ظلال الزيتون "13"،"14"

61 10 2
                                    

رواية "ظلال الزيتون"

الفصل الثالث عشر، الفصل الرابع عشر

كلما سقطت ابدأ من جديد، لازالت أنفاسك تخرج وتدخل فأنت على قيد الحياة، تمسك بحياتك لآخر لحظة ولا تفقد نفسك.

                             ************

ابتسمت سُكر وهي تنظر لطفلها الغارق بالنوم ثم اقتربت منه مُقبلة كفه الصغير وهمست :
لازم ابدأ من تاني .. الدنيا مش هتوقف هنا .
هبطت من غرفتها تجاه مكان جلوس مريم ثم جلست قبالتها وقالت بهدوء :
مدام مريم .. أنا أكلت مروان ونيمته ومحتاجة اخرج شوية ممكن اسيبه في أمانة حضرتك؟
نظرت لها مريم بتمعن ثم ابتسمت وقالت :
أكيد يا سُكر .. متشيليش هم.
هزت سُكر رأسها بالموافقة :
شكرًا لحضرتك معلش هتعبك معايا.
ثم وقفت واتجهت لغرفتها مُخرجة فستان من الصوف ذو أكمام طويلة باللون الأبيض والأصفر وارتدت حذاء باللون الأصفر وحقيبة صفراء كذلك ثم وقفت أمام المرآة بتردد وهي تضع فوق رأسها وشاح باللون الأبيض قامت بوضعه مُحاولة إخفاء خصلاتها القصيرة، لم تستطع ولكنها لم تقم بإزالة الوشاح بل خرجت من غرفتها بهدوء واتجهت إلى غُرفة شرف الدين وقامت بالطرق على الباب ..
فتح شرف الدين لها ونظر لما ترتديه ثم نظر للوشاح الذي وضعته فابتسم قليلًا فقالت بجدية :
لازم نتكلم .. هقولك على كل حاجة.
حاول شرف الدين البحث عن نبرة تردد بصوتها ولكنه لم يجد فتساءل بجدية :
متأكدة؟
تنهدت سُكر وقالت بقوة :
أنا تعبت .. مش هفضل كدا كتير أنا عندي حياة لازم اعيشها وابني عايزة أربيه بشكل سوي عشان يكون أحسن مني، مش هفضل عايشة على ذكرياتي اللي مفيش فيها حاجة حلوة عارفة إني هتعب شوية بس مروان يستحق التعب ويستحق كل شيء حلو.
خرج شرف الدين من غرفته مُغلقًا الباب خلفه وأشار إلى الدرج قائلًا :
وإنتِ كمان تستحقي أحسن حاجة في الدنيا يلا بينا.
هبطت الدرج أمامه وهبط خلفها كان موسى لازال جالسًا أمام صَدفة يتحدث معها فوجد سُكر تخرج وخلفها شرف الدين وابتسم بخفة حين لمح وشاح رأسها فالتفتت صَدفة فوجدت سُكر خلفها، اقتربت سُكر منها وجثت على ركبة واحدة غير عابئة بردائها أمسكت يد صَدفة وقالت بابتسامة :
اسمعي الكلام يا صَدفة، كل حاجة هتبقى كويسة بس لازم تخليكِ واثقة في نفسك وطالما عندك حد بيمدلك إيده بالمساعدة مترديهاش امسكي فيها كويس يمكن تكون آخر فرصة ليكِ .. واعتبري كل يوم كأنه آخر يوم هتعيشيه اعملي كل حاجة على أكمل وجه عشان لو كان آخر يوم فعلًا متندميش على حاجة كان نفسك تعمليها وملحقتيش.
أنهت حديثها مُقبلة رأس صَدفة اعتدلت بوقفتها وابتسمت لموسى قائلة :
مُتعبة .. بس طيبة تستحق التعب.
ابتسم لها موسى وهز رأسه موافقًا فقال شرف الدين بهدوء :
نمشي؟
هزت سُكر رأسها بخفة وسارت أمامه تجاه السيارة فلمح شرف الدين والده وشقيقه وبصحبتهم فتاة ما فقال لسُكر :
تعالي معايا ثواني.
كان معاذ واقفًا مع والده الذي ينظر إلى ميلان بعدم تصديق بينما تنظر له ميلان بتعجب فمن أين يعرف اسمها؟
معاذ بتساؤل :
حضرتك تعرف ميلان منين يا بابا؟
اقترب والده قليلًا منه ثم تدارك نفسه قائلًا لمعاذ :
مامتك شافتها.؟
قال معاذ بصبر :
لا يا بابا لسه .. هتفهمني حضرتك إيه اللي بيحصل؟
تدخل شرف الدين بهدوء :
خير مالكم.؟
تنهد معاذ وقال بهدوء :
مفيش يا شرف الدين دي زميلتي .. ميلان، ده يا ميلان شرف الدين أخويا الأكبر مني.
قال شرف الدين لوالده مُشيرًا لسُكر :
دي مدام سُكر يا بابا صاحبة صَدفة وده والدي يا سُكر، وده معاذ أخويا الصغير.
ابتسمت سُكر بلطف وقالت :
اهلًا وسهلًا، معلش هعمل إزعاج عندكم كام يوم أنا ومروان.
سارع شرف الدين وقال بتوضيح :
مروان ابنها، عنده سنتين.
أشرق وجه إكرامي وقال لها بابتسامة :
هو فين؟
ابتسمت سُكر باتساع وقالت :
فوق في الأوضة نايم بس أنا قُلت لمدام مريم تاخد بالها منه.
قال إكرامي بسعادة :
أنا هخلي بالي منه متاخديش في بالك، تعالى يا مُعاذ ورايا وهات ميلان كمان.
ثم دخل للمنزل مُسرعًا بينما نظرت سُكر لشرف الدين وقالت :
والدك زي السُكر بجد.
اقترب منها قائلًا بهمس لم يسمعه سواها :
زيك يعني.
خجلت سُكر ونظرت أرضًا ولكنها رفعت رأسها واقتربت إلى ميلان بابتسامة هادئة :
إزيك.. أنا سُكر.
اقتربت منها ميلان ثم نظرت لها بابتسامة واسعة وقالت :
شكلك حلو أوي وفستانك كمان.
ربتت سُكر على ذراعها وقالت بلطف :
هعملك واحد لما نيجي.
ثم نظرت لمعاذ الذي ينظر لها بتعجب واضح وقالت :
اتشرفت بيك يا معاذ.
هز معاذ رأسه بعدم تركيز، فضحكت سُكر بخفة وسارت مع شرف الدين تجاه السيارة وهي تُحاول ترتيب الكلمات بعقلها مُتمنية أن يتفهمها ولا يُلقي عليها حُكمًا يجعلها تندم على إتخاذها ذلك القرار.

ظلال الزيتون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن