٤-مطرقة السلام

89 1 0
                                    

صور متداخلة، مظلمة، لا تكاد تلمح بها شيئا غير أطياف تسير ذهابا و إيَّابا، كانت تُعرض أمامها بسرعة أشعرتها بالدوَّار الشديد، فصدر عنها أنين خافت يَعكس شعورها في تلك اللحظة، خصوصا حين أخدت تلك الصور تبتعد شيئا فشيئا، تترك الظلام خلفها..

-<<هل استيقظتْ؟>>

-<<أظنُّها ستفعل بعد ثوان قليلة>>

إلتقط سمعها أصواتا خشنة تتحدث عنها ربما، لأنّها بعد ذلك تأكدت من كونها مغمضة العينان بالفعل، و الظلام أمامها ليس سوى نتيجة لذلك.

-<<إنتهت مهمتك هنا يا رجلَ الظلام، ما سيحدث بعد الآن إلى حين استدعائك سنتكفل به نحن،  لذا خُد قسطا من الرَّاحة>>

كلمات أخرى وصلت إلى مسمعها واضحة بشكل أكبر هذه المرة، فميزت نبرة صوت رجوليّة بالقرب منها قبل أن تستوعب أنه ذكر شيئا مألوفا بالنسبة لها..

رجلُ الظلام..

ما الذي حصل؟ تسائلت في سرها، و رغم أنها صارت واعية بشكل كلِّي بعد أن إنتفضت حواسها عند ذكر ذلك اللقب، إلا أنها فضلّت البقاء على وضعيتها، مغمضَة العينان و هي تستمع لصوت خطواتٍ خفيفة تبتعد شيئا فشيئا، علَّها بذلك تحصل على قدرٍ كاف من المعلومات حول ما حدث لها.

بعد ثوان قليلة إكتشفتْ أنَّها جالسة على كرسي ما و ليست مستلقية، و أنَّها عوض ذلك تُلقي برأسها لطاولة ما تستند على ذراعيها.
تساؤلها حول وضعيتها هذه لم يدٌم طويلا حين شعرت بقبضة قوية على كتفها تُزيحها بعنف  فأجبرتها على فتح عيناها تُفلت من بين شفتيها شهقة قوية مُتفاجئة لذلك.

-<<استيقظتِ إذن!>>

تحدث صاحب النبرة الرجولية القوية التي سمعتها قبلا، و ما كادت تعتدل جالسة على الكرسي لكي تراه بشكل جيد حتى شعرت بقيدٍ حديدي يُصفد معصميها للطاولة، و قد تبين لها أنه قد كان له دور مهم في منع جسدها المُخدَّر من السقوط أرضا.

-<<أين أنا؟>> تسائلت بنبرة واهنة معتبة، عكست تيهها و أثر المخدر  على لسانها، فلاحظت أن الغرفة حيث احتجزت كانت صغيرة مظلمة إلا من البقعة حيث كانت تجلس، أو بالأحرى حيث كانت مُقيدة لطاولة خشبية وُضع فوقها العديد من الصور و الأوراق..

-<<اللعنة!>> هسهست من بين أسنانها حين لمحت أثناء استكشافها لما أمامها، صورة لها و هي تقفُ في شارع ما، و قبل أن تُكمل باقي استكشافها قُوطعت بيَد الرَّجل الذي نَسيت وجوده للحظة، وهو يضعها فوق الصور المبعثرة جوار يديها المصفدتين، يمنعها من التقاط تفاصيل أكثر.

-<<أنتِ الآن في العاصمة الرباط، و بالضبظ في مقر منظمة السّاجِر>> جوابه الذي أتاها بنبرة واثقة شلَّ تفكيرها للحظة، فأمالت رأسها لجانبها الأيمن تتطلع لوجه مخاطبها أخيرا.

الأفعى و الوحش (مكتملة) Où les histoires vivent. Découvrez maintenant