي تعملين بجهد وستحصلين على نتيجة رائعة ..
هنا ابتسمت مع نفسي .. هل يعقل بدأت بالأنفصام ؟!
استمر هذا الامر معي لفترة طويلة واعتدت على التحدث مع هذا الصوت الذي ينبع من عقلي الباطني حتى على الاشياء التافهة اليومية اعتدت التحدث عنها !
وثم في يوم من الايام استيقضت في الليل على صوت بجانب رأسي كانت حركات خفيفة وصوت لوجود شخص ما ..
استيقضت خائفة انظر في كل مكان في الغرفة ولم يكن هناك اي احد ابتلعت ريقي واستلقيت من جديد
وعاد عقلي الباطني يتحدث
"هل تخافين وجودي بجانبكِ "
"من انت ولماذا تستمر في اخافتي وتستمر في فعل اصوات في كل مساء ارجوك انا اخاف من هذه الأمور ! "
"انا لا اتعمد اخافتك وكذلك انا لا افتعل الاصوات"
"حسناً اياً كنت انا متأكدة بأنني لست منفصمة وانك بالفعل موجود وانا اتحدث مع احدهم منذ فترة طويلة ولكنه غير ظاهر وانت تتواصل معي عن طريق عقلي الباطني لذا ارجوك لا تأتني في المساء ولا تفعل اي اصوات حتى لا تتحدث معي فانا حقاً اشعر بالخوف في هذه الاوقات ! "
"حسناً لكِ ما رغبتي به "
" دعني اخبرك بأمر ما .. ان لم تظهر لي بالكامل فلا تعاود القدوم الي مجدداً انا لا اريد الاستمرار في التحدث مع نفسي كالمجانين وبسبب هذا الامر اصبحت اميل للعزلة والاماكن الفارغة بسببك . "
" سأظهر قريباً انا فقط احتاج بعض الوقت هناك امور في عالمي ليست على ما يرام وايضاً لا اريد حقاً اخافتكِ بظهوري "
شعرت ان هذا الكلام الذي قلته بداخلي هو جوابه
لذا شجعته قائلة
" انا لن اشعر بالخوف ان ظهرت ولكن ان استمريت بالتواصل معي بهذه الطريقة فصدقني هنا سأخاف ولن ارغب بالتحدث معك ... اما الآن او ابداً . "
كانت المرة الاولى التي لم ارد على نفسي تلقائياً ضغطت على عقلي ولكنني لم احصل على اي اجابة وكأن من كان يتحدث معي لم يعد موجود هنا ..
فاخذت اتحدث عله ان يجيبني او شيء من هذا
وايضاً ليس هناك اي رد مهما ارغمت نفسي وشعرت برعشة سارت على انحاء جسدي ثم شعرت بفراغ
نهظت من مكاني ودخلت الى المطبخ واخذت مسكن للصداع وعدت الى فراشي جاهدة احاول النوم ..
وكنت اشعر بانني ارتكبت خطأ كيف يحدث هذا دون ارادتي ؟! منذ متى وانا شجاعة الى هذه الدرجة مع من كنت اتواصل كل هذه الفترة ؟!
والكثير من الاسئلة التي بدأت تراودني حتى غفوت ورأيت مناماً انني في مدينة وبناياتها عالية للغاية ودخلت الى الازقة ثم بدأت بالجري وكنت اركض وكأنني ذاهبة الى مكان محدد مكان اعرفه من قبل
حتى توقفت امام احدى المنازل الصغيرة ونظرت حولي كنت بمدينة قد رأيتها من قبل ولكنني لا اتذكر اسمها والاجواء كانت اجواء باردة للغاية وكأنني مبللة وتحت هواء الشتاء !
وكنت على وشك فتح باب المنزل الا انني استيقضت من نومي اعاني من نفس الصداع !
"يا الهي انا ماذا افعل بنفسي الى اي عالم متوجهة انا ! "
وفي وسط نهار ذاك اليوم تحدثت مع نفسي وبداخلي ربما اشتقت لمن كان يحدثني في عقلي الباطني ولكنني لم احصل على اي تجاوب !
وحزنت بشدة هل حقاً صرفته !
لم اعد اشعر بأن هناك شخص قريب مني اخر فترة من شدة تواصلنا معاً كنت اشعر حتى بلمسات دافئة على يدي وحرارة على موضع لمسته وكان هذا الشخص حقاً يحبني للغاية وشعرت اكثر من مرة احدهم يحاوطني بعناق خلفي ! ولكنه كان مجرد شعور لا اعلم هل هو نابع من عقلي الباطني ام انه حقاً كان هناك من يعانقني !!
لم الحق لازيد هذا التناغم بيننا لأنني على الارجح صرفته ليلة امس !!
وهل يمكن ان يعود ؟! انا لا اعرف حتى اسمه لأناديه !
انه يسكن عقلي الباطني اليس من المفترض انه يستمع الي الان ؟
اه .. هذه الاسئلة حقاً تنهش عقلي !
ثم بدأت اقنع نفسي انه لم يكن اي شخص معي منذ البداية لقد كانت مجرد اوهام لا اكثر وحدث هذا بسبب تعمقي بالكتب الخيالة ومن الجيد انني صحوت على نفسي والا كنت على وشك دخول دوامة اكتئاب وانفصام شخصية !
لذلك حاولت اعادة تركيزي على دراستي واحلامي الكثيرة التي سأسعى الى تحقيقها ..
وسأعاود الجلوس بين عائلتي وشقيقتاي ووالديَ
وسأحرص على ان لا انحدر في افكاري حتى ولو عاد الصوت مجددا لن اتحدث مع نفسي .. ورغم بساطة حياتي ذات الروتين المعتاد
الا انها تحتوي على الدفئ وتلك الضجات العائلية اتعرفها ؟
تماماً هذا الذي اتحدث عنه وسأحرص على ان ابقى في هذا الدفئ .

وهم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن