ظلال الزيتون "15"،"16"

47 10 7
                                    

رواية "ظلال الزيتون"

الفصل الخامس عشر، الفصل السادس عشر

كلما رأيتك ترتفع رايات العشق بداخلي مُعلنة عودتك من جديد.

                        **********

وقفت مريم أمام ميلان وهي تلامس وجنتها ببطء بينما تلوح بعقلها الذكريات، شبيهة لتلك الفتاة وبذات الاسم ولكن بشخصية مختلفة فهبطت دمعاتها مما جعل ميلان تشعر بالتعجب فقالت بهدوء :
حضرتك كويسة؟
هزت مريم رأسها وهي تعود للواقع وتبتعد عنها قليلًا فنظرت ميلان إلى معاذ فاقترب منها فهمست له :
أنا جعانة وعايزة أنام.
ضحك معاذ بدون صوت ثم قال بصوت مرتفع :
ماما أنا جعان هناكل إمتى؟
أزالت مريم عبراتها ثم ابتسمت وقالت :
حالًا يا حبيبي.
ثم ذهبت لتجهيز الطعام بينما كاد إكرامي يتحدث فسمع صوت بُكاء مروان الصغير فصعد ليراه ووقف معاذ وميلان بمفردهما نظرت ميلان لمعاذ بتمعن ثم اقتربت منه بابتسامة وقالت :
إنتَ حلو أوي.
ضرب معاذ بيده فوق جبهته وقال بيأس :
يا بنتي بس الناس هتفهمك غلط.

دخل شرف الدين ممسكًا بيد سُكر الخجلة والتي تبدو شبه راكضة لتوازي خطوات سير شرف الدين..
صاح شرف الدين بصوت مرتفع :
أمي .. يا ريمااا.
خرجت مريم مسرعة بفزع لترى شرف الدين اقترب منها ولازال ممكسكًا بكف سُكر فقالت بتعجب :
سيب البنت يا شرف الدين جرالك إيه؟
هبط إكرامي من الأعلى بسعادة حاملًا مروان فسمع صوت شرف الدين الذي قال بصوت متحمس :
أنا عايز اتجوز سُكر.
فقال إكرامي بابتسامة سعيدة :
وأنا وافقت على بركة الله.

ظهر على مريم الاعتراض فاقترب شرف الدين لها وأمسك بيدها طابعًا عليها قبلة مُحبة وقال بجدية :
بحبها يا أمي.
ربتت مريم على وجنته بحنو وقالت :
وأهلها يا ابني؟
رد شرف الدين بتركيز :
مش هنتجوز النهاردة يا أمي أنا جاي آخد رضاكم بس.. لكن يدوب لبستها دبلة.
اقتربت ميلان من سُكر بابتسامة لطيفة وقالت لها :
أنا كمان عايز اتجوز .. عملتِ كدا إزاي؟
تصنم الجميع لوهلة ناظرين لبعضهم ثم ارتفعت ضحكاتهم بشدة ..
= إيه اللي بيحصل هنا !!

                      **********

كانت إسراء تشعر بالقلق الشديد على ميلان بينما تحاول رايني تهدئتها ولكنها لم تستطع فقد وقفت إسراء فجأة وهي تصرخ قائلة بفزع :
نزار أكيد وصلها.
فقالت رايني بعدم فهم :
نزاغ "نزار" مين؟
بكت إسراء وقالت :
أبو ميلان.
صمتت رايني تُحاول استيعاب تلك الكلمة التي قالتها والدتها منذ لحظات ولكنها لم تستطع أبدًا..!

