لم يحدث!

137 10 35
                                    

ناداه بخفوت حتي لا يتسبب بإيقاظ البقية ، و هو يراه علي حاله هذا منذ اليوم الذي قرر فيه المواجهة ، فلم يكن من الصعب عليه معرفة ما يدور بخلده، و لكن السؤال الذي يعتريه" ما الشئ الذي أوصله لتلك الدرجة من الهدوء ، أيعقل بأنه وجد أثرا لها ..!

"كريم، ما بك يا رجل ألم تنتبه بعد لذاك المغفل الذي يناديك"
حول بصره تجاه ما تتطلع إليه حدقتي الآخر ، فوجده يلوح له ببسمة غبية تحتل ثغره ، فاستأذن من الجالس جواره ، ليمضي نحو الآخر بتعجب هامسا بحدة" و الله إن كنت قد جئت لسبب لا ينفع ، فلن تجدني سوي فاضحا لتخفيك يا معتوه!.

لم يكترث لحديثه، فجذبه من معصمه مردفا:" عندنا حديث لم يكتمل يا " كريم" أحسبتني قد نسيت..!؟"

-" أتعلم ؟ لو أنك قد نسيت ، لكنت شككت بأمرك يا " سفيان"..!"

أجابه بتعالي :" يعجبني فيك نفسك التي تحفظني عن ظهر قلب يا فتي، هيا أقبل عليا بما أملاه عليك ذاك البغيض ..."

تنهد بهدوء مجيبا:" هددني بها...!"

انزوي ما بين حاجبيه بتشتت ، فصاح يتحدث مندفعا غير عابئا بمكانهم و بذاك الظلام الذي يحجب خلفه نيران ستندلع عما قريب :" أستأخذ كلامه علي محمل الجد يا  أخي...!؟"

اندفع هو الآخر مجيبا عليه ببكاء ، غير قادرا علي الصمود :" و الله إنها حية ترزق، و الله يا "سفيان" لقد آتتني في المنام تحثني علي لقياها كما قال، لم تمت بعد ، لقد حدثني قلبي.. و الله إنني لأشعر بها ، شهادة أبي المهدورة، و وصية أمي رحمها الله.....!"

تطلع إليه بدموع جاذبا إياه بأحضانه مربتا علي ظهره بحنو هامسا:" اهدأ ، لعل ربي بلقياك بها يتعجل...!"

شدد من احتضانه هامسا بيأس:" لعل يا أخي ، لعل..."

-"هيا علي فراشك قبل أن ينتبه أحد، غيرصديقك البغيض المنتظر هناك.."

-" لم تبغض الجميع يا هذا؟!"

أجابه بابتسامة ماكرة:" و لكني لا أبغضك، أتودني أن أبغضك...؟!"

رمقه باستخفاف ، مجففا دموعه ، تاركا إياه خلفه ، لم يتكبد حتي عناء إلقاء السلام، و توديعه....

-" يبدو أن الصداقه قد اشتراها شخص بغيض" هكذا حدث " سفيان" ذاته ، و هو يبصر الآخر قد أغلق باب الملجئ مرة أخري....!
***********************************
أغلقه بارتجافةٍ أصابت جسده ، فهًّم بإدخاله داخل حقيبته من جديد ، و هو يفكر " أين سيجده؟"

ربتت علي ظهره بحنو هامسه بخفوت مزيلةً عبراته المتساقطة علي وجنتيه بلا هوادة:" كما جمع يوسف بأبيه فحتما سيجمعك به يا " يوسف" ...!"

طالعها بتشتت هامسا:" لقد ضاعت و سيضيع معها ، ربما الحكمة من الفراق المتحتم علينا هو أننا بحاجة إلي وقتٍ لإعادة حساباتنا، فربما بعد التيقن قد حان اللقاء ، ربما حين رؤيته ألتمس له الأعذار فيلتمس لي عذراً واحدا علي الأقل...... لم أتخلي عنه ، و رب محمد ما تخليت عنه قط ، فتسود مشيئته رغم تمسكنا ببعضنا ، ليتوجب علينا العودة لنقطة" ما تحت الصفر" ...!"

 نوفيلا " وقالت" بقلم'"يارا عصام أحمد"'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن