ظلال الزيتون "3"،"4"

138 15 4
                                    

رواية "ظلال الزيتون"

كلما أردت تخطي الأزمة تقبلها حتى تُصبح شيئًا إعتياديًا.
           ***************
كان عاصم يركض خلف رفيقته مُحاولًا إثنائها عن محاولة الإنتحار حتى توقفت هي وبدأت تركض بالاتجاه المعاكس حتى اصطدمت به وهي تُعانقه فسقط كلاهما أرضًا ولكنها لم تتحرك من فوقها وزفر هو بارتياح شديد رغم كل الآلام التي تجتاح جسده من الاصطدام والسقوط، ربت على خصلاتها القصيرة بحنو وهدوء حتى رفعت وجهها له وبدأت تعتدل ووقفت ثم مدت يدها له فابتسم وامسك بيدها ووقف..
مد عاصم يده يُعدل خصلاتها بلطف فرفعت عينيها إليه وقالت: "أنا مش عايزة أموت نفسي،ساعدني"
رد عاصم عليها بحنو حازم: متخافيش مش هتموتي نفسك.. أنا معاكِ.
فقالت بقلق: "متقولش لموسى عشان هيزعل مني"
عاصم بجدية: مش هقوله.. إحنا صحاب وسرك في بير.
فابتسمت بسخرية وقالت: "مخروم"
فقام ببعثرة خصلاتها من جديد وهو يقول: مخروم!.. طيب يلا على البيت يا أوزعة.
ثم أشار لها بيده فسارت وسار هو جوارها عائدين للمنزل.
              **************
كان موسى جالسًا مع صَدفة بالحديقة الخلفية للمنزل الكبير الذي تعيش فيه هذه الفترة، كانت صَدفة تتناول الشوكولاتة بنهم وهي جالسة أمامه وهو ينظر إليها مُتفهمًا مرورها بحالة من الصدمة..
صَدفة بحماس: عارف؟
موسى باهتمام: عرفيني.
صَدفة بلطف: أنا بحب فريال أوي أوي بس حسيتها عمرها ما بتحبني، وكمان كنت بجيبلها معايا حلويات من المدرسة رغم إنها أكبر مني بس كانت بتبصلي وحش ومش بتاخدها مني بس أنا كنت بجمعهم لحد ما بقوا 200 حاجة حلوة، كان دايمًا عندي أمل تاخدهم مني بس هي معملتش كدا.. حتى ماما كمان دايمًا كانت بتمشي كلام فريال وأنا لأ.
موسى بهدوء: طيب ما يمكن عشان هي أكبر منك!
صَدفة: لا انت مش فاهم.
موسى: طب ما تفهميني.
صَدفة بضحك: ما أنا كمان مش فاهمة.
ضحك موسى فهي لطيفة للغاية ولكنه قرر محادثتها بأمر آخر..
موسى بجدية: مش ناوية ترجعي الجامعة؟
ارتجف جسدها وتركت قطعة الحلوى من يدها وبدأت تتلاعب بخصلاتها بخوف وقالت بارتباك: لـ.. لأ لأ مش ناوية.
موسى بملاحظة لتغييرها: طب ليه؟
نظرت له فجأة بنظرة تقرب للاستنجاد وامسكت يده بكفيها وهي تقول ببكاء: انا مش مجنونة.
ربت موسى على يدها بسرعة وهو يُهدأ من بكائها قائلًا: أكيد مش مجنونة.. إهدي بس انتِ أعقل وأحلى واحدة شوفتها متعيطيش.
توقفت عن البُكاء ونظرت له ببراءة وخجل قائلة: أنا!!.. أنا أحلى واحدة شوفتها؟
موسى بلطف: ايوه يا صَدفة.
سحبت يديها منه بخجل وهي تضعهم على وجهها وتضحك..
اقترب شرف الدين فجأة وقال لـ صَدفة بجدية: صَدفة.. فريال جات.
هبت صَدفة بفرح وركضت للداخل بينما وقف موسى ونظر لـ شرف الدين فهز شرف الدين رأسه بتهذيب..
بالداخل..
كانت مريم واقفة جوار فريال تهمس لها بشيء ما حتى دخلت صَدفة بابتسامة واسعة وسعيدة..
نظر لها معاذ بلطف بينما تابعها أمجد بصمت وكذلك تابع نظرات فريال لها..
عانقت صَدفة فريال بسعادة وقالت: حمد لله على السلامة.. أنا فرحانة إني شوفتك اوي.
لم تُبادلها فريال العناق ابدًا ولكنها رفعت ذراعيها تُبعد صَدفة عنها، نظرت لها صَدفة بتساؤل ولكنها فوجئت بصفعة قاسية على وجنتها فارتدت للخلف..
اقترب معاذ صارخًا بـ فريال بغضب: إنتِ اتجننتِ؟؟
امسك شرف الدين بـ معاذ يُبعده عن فريال واقترب منها بجمود: اطلعي فوق.
لم تستطع التحدث فزفرت بغضب شديد ثم صعدت، بينما اقترب معاذ من صَدفة ووضع يده فوق وجنتها: إنتِ كويسة؟
فاجئته صَدفة بابتسامة واسعة من جديد وقالت: ايوه.. متضايقش علشاني هي فريال كدا على طول.
ثم خرجت من المكان بهدوء وكأن شيئًا لم يحدث بينما مسح موسى فوق وجهه وخصلاته بنفاذ صبر وخرج خلفها فوجد حذائها بالخارج ولم يجد لها أثرًا فنظر حوله جيدًا بقلق ولم يجدها فدلف لهم مجددًا قائلًا بغضب: صَدفة مش موجودة برا.. أنا هدور عليها ولو لاقيتها مش هرجعهالكم تاني فاهمين.
ثم خرج مسرعًا بخطوات شبه راكضة داعيًا أن يجدها دون أن يحل بها مكروه.
           
               ***********
كانت وجدان جالسة تُشاهد أحد الأفلام بمنزل ميرا وهي تتناول بعض الطعام كان قد تبقى من طعام الغداء..
خرجت ميرا من مكتبها فوجدت وجدان تُشاهد الفيلم باندماج فجلست جوارها بصمت ولكن وجدان نظرت لها قائلة: اسمك ميرا الصافي؟
ميرا بجدية: لأ.. ده اسم علشان الشغل.
وجدان بصدمة: اسمك مش ميرا؟
ضحكت ميرا منها وقالت مُصححة: اسمي ميرا بس مش الصافي.. اسمي ميرا باسم العسال.
وجدان باهتمام: طب ليه مش اسمك ميرا العسال؟
ميرا بضيق مُغيرة دفة الحديث: ما تجيبي معلقة من الأكل ده بدل ما انتِ عماله تاكلي من غيري كدا.
تفهمت وجدان رغبتها فبادلتها الحديث قائلة بعند: اغرفيلك انا مكسلة.
نظرت ميرا لـ وجدان بعدوانية فابتسمت وجدان باستسلام ومدت يدها بالطبق تجاهها وقالت: اتفضلي يا حبيبي،ثم أكملت بعند: بس عيني فيهم بقى هه.
فتعالت ضحكات ميرا صاحبتها ضحكات وجدان - التي تشعر بالراحة والأمان مع ميرا وكلما وجدت فرصة سانحة شكرتها- ممسكة بالطبق مجددًا وهي تضع معلقة جديدة معلنة تشاركهن في الطعام.
         
             ************
بحث موسى عن صَدفة كثيرًا ولم يجدها فوقف بإحدى الطرق وهو يُحاول التفكير أين يُمكن أن تذهب وبينما يفكر قاطعه اتصال من شقيقه ليعود فقد تأخر الوقت أكثر من اللازم، زفر موسى بضيق وقلق واتجه إلىٰ منزله وأتى أمامه طيف صَدفة وهي تضحك بخجل مما دفعه للابتسام بلطف..
وصل موسى أسفل البناية ووجد عاصم ينتظره في النافذة فأشار له وصعد مُسرعًا..
فتح عاصم الباب ثم قال لـ موسى: شنطة العربية بتاعتك اتفتحت بعد ما طلعت تعالى ننزل نشوف إيه المشكلة.
موسى بتعجب: بس دي كانت مقفولة أنا متأكد.
عاصم بصبر: يا سيدي عارف يمكن معلقة ولا حاجة تعالى بس.
ثم جذبه من ذراعه وهبطوا سويًا واقتربوا من السيارة ففُتحت السيارة من الخلف وظهرت صَدفة بردائها الأسود ونظرت لـ موسى بابتسامة قائلة بمرح: ازيك!
ثم خرجت من السيارة ووقفت أمامهما حافية القدمين وبدأت بترتيب خصلاتها فقال عاصم: إنتِ مين؟
نظرت له صَدفة ثم تراجعت ناحية السيارة بقلق وهي تُجيب: أنا صَدفة.
موسى بهدوء: تعالي يا صَدفة متخافيش ده عاصم أخويا.
رفعت صَدفة حاجبيها ثم قالت: اااه.. ازيك؟
وقبل أن يُجيب عاصم كانت رهف تهبط من البناية تتجه ناحيتهم وهي تسأل: " مين دي؟"
لم تفهم صَدفة شيئًا من حركة رهف وعلمت أن رهف لا تستطيع الحديث..
تحدث موسى فجأة قائلًا بارهاق: جماعة يلا على فوق كلنا وهنتكلم.
صَدفة بتذمر: ايوه هتتكلم بس أنا جعانة عايزة أكل مش كلام.
ضحك عاصم بدون إصدار صوت بينما مسح موسى على وجهه ثم امسك بذراعها بلطف وقال: يلا نطلع بس وهأكلك حاضر يلا يارهف وإنتَ يا عاصم.
أشارت رهف على قدمي صَدفة فنظر لها موسى فوجدها حافية فقال: خلعتي جزمتك ليه يا صَدفة؟
صَدفة ببساطة: كنت متضايقة.. وانا لما بتضايق مش بحب ألبس حاجة في رجلي عشان بحس إني متغاظة.
ثم قالت بسرعة: بس استنى افتح شنطة العربية بسرعة حالًا.
ففعل ما طلبت فمدت يدها مخرجة حذاء منزلي من القطن على هيئة فار صغير وارتدته وحركت قدميها بطفولة: حلو اوي ده.. يلا أنا هطلع قبلكم.
ثم ركضت فوق الدرج بينما تبادل عاصم النظرات مع موسى وقال: هي طبيعية؟
زجر موسى شقيقه قائلًا: اتلم ويلا بينا.
وتركه فنظر عاصم لظهره بتعجب ثم رفع كتفيه بقلة حيلة وصعد خلفهم بصمت.
              ************
كانت مريم جالسة مع زوجها وأولادها الذين ينتظرون معرفة شيء ما ستخبرهم هي به..
مريم بجدية: الكلام اللي هقوله دلوقتي هقوله مرة واحدة ومش عايزة صَدفة تعرف عنه أي حاجة لما ترجع.
معاذ بسخرية: ده على أساس إننا عارفين هي فين؟
مريم بهدوء: ايوه أنا عارفة المهم تسمعوا الكلام ده كويس.
وبدأت مريم تشرح لهم كل ما يخص عائلة شقيقتها بينما تتغير تعابير وجوه أولادها بين حين وآخر حتى انتهت من حديثها كاملًا والذي كان يُسجل على هاتف أحدهم دون دراية مريم..
تحدث شرف الدين أولًا وقال: لكن يا ماما حتى لو كل الكلام ده صح مش من حق فريال تتعامل بالطريقة دي مع صَدفة.
معاذ بضيق: أنا اصلًا مش طايقها.
أمجد بتأييد: ولا أنا.. أنا بصراحة مستغرب شخصية صَدفة جدًا وإزاي مستسلمة كدا.
مريم بجدية: مش عارفة أقولكم إيه، بس يا أمجد يا حبيبي شخصية صَدفة دي مش مستسلمة ولا حاجة هي معندهاش شخصية أساسًا وكله بسبب أمها ربنا يسامحها ويرحمها أنا حاسة بالذنب إني كنت عارفة بمعاملة سلمى لبنتها وساكتة لحد ما شوفتها صعبت عليا.