                       **********

كانت وجدان ترقد فوق فراشها الأبيض بالمشفى بينما تجلس ميرا جوارها فوق المقعد ويجلس جسور فوق جانب من الفراش ينتظرون استيقاظها، تحركت وجدان وهي تُهمهم قائلة :
والله ما ينفع لازم تاكلوا معانا .. ميرا .. جسور كُل بطاطس هجيبلك النداهة.
نظر جسور بيأس تجاه ميرا التي ابتسمت بسمة مُرهقة وقال :
حتى وهي عيانة بتفكر في الأكل.
مدت ميرا يدها تُمررها على وجنة وجدان التي بدأت ترمش بضيق فتحت عينيها ثم اغمضتها مجددًا بسبب الأضواء ..
وجدان بصوت مسموع :
إيه العمى ده على الصبح .. اععع عيوني.
ضحك جسور وقال بضحك :
معلش مع إحترامي مين بيعترض على شيء أو بيصرخ مثلًا بيقول اعع.
فتحت وجدان عينيها ونظرت له قائلة :
إنتَ بتضحك عليا وأنا عيانة؟
ثم بدأت تبكي بخفوت فتغيرت ملامح وجهه واقترب قليلًا وقال بندم :
آسف والله مش قصدي بس فرحت إ...
قاطعته قائلة بصوت مرتفع :
فرحت !
ثم أكملت بكائها والذي بدأ صوته يرتفع فقالت لها ميرا بجدية :
خلاص يا وجدان.. كله عدا.
نظرت لها وجدان ببكاء وقالت :
بجد؟ .. أنا مش عايزة أروح معاهم .. ياريتني كنت مُ...
قاطعها جسور بحزم مُهدئًا :
اشششش .. متقوليش كدا وبعدين هتموتي ومين هيعمل معايا مشروعي.
ردت عليه بتلقائية :
عفريتي طبعًا.
كاد جسور يتحدث ولكن دلفت فتاة ما للغرفة واقتربت منهم وهي تنظر لوجدان بحقد وتقول بغضب :
اتنازلي عن المحضر اللي عملتيه في خطيبي ده حالًا يا إما هط..
وقف جسور أمامها فنظرت لقامته الطويلة وتراجعت قليلًا فقال جسور باقتضاب:
احترمي نفسك .. خطيبك عامل مصيبة مش لعب عيال هو.
فقالت الفتاة بصوت منخفض قليلًا :
حضرتك أنا عمر خطيبي مُحترم ملوش دعوة بحاجة أكيد في حاجة غلط.
قالت ميرا ببرود :
في تسجيلات بتاع الكاميرا في القسم تقدري تروحي تشوفيها وياريت بلاش دوشة عشان في مريضة هنا.
حاولت وجدان الاعتدال فامسكت بها ميرا فحاولت الإفلات وهي تقول بصوت مرتفع :
خطيبك يا حلوة .. خطيبك أو خيبتك والله أعلم المحترم اللي بتقولي عليه كان عايز يعتدي عليا.
صرخت الفتاة بانكار :
كدابة.
توقفت وجدان عن محاولة الإفلات من ميرا وتمددت ببطء وقالت باستفزاز :
اشطا روحي بقى يا حبيبتي إلمسي راس خطيبك المُحترم من فوق يمين وهتلاقي فيها غُرز أنا بنفسي اتأكدت إنها حصلتله قبل ما امشي .. يلا سكة السلامة يا عسل.
دبت الفتاة على الأرض بغضب شديد ثم التفتت خارجة واغلقت الباب بعنف مما أجفل وجدان والتي لاحظت نظرات جسور المتعمقة الغير مفهومة فحاولت النوم ولكنه قال ببرود :
احكي تاني بقى اللي حصل ده.
فتحت عينيها بضيق وقالت :
على أساس إن ميرا محكتلكش؟ .. سيبني يا جسور الله يكرمك عشان دي ذكريات نيلة مش عايزة افتكرها .. تصبح على خير كدا.
خرجت ميرا من الغرفة فجأة فنظرت وجدان بتعجب تجاه الباب ثم التفتت برأسها لجسور وجدته جالس جوارها ففزعت وعادت للوراء تلقائيًا فتألمت ..
جذبها جسور تجاهه وقال بجدية :
إنتِ كويسة؟
هزت وجدان رأسها بموافقة ولكنها قالت بتذمر طفولي :
قاعد جنبي ليه؟ ضيقت عليا الحتة.
لم يبتسم جسور رغم كونه أراد الابتسام ولكنه قال بصوت هادئ :
احكي اللي حصل يلا حالًا.
نظرت له بضيق ثم تنهدت بقوة وبدأت تتحدث مسرعة ما حدث معها ببيت عمتها وما حدث لوالديها وما أن انتهت حتى وجدته يُمسك بكفها يقبله بحنان :
هرجعلك حقك، متخافيش منهم.
حركت وجدان رأسها بطريقة غريبة والحمرة تزحف إلي وجهها فابتسم جسور وقال مُقلدًا :
يلا نامي.. تصبحي على خير كدا.
ابتسمت وجدان بتعب وقالت :
احكيلي حدوتة.
قال جسور بأسف :
مش بعرف احكي .. قولي حاجة تانية.
نظر بساعته فسمعها تقول بخفوت :
بحبك.
التفت لها فجأة فوجدها اغمضت عينيها هربًا فامسك بيدها يربت عليها بحنو وقال هامسًا :
إمتى ده..؟
لم ترد عليه فنظر لها بتمعن وجد أنفاسها منتظمة فترك يدها بحذر ثم وقف واخرج شيئًا من جيبه وقام بوضعه بيدها وخرج بهدوء، فتحت هي عينيها ورفعت يدها تنظر بها وجدته خاتمًا فضي به يُشبه ورقة التوت قبلته بحُب ثم أغلقت عينيها غارقة بالنوم من جديد.

ظلال الزيتون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن