٧-حديث منتصف الليل

62 2 6
                                    

صوت غناء صرار لامبالي و مواء القطط المختلف أنغامه كان كلحنٍ لسيمفونية ليلية غريبة بالنسبة لأسيل، فقد تقلبت في فراشها عدة مرات و وضعت رأسها أسفل الوسادة علّها تستطيع النوم و لكن الأمر كان بلاجدوى، خصوصا و صوت شخير العجوز يتناوب و الأصوات خارجا.

لعنت تحت أنفاسها لمرة لا تذكر عددها، و يدها امتدت لهاتفها الموضوع على الطاولة الصغيرة التي تفصل سريرها عن سرير العجوز النائمة.

-"إنها الواحدة بعد منتصف الليل! لن أستطيع النوم البتة على هذا المنوال " زفرت بضيق و اعتدلت جالسة على السرير تمسد رقبتها بألم و حسرة.

لقد قضت طفولتها و بعضا من فترة مراهقتها بملجئ بأزيلال لكنها لا تذكر أنها عانت من أصوات ليلية مزعجة كهذه.

-"أم تراني اعتدت نوم الفنادق المريح؟" تسائلت و تتائبت قبل أن تقوم من مكانها مغادرة الغرفة ناحية المطبخ بخطوات بدت مترنحة عكست تعبها و رغبتها في النوم ، لكن ما إن أنارت المكان حتى شهقت بقوة و ارتد جسدها للخلف إلى أن اصطدم بالحائط هلفع.

-"لستُ بشبح حتى تفزعي هكذا" تحدث بصوته الخشن الجامد و أزاح نظره عنها يرخي بذلك رأسه لكرسي من كراسي طاولة الطعام.

-"لمَ تجلس في الظلام؟" سألته و زفرت بعنف تُهدأ من ضربات قلبها، لقد مضت فترة طويلة منذ آخر مرة فُزعت فيها هكذا.

-"في الظلام أستطيع التفكير! " أجابها ببطء و أغمض عيناه مردفا بنبرته التي بدت هادئة مسالمة للغاية :"لا أظن أن صوت شخيرها مزعج للحدِّ الذي يمنعك من النوم "

ابتعلت أسيل ريقها بصعوبة و تجاوزت طاولة الطعام حيث يجلس حتى تملأ كأسا من الماء لنفسها قائلة :" يحدث هذا دائما عندما أغيّر مكان نومي!"

همهم بفهم دون أن ينطق أو يفتح عيناه ،بينما ارتشفت هي بضع جرعات من الماء، و التفتت تنظر إليه بشرود تضاعف ما إن راح ذماغها يعيد شريط ما تجسست عليه أمس حين هبطت السلالم على أطراف أصابعها حتى لم يعد يفصلها عن باب الورشة الداخلي المتصل بالدرج سوى خطوة واحدة، تمكنت من موقعها ذاك أن تراقبهما من خلال الظلال التي انعكست على الحائط أمامها، و كذا من التنصت بشكل جيد على ما قالاه تاليا.

-"ما الأمر الذي جعلك تصيح كالأطفال نيروز؟" استهل إيفان الحديث بنبرة بدت مُعاتبة، فتلقى شتائم جمّة ضجرة من الآخر يعاتبه بدوره  على رميه من أعلى الدرج بقوة، ثوان قليلة مرت بعد ذلك قبل أن يزفر بضيق يجيب تساؤله :"لم أكن لأهرع للبحث عنك لو لم تكن كارثة!

-"تحدث، ما الأمر؟" سأله إيفان و راقبت أسيل تحرك ظله على الجدار مما برهن أنه يبتعد عن موضعه.

-"الساحر يحكم الخناق حولنا إيفان، أخشى أنه علينا تغيير الخطة "
جواب نيروز جاء بنبرة عملية متحسرة كما و اختفت ترثرته التي ظنت أسيل أنها عادة قد تموت قبل أن يستغني عنها  في حوار واحد، لكنها أخطئت و تأكدت من ذلك حين  أجاب سؤل إيفان بعد ذلك، يجعل أفكارها تتلخبط بخصوص هذا الشخص المُلقب بالساحر :"ما الذي فعله هذه المرة؟ "

الأفعى و الوحش (مكتملة) Où les histoires vivent. Découvrez maintenant