ربت إكرامي على يد زوجته بحنو وقال: وإنتِ كنتِ هتعملي إيه يا مريم، أنا شاهد على كل مرة كنتِ بتحاولي تقولي لـ سلمى إن صَدفة ملهاش ذنب وهي كانت بتصدك وشاهد كمان على محاولاتك مع سلمى إنها تدخل صَدفة مدرسة للحالات اللي زيها متزعليش يا حبيبتي إحنا هنحاول نصلح كل حاجة ونكون أسرة تانية لـ صَدفة.
أومأت مريم بهدوء وهي تنظر لأولادها الذين أيدوا حديث والدهم دون نقاش.
              *************
جلست صَدفة تتناول الطعام -الذي طلبته من موسى والذي كان عبارة عن كوب حليب وبعض قطع البسكويت- وهي تشاهد فيلم من أفلام الرسوم المتحركة بصمت بينما جلس عاصم وموسى ورهف معًا بجانب بعيد عنها قليلًا، وحدثهم موسى عن مقابلته لـ صَدفة وكل ما حدث معهم..
عاصم بتعجب: هي دي في جامعة؟
موسى بضيق: اتكلم عنها احسن من كدا شوية يا عاصم.
عاصم باعتذار: معلش آسف يا موسى بس دي باين عليها صغيرة اوي!.. شكلها وحجمها وتصرفاتها حتى.
تنهد موسى بقوة ثم ابتسم وقال: زي الفراشات في خفتها وزي الأطفال في طريقتها بس لذيذة اوي.
عاصم بمزاح: يا سيدي يا سيدي.
وصفقت رهف بخفة وهي تضحك فنظر لهما موسى وحمحم بجدية وقال: بس إنتَ وهي المهم أنا عايزها تتخطى بقى أزمة وفاة والدتها وترجع لدراستها تاني.
صَدفة: بس أنا مش في أزمة!
نظر ثلاثتهم لها وهي واقفة تفرك بيديها دون النظر إليهم ثم سارت وجلست بالقرب من موسى وقالت بهدوء: أنا عارفة إني بتصرف وكأن مفيش حاجة حصلت وده مخليك حاسس إني مش كويسة بس لأ، أنا فاهمة اللي بعمله وقاصدة كمان أنا زعلانة علشان ماما وعايزة أعيط كمان بس مش هعمل كدا، مش هكسب حاجة من العياط غير كدا كمان إني مش هستسلم للزعل أنا ممكن أكون مش بفهم أوي في الدنيا دي لكن مش غبية ابدًا.
موسى بجدية: انا مبسوط إني بسمع منك الكلام ده حقيقي.
رفعت صَدفة عينيها إليه وقالت: أنا مفيش حاجة ببقى عايزة اعملها ومبعرفش بتدلع بس.
موسى باعجاب: طب ما ترجعي الجامعة طالما كدا.
ارتجفت صَدفة وقالت: لا مش عايزة.
موسى بضيق وصوت مرتفع: ليه يا صَدفة ليه لا؟؟؟
ادمعت عيني صَدفة ووقفت بغضب وقالت: مش عايزة أقولك.. براحتي.
هبطت دموعها فاشاحت بوجهها بعيدًا وقالت: أنا عايزة امشي أروح عند خالتو مريم عشان يزن هيرجع.
موسى ببرود: الناس زمانها نامت.. ومين يزن ده؟
صَدفة: أخويا الكبير.. تؤام فريال اللي كان مسافر بأمر من ماما.
موسى بتساؤل: ومامتك إيه اللي يخليها تبعد يزن عنكم؟
التفتت صَدفة إليه بنظرة غريبة: ماما بعدت يزن عن فريال بسببي وبعدت فريال عن البيت علشاني.. أنا عايزة أنام ممكن؟
وقفت رهف من جوار عاصم وأشارت "أنا هاخدها معايا فوق تنام عشان مينفعش هنا"
عاصم موجهًا حديثه لـ صَدفة: رهف هتاخدك تنامي عندها يا آنسة صَدفة.
ضحكت صَدفة فجأة ونظرت له فجأة وقالت: مش للدرجادي.. اسمي صَدفة بس يلا يا رهف.
ثم رحلت مع رهف دون الحديث مع موسى مجددًا.
عاصم بهدوء: البنت دي غريبة.
موسى بابتسامة جانبية: ومريبة كمان ساعة تحسها مش فاهمة اي حاجة وساعة تلاقيها فاهمة أكتر منك.. يلا ننام عشان عندي شغل بدري في المستشفى ووصلها لو حبت تروح بيت أهلها لما نشوف آخرتها.
 
                *********
استيقظت وجدان مُبكرًا وارتدت ملابس تناسب العمل الجديد وجلست تنتظر استيقاظ ميرا ولكنها وجدتها تأتي من الخارج..
وجدان بابتسامة: صباح الخير.
ميرا بهدوء: صباح النور.. جهزتي بدري ليه؟
وجدان بضحك: الحماس أكلني بصراحة.
ضحكت ميرا بخفوت وقالت: هغير هدومي وآجي نمشي.
وجدان بجدية: هنزل استناكِ تحت شوية على ما تيجي عشان زهقانة.
ميرا: ماشي بس متبعديش.
هزت وجدان رأسها بموافقة وخرجت مُسرعة وبينما كانت تهبط الدرج مسرعة اصطدمت بأحدهم فشهقت بخفوت وهي تعتذر بسرعة شديدة، وجدتها فتاة ساقطة أرضًا وكادت تمد يدها لمساعدتها على الوقوف ففُتح الباب وظهر منه عاصم ووجد صَدفة متكومة أمامه على الأرض وتلك الفتاة منحنية لمساعدتها فاقترب من صَدفة ليراها..
عاصم بقلق: صَدفة إنتِ كويسة؟
نظرت له صَدفة بابتسامة وقالت: ايوه أنا تمام.
فامسك ذراعها لتقف فاعتذرت وجدان بحرج فنظرت لها صَدفة بلطف فتركتهم وهبطت مسرعة..
عاصم بجدية: رهف فين؟
صَدفة: نايمة.. أنا اللي صحيت بدري.
عاصم بهدوء: طب اطلعي على ما تصحى عشان مش هينفع تقعدي معايا أنا وموسى هنا.
صَدفة بجدية: لا أنا لازم ارجع عشان يزن.
عاصم بجدية مماثلة: طب استني افتحلك العربية استني فيها.
ودلف ليأتي بالمفتاح، هبطت ميرا برزانة ونظرت لها صَدفة ثم نظرت للأسفل فابتسمت ميرا ثم أكملت هبوطها وظلت صَدفة تنظر لها حتى اختفت عن ناظرها وعاد عاصم وهبط معها للسيارة وأجلسها لتنتظره..
ولكنها جلست قليلًا ورأت شيء ما فهبطت من السيارة بخوف وركضت مسرعة بعيدًا عن البناية ولكن لأنها لا تعرف المكان بشكل جيد فقد تاهت!
                 *********
وقفت ميرا بسيارتها جانبًا لتأتي ببعض الطعام لها ولـ وجدان كذلك، كان المكان قريبًا من المنزل قليلًا وبينما تنتظر وجدان ميرا نظرت بأحد الاتجاهات دون انتباه فوجدت صَدفة التي كانت تدور حول نفسها بخوف فهبط دون تفكير لتقديم المساعدة..
كانت صَدفة خائفة من ذلك الشاب كثيرًا وتنظر حولها بخوف فرأته آتيًا من بعيد بينما بنفس اللحظة شعرت بيد توضع على كتفها فالتفتت بسرعة..
وجدان بهدوء: إنتِ كويسة؟
هزت صَدفة رأسها بالنفي أكثر من مرة باكية وهي تُشير إلى الشاب الذي كان ينظر لها بسخرية..
رأتهم ميرا فاقتربت منهم راكضة وهي تسأل وجدان بقلق: مالك يا وجدان؟
وجدان بقلق على صَدفة: البنت دي اللي عندك في العمارة لقيتها واقفة خايفة وسألتها في إيه بتشاور على الشاب ده وبتعيط.
نظرت ميرا لحال صَدفة ثم نظرت للشاب الذي اقترب منهم ثم قال بجمود: تعالي يا حبيبتي ينفع كدا برضو؟
ميرا بجدية: إنتَ مين؟
الشاب بسخرية: خطيب الهانم وإنتِ مين9
تحدثت صَدفة بارتباك وحرج: لا لا ده مش خطيبي، ده واحد في الجامعة كان بيضايقني وكمان.. وكمان اا...
ربتت وجدان على ظهرها وقالت بحنان: بالراحة عملك إيه؟
صَدفة ببكاء: اتحرش بيا هو واصحابه كمان.. وبيخوفني كل شوية وممشي ورايا ناس.
ابتسمت ميرا باتساع واقتربت منه: إنتَ عملت كل ده!؟
الشاب باستخفاف: ايوه.
وضعت ميرا يدها فوق كتفه ولكن صَدفة صرخت فجأة:عاصم.. موسى.
انتبهوا لها فركضوا تجاهها بقلق ممزوج بالغضب..
موسى: كنتِ فين وبتعملي إيه هنا؟
كاد الشاب يركض ولكن ميرا امسكت به بشدة ولكمته بوجهه بقوة..
عاصم بجدية: مين ده؟
وجدان بتسرع: ده واحد مش محترم بيخوف قريبتكم وكمان اتحرش بيها.
نظر عاصم لهيئة صَدفة وكذلك موسى ثم اقترب كلاهما منه فوقفت أمامهما صَدفة مسرعة وقالت بوهن: أنا عايزة أروح عشان خاطري.
ميرا بجدية: لو تحبي تبلغي عنه أنا محامية وهساعدك.
موسى بحزم: طبعًا هنبلغ.. صَدفة تعرفي اسمه؟
صَدفة بخوف: بس صحابه كمان.. صحابه يا موسى زيه وبيخوفوني.
موسى بصدمة: نعم! صحابه كمان؟.. تعرفيه منين؟
صَدفة بحزن: هو اللي مش بيخليني أحب أروح الجامعة.
لمعت عيني ميرا بشيطانية وقالت: متقلقيش أنا هحل الموضوع ده كله روحي لو حابة ونتكلم بعدين إحنا كدا كدا جيران.
              ***********
وصل يزن إلى المطار فأنهى الإجراءات المطلوبة ثم خرج مسرعًا، صدح هاتفه فقال بجدية: أنا وصلت خلاص خلال نص ساعة بالظبط هكون عندك.
_ وهتعمل إيه مع أخواتك؟
ابتسم يزن بحنين وقال: هصلح كل حاجة وهرجعها لمسارها.
= على فكرة أختك الصغيرة كانت نازلة الصبح مع أخو الدكتور يعني مش قاعدة مع فريال في بيت خالتك.
اشتدت لمعة عينيه بحنان وقد مر طيفها وهي صغيرة: هروح آخدها من هناك أنا أعرف موسى أصلًا.. يلا سلام.
أغلق الهاتف واتجه مستقلًا سيارة أجرة ليصل لرفيقه أولًا ثم ليرى ما سيفعل بعد ذلك لإصلاح أمور أسرته الصغيرة.
                 ***********
كانت فريال جالسة فوق الطاولة في الحديقة وتتحدث في الهاتف وعينيها تلمع بوميض غاضب: اللي طلبته يكون عندي لازم اتصرف مع وجود يزن وأنهي كل حاجة وياريت محدش يعرف عشان مش عايزة أقولك هيجرالك إيه لو اتفاقنا وصل لأي حد من العيلة.
ثم أغلقت الهاتف وهي تنظر أمامها وتبتسم بسخرية مُرددة بداخلها: شكلي هتسلى أوي بوجودي في البيت ده.

_يُتبع
        

ظلال الزيتون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